قاعدة البرج 22 الأمريكية في الأردن (أقمار صناعية)
قاعدة البرج 22 الأمريكية في الأردن (أقمار صناعية)
الأربعاء 31 يناير 2024 / 12:37

"البرج 22".. قاعدة أمريكا الاستراتيجية في صحراء الأردن

يقف "البرج 22" العسكري الأمريكي في أقصى شمال شرق الأردن وحيداً في صحراء شاسعة تندر فيها الحياة، محتفظاً بموقع جغرافي استراتيجي يطل على حدود سوريا والعراق المجاورتين معاً، ويتمركز فيه عدد غير معروف من أفراد الجيش الأمريكي محاطين بآليات وقدرات عسكرية غير محددة، وسُلّط الضوء عليه بعد هجوم 28 يناير (كانون الثاني) وأصبح محط بحث وتساؤل لدى الكثير.. فما هو وما دوره؟

لا يختلف البرج 22 عن أي قاعدة أمريكية أخرى موجودة في أي دولة حول العالم، إلا بالتسمية، فهو ليس برجاً بالمعنى الحرفي كما يتخيل الكثيرون، لكنّه قاعدة حيوية تضم جنوداً وآليات عسكرية، ومحاطة بنقاط حماية متعددة، وفيها برج يطلق عليه رسمياً اسم البرج 22. 

 أين تقع؟ 

تقع القاعدة العسكرية الأمريكية "البرج 22" في أقصى شمال شرق الأردن، بالقرب من منطقة الركبان، منزوعة السلاح على الحدود بين المملكة وسوريا، وتبعد 20 كيلومتراً عن قاعدة "التنف" الواقعة في الجهة المقابلة داخل الحدود السورية، و10 كيلومترات عن الحدود العراقية. 

ويعد البرج 22 واحداً من 23 برجاً منتشرة على طريق صحراوي يبدأ من مخيم الحدلات سابقاً ويمتد على طول الساتر الترابي الفاصل بين الأردن وسوريا على مسافة 100 كيلومتر وينتهي عند نقطة التقاء الحدود الأردنية السورية العراقية، وكان في الأساس جزءاً من برنامج أمن الحدود الأردني الذي بدأ عام 2008، وشهد تحولاً وتوسعاً كبيراً بعد بدء التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حربه على تنظيم داعش الإرهابي. 

وبحسب صور الأقمار الصناعة، فالقاعدة الأمريكية المنفردة في الصحراء الأردنية الشاسعة مكتوب على مدخلها الرئيسي اسم "البرج 22"، وتؤكد التقارير أن بناء القاعدة بدأ بالتوازي مع قاعدة التنف داخل سوريا، وتبعد عن الساتر الترابي الحدودي مع سوريا مسافة 550 متراً داخل الأردن، ويحيط بها 3 نقاط حماية من الجوانب. 

ماذا بداخلها؟

ظل البرج 22 موقعاً للجيش الأردني يراقب منه الحدود مع سوريا وحركة اللاجئين القادمين إلى المملكة بعد تصاعد الأزمة السورية في عام 2011، إلى أن بدأ تدريجياً في أعقاب عام 2015 باستقبال أولى وفود الجيش الأمريكي بالتوازي مع بدء انتشار القوات الأمريكية في سوريا، وتضم القاعدة الصغيرة نسبياً قرابة 350 جندياً، من القوات الجوية، وفرقاً من الهندسة والطيران، والدعم اللوجستي. 

كما كشفت صور الأقمار الصناعية الحديثة الملتقطة في الفترة ما بين يونيو (حزيران) وأكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن تفاصيل أخرى في قلب القاعدة الغامضة، ففيها على أقل تقدير أكثر من 70 مبنى، بينما لا تحتوي على مدرج جوي تنطلق منه الطائرات الحربية مثل "إف-16" وغيرها من المقاتلات الأمريكية المتطورة، لكن القوات الأمريكية المنتشرة في القاعدة ترتكز بشكل أساسي على الطائرات المروحية، وفي البرج 22 قرابة 9 طائرات هليكوبتر، بحسب "بي بي سي". وبحسب وكالة أسوشيتيد برس، توفر القاعدة نقطة انطلاق للجيش الأمريكي لمراقبة المنطقة وتنفيذ ضربات ضد الميليشيات الإيرانية المنتشرة في سوريا والعراق، كما كانت مركزاً لتنفيذ هجمات ضد داعش، بحكم وقوعها على الطريق السريع المؤدي إلى الحدود العراقية وصولاً إلى مدينة الموصل، معقل التنظيم الإرهابي سابقاً. 

الوجود العسكري الأمريكي في الأردن 

يرتكز التعاون العسكري بين الأردن والولايات المتحدة على تاريخ طويل، رسخ العلاقة بين الطرفين، وحوّل المملكة إلى واحد من أبرز حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط. 

وأخذ التعاون العسكري بين الأردن وأمريكا أشكالاً عديدة، بدءاً من التدريب والتسليح وصولاً إلى التمركز في القواعد، ومنذ بدء الأزمة السورية في 2011، ارتقى التعاون بين البلدين إلى مستوى جديد، فأنفقت الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات لمساعدة الأردن على إنشاء نظام مراقبة متطور يعرف باسم "أمن الحدود" لوقف تسلل الإرهابيين من سوريا والعراق.

وظل التعاون مستمراً ومتصاعداً إلى أن وقّعت الحكومة الأردنية اتفاقاً مع الولايات المتحدة في المجال العسكري في يناير (كانون الثاني) 2021 يتيح للجيش الأمريكي الوصول دون عوائق إلى عدة منشآت عسكرية أردنية.

وفي أواخر عام 2023 الماضي، طلبت المملكة من الولايات المتحدة نشر أنظمة دفاع جوي من طراز "باتريوت" لتعزيز دفاعاتها الحدودية، بالإضافة للمزيد من المساعدات لمواجهة الطائرات المسيّرة القادمة من سوريا والمستخدمة في تهريب المخدرات. 

وتؤكد "أسوشيتد برس"، أن الولايات المتحدة استخدمت قواعدها في الأردن منذ فترة طويلة كنقطة انطلاق، ومع ذلك، فإن الوجود الأمريكي في الأردن يواجه انتقادات مستمرة، ويجابه بمظاهرات شعبية تطالب بإنهائه خاصة مع تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.