مجموعة من المهاجرين على الحدود الأمريكية (إكس)
مجموعة من المهاجرين على الحدود الأمريكية (إكس)
الخميس 8 فبراير 2024 / 14:58

"صفقة الحدود" من حيلة سياسية إلى انقسامات في الحزب الجمهوري

بدأ الأمر كحيلة سياسية ذكية من الحزب الجمهوري: حيث سيحجب الحزب أصواته عن المساعدات الخارجية التي يسعى الديمقراطيون إلى تحقيقها، ما لم يتم القيام بشيء حيال تدفق المهاجرين على الحدود الجنوبية.

سياسات الهجرة لطالما كانت سامة في مجلس الشيوخ الأمريكي، ومع قرب مباراة العودة بين ترامب وبايدن، باتت التسوية بين الحزبين أقل احتمالاً

إلا أن المناورة التي كان الجمهوريون يأملون ذات يوم أن تؤدي إلى تقسيم خصومهم، انتهت إلى كشف انقساماتهم وعدم تحقيق أي مما سعوا إليه، ما عرضهم لاتهامات بممارسة الألاعيب السياسية.

قضية مستعصية

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في تقرير لها اليوم الخميس، أنه على مدار عقود من الزمن، حاول أعضاء من كلا الحزبين إصلاح نظام الهجرة الذي يتفق معظمهم على أنه معطل بشدة، لكنهم تعثروا في قضية سامة مستعصية على الحل، أصبحت أكثر خطورة بسبب مباراة العودة التي تلوح في الأفق بين الرئيس بايدن ودونالد ترامب.

ومع انهيار أحدث هذه الجهود يوم أمس الأربعاء، وفشلها في تمرير التصويت في مجلس الشيوخ، فقد ترك المفاوضون الذين يقفون وراءها يشعرون بالأسى، لأن أشهراً من الجهود الجادة لم تسفر عن أي شيء.

خيبة الأعضاء

وقالت السيناتور كيرستن سينيما، المستقلة من ولاية أريزونا: "لقد تفاوضنا جميعاً بحسن نية، لقد أصدرنا مشروع قانون اعتقد الكثيرون أنه مستحيل، ولكن بعد أقل من 24 ساعة من إصداره، غير زملائي الجمهوريون رأيهم. لقد اتضح أنهم يريدون الكلام وليس الفعل".

وقال كبير المفاوضين الجمهوريين، السيناتور جيمس لانكفورد من أوكلاهوما: "الأمريكيون منزعجون من عدم حل هذه المشكلة، إنهم يتوقعون منا أن ننجز الأمور، فلماذا لا نفعل ذلك؟".

وأوضحت الصحيفة أن النتيجة النهائية، هي دولة أقل أمناً في الداخل والخارج: فالوضع الحدودي الذي يصفه الطرفان بأنه فوضوي وخارج عن السيطرة يظل دون معالجة، ويظل الحلفاء الذين يخوضون حروباً صعبة في إسرائيل وأوكرانيا دون مساعدة، في انتظار المساعدة العسكرية الأمريكية الموعودة منذ فترة طويلة.

تسوية أم لعنة

من جهتها، قالت إليزابيث نيومان، التي عملت في إدارة ترامب في وزارة الأمن الداخلي: "ما يحدث على الحدود الآن ليس آمناً، ولا يمكن الدفاع عنه، إنها أزمة إنسانية".

وألقت نيومان باللوم على سياسات الحملة الانتخابية في الوصول إلى الطريق المسدود، ولا سيما كتلة من الجمهوريين المعادين للمهاجرين الذين يعتبرون أي تسوية بمثابة لعنة.

وأضافت "الجمهوريون لا يفعلون ما تم تعيينهم للقيام به، وهذا أمر مخيب للآمال للغاية. أشعر بخيبة أمل كبيرة، ولكنني لست مندهشة".

ولم تكن هذه هي النهاية التي تصورها الجمهوريون في الخريف الماضي، عندما رأوا الفرصة سانحة لإحباط الديمقراطيين وجمع حزبهم معاً.

ولطالما زعم الشعبوَيين في الحزب الجمهوري، مثل النائبة عن جورجيا مارجوري تايلور جرين، أن الولايات المتحدة لا ينبغي لها أن ترسل المزيد من المساعدات إلى أوكرانيا بينما لا تتم تلبية الاحتياجات المحلية.

