السيارة المستهدفة بالغارة الأمريكية في العراق (أ.ب)
السيارة المستهدفة بالغارة الأمريكية في العراق (أ.ب)
الخميس 8 فبراير 2024 / 21:23

الهجمات الأمريكية تعجل خروج التحالف الدولي من العراق

تهدد الغارة الأمريكية بطائرة بدون طيار التي أسفرت عن مقتل قائد فصيل مسلح مدعوم من إيران في العراق، بمزيد من التوتر في العلاقات مع بغداد وتكثيف الضغط الشعبي والسياسي على الحكومة العراقية لطرد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يساعد في القتال ضد تنظيم داعش في البلاد.

الضربات الجوية الأمريكية لديها قدرة محدودة على التأثير على السياسة والأمن العراقيين

وبحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أدت ضربة، الأربعاء، في العاصمة العراقية إلى مقتل قائد ميليشيا كتائب حزب الله، التي قال البنتاغون إنها مسؤولة عن التخطيط المباشر والمشاركة في الهجمات على القوات الأمريكية في المنطقة فيما اتهم رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، الخميس، الولايات المتحدة بانتهاك سيادة بلاده، قائلا إن الضربة ستدفع بغداد إلى إنهاء مهمة التحالف العسكري.

اشتباكات متصاعدة

وأدت أشهر من الاشتباكات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والميليشيات المدعومة من إيران في البلاد إلى زيادة الضغط سواء من العراقيين العاديين أو من الفصائل السياسية الموالية لإيران على رئيس الوزراء للدفع بتعجيل وتسريع الخروج الأمريكي فيما يتمركز حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق، لتقديم المشورة والمساعدة للقوات المحلية لمنع عودة ظهور تنظيم داعش الأمريكي.

وبحسب الصحيفة، إذا اضطرت الولايات المتحدة إلى المغادرة أو تقليص وجودها بشكل كبير، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل نفوذها المتناقص بالفعل في المنطقة، وتقويض النجاحات السابقة في هزيمة تنظيم داعش الإرهابي والمخاطرة بإخلال التوازن الإقليمي الهش بين القوى المتنافسة، من إيران إلى روسيا وتركيا.

وبينما تواجه الولايات المتحدة الميليشيات المدعومة من طهران في الشرق الأوسط في محاولة لمنع المزيد من الهجمات على الجنود الأمريكيين، فإن التحدي الذي يواجه واشنطن هو القيام