الثلاثاء 20 مايو 2014 / 16:44

المصري الذي لم يفهم أغنية "الجسمي"


لماذا قد يمتنع مصري عن التصويت لمرشحه المفضل في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يومي 26 و27 مايو (أيار) القادمين؟ لا أجد سبباً، باستثناء ما إذا كان المواطن "مقاطعاً"، لانتمائه - أو تعاطفه مع - جماعة الإخوان المسلمين التي تستمر في إثارة الغضب، واستهداف الشرطة بمختلف أنواع العنف لعرقلة سير المرحلة الانتخابية الجارية.

لكن إذا كان المصري لا ينتمي للجماعة، ولا يتعاطف معها، كحال صديقنا المصري "أحمد" المقيم خارج بلاده، فلماذا امتنع عن التصويت في الأيام القليلة الماضية؟

قد يعود الامتناع لأسباب أولها أن يكون المصري من "السويس"، لأن الفنان الإماراتي "حسين الجسمي" غنى في "بشرة خير": "ما توصيش السوايسة، الدنيا هايصة كده كده"، معتبراً – في صورةٍ بلاغيةٍ لا أكثر - أن "السويسيين" في غنى عن "الوصية" حيث سيكونون من أوائل المصوتين دون أن يحثهم أحد على ذلك، شأنهم شأن أي مصري آخر في الواقع، ويبدو أن البعض كان بحاجة لـ "توصية" حتى يصوت، فلربما نسي أحمد التصويت أو تكاسل لأن أحداً لم "يوصه"... لكن أحمد ليس أصلاً من السويس.

لذا، فإن ثاني الاحتمالات، أن يكون المصوت امرأة، وضايقها ما اعتبرته "عنصرية" بقول الجسمي "اللمة دي لمة رجال"، ولكون هذه المصرية جاهدت وكافحت، ولربما أيضاً بذلت أرواح أبنائها أو زوجها في ثورة 25 يناري 2011 التي "سرقت"، واستاءت من عدم مخاطبة الجسمي للنساء، جامعاً إياهن مع الرجال في كلمة واحد، لأن وزن الأغنية ما كان ليستقيم، بطبيعة الحال، إذا أضاف الشاعر "أيمن بهجت قمر" كلمة "ستات" – أو نساء – إلى جانب "لمة رجال"، لذا امتنعت صاحبتنا عن التصويت، لأنها اعتبرت في الأغنية تجاهلاً للنساء ودورهن في الثورة المصرية وصنع القرار المصري المستقبلي.

لكن صاحبنا المصري ليس امرأة أيضاً – كما نفهم من اسمه الافتراضي "أحمد"، لذا فإن الاحتمال الثالث هو أن المصري "غار" من أن الجسمي سيأتي "مع السوهاجي، والقناوي والسيناوي"، بحسب أغنيته، فلماذا يفضل هذه المحافظات على محافظة صديقنا المصري أحمد، الذي هو من القاهرة؟

والاحتمال الرابع، هو أن يكون صاحبنا المصري "زملكاوي"، وبالتالي تضايق من عبارة "الإسماعلاوية يا ما كادوا العدا"، بما فهمه على أنه إشارة لتغلب فريق الإسماعيلية على الزمالك شهري يناير(كانون الثاني) و مايو (أيار) بهدف مقابل لا شيء في المرتين في الدوري المصري الممتاز، العام الجاري.

لكن أحمد ليس زملكاوياً، ولا أهلاوياً ولا إسماعيلاوياً أيضاً، والواقع أنه ليست لديه ميول كروية بالمرة... فلماذا إذن لم يصوت أحمد؟

لأنها "مش فارقة معاه" من يحكم مصر ومن لا يحكم، فلم يعش فيها سنةً كاملةً "على بعضها" طوال حياته، وكان يزورها في المناسبات فقط، ليستمتع بشواطئ شرم الشيخ، وربما يزو الآثار "بالصدفة".

لأنه ليست لدى أحمد أي ميول سياسية، ويعتقد، مخطئاً ككثيرين، أنه لا ضرورة لتصويته ما دام لا ينتمي لحزب معين، ولم يشارك فعلياً في ثورة 25 يناير، ولا 30 يونيو.

لأن أحمد، ككثيرين أيضاً، فقد الأمل في أن ينصلح حال مصر، ليس فقط لما حدث في البلاد على مدى الأعوام الثلاث المنصرمة، ولكن لما حدث فيها على مدى الـ 24 عاماً التي عاشها أحمد، فلعله يتساءل: إن لم يتغير الحال أمس، ما الذي يدفعه للتغيير اليوم؟

أنت.. أنت يا أحمد وسواك من المصريين هم من تغيروا، مروا بـ "أفعوانية" من التقلبات في ما يزيد قليلاً عن ثلاث سنوات من "صناديق" انتخابية" و"تزوير" في الانتخابات، وإشاعات، وعنف وإرهاب، ومروا قبل ذلك بثلاثين عاماً من حكم رجل واحد، خذلته قراراته وحاشيته نهاية المطاف، وإن كان المصريون غنوا له في البداية، وغنيت معهم صغيرةً، "اخترناك".

أنت يا أحمد من يناشده الجسمي في الأغنية اليوم، أياً يكن انتماؤك - أو عدم انتمائك - السياسي، عليك أن تصوت، لغد مصري يشعر فيه المصريون أنهم يد واحدة، وقلب واحد، لغد لا يمكنك أن تتظاهر فيه بأنك كنت جزءاً منه في المستقبل، لأنك، يا أحمد، تقاعست عن القيام بأبسط أمر طلبه منك وطنك في حاضره، ألا هو إعطاء صوتك في صندوق الانتخابات، أياً يكن مرشحك المفضل، فحتى "الجسمي"، وهو غير مصري الجنسية، أعطى "صوته" في أغنية، ليشجع المصريين على إعطاء أصواتهم...أليس ثمة صوت، وأنت المصري، لك يا أحمد؟