نقطة ضعف بايدن

ولفت تقرير "وول ستريت جورنال"، إلى أن أزمة الحدود المتصاعدة برزت باعتبارها نقطة ضعف متزايدة لإدارة بايدن، التي فضلت التقليل من أهمية هذه القضية وتجنبها.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن الناخبين المستقلين يشعرون بقلق متزايد بشأن أمن الحدود، في حين ناشد رؤساء البلديات الديمقراطيون الذين امتلأت شوارعهم بالمهاجرين الرئيس طلباً للمساعدة.

وقال القادة الجمهوريون إنه "إذا أراد بايدن المال لأوكرانيا وإسرائيل، فسيتعين عليه أن يأتي إلى الطاولة لمعالجة هذه الأزمة الداخلية أيضاً".

تاريخ طويل

وذكرت الصحيفة أنه بالنسبة للمخضرمين في هذه القضية، فإن المفاجأة ليست في فشل هذه المحاولة، ولكن في أن أي شخص كان يعتقد أنها يمكن أن تنجح في ضوء تاريخ العقود القليلة الماضية، من التقاعس عن العمل والجمود والسياسات السامة.

ففي عام 1986، دافع رونالد ريغان عن تغييرات في قوانين الهجرة، الأمر الذي أدى إلى منح عفو لأكثر من 3 ملايين مهاجر غير شرعي.

وفي 2006، حاول جورج دبليو بوش تكرار هذا العمل الفذ باقتراح شامل لتشديد الحدود، مع منح الطريق للحصول على الجنسية.

ولكن هذه الجهود قوبلت بموجة عارمة غير متوقعة من المعارضة الشعبية من اليمين، مما أنذر بالديناميكيات السياسية التي من شأنها أن تشتد في السنوات التالية وتساعد في صعود ترامب.

قضية متفجرة

وعززت الأزمة الشعور بين الجمهوريين، بأن أي صفقة بشأن الهجرة كانت محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية.

وقال بريندان باك، المساعد السابق لرئيسي مجلس النواب السابقين جون بوينر وبول رايان، وكلاهما يدعم شخصياً تغييرات سياسة الهجرة: "هذه القضية بالذات متفجرة للغاية في السياسة الجمهورية، ولا يوجد مكان آمن يمكن أن تكون فيه، فهي مثيرة للانقسام للغاية بحيث لا يمكن مواجهتها".

وأضاف "لا يهم تقريباً ما هو موجود في مشروع القانون، فالمحافظون سيكونون غاضبين ومستاءين من أي شيء يفعلونه. يعلم كل عضو أن هذه القضية يمكن أن تدفع النشطاء أكثر من أي شيء آخر إلى التصويت لإقالتك من منصبك".

وبينما طالب المزارعون ومجتمع الأعمال والزعماء الدينيون ومؤسسة الحزب الجمهوري بإيجاد حل، استغلت هذه القضية المخاوف العميقة حول التغيير الثقافي والديموغرافي لدى العديد من المحافظين العاديين.

وضع سيئ للغاية

وأوضح تقرير الصحيفة أن الوضع الحالي على الحدود أصبح سيئاً للغاية، لدرجة أن العديد من الديمقراطيين أصبحوا على استعداد لقبول اقتراح، من شأنه فقط قمع سياسات الحدود واللجوء، دون أي تقنين للأشخاص غير المسجلين.

وحتى بايدن الذي كان حذراً ذات يوم من تنفير التقدميين المؤيدين للهجرة، اكتشف حماساً جديداً لإغلاق الحدود.

ومع ذلك، مع استمرار محادثات لانكفورد-ميرفي-سينيما حتى نهاية عام 2023، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن صقور الهجرة كانوا يستعدون لمعارضة كل ما توصلوا إليه.

وقال التقرير: "إن قادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب، الذين أصروا ذات مرة على أن أزمة الحدود ملحة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها، أشاروا إلى أن التسوية المختمرة غير مقبولة".

وقال الرئيس بايدن في خطاب مثير للريبة أول أمس الثلاثاء: "قبل أشهر فقط، كان الجمهوريون يطالبون بمشروع القانون هذا بالضبط للتعامل مع الحدود، وتقديم الدعم لأوكرانيا وإسرائيل، والآن هو هنا، وهم يقولون: لا يهم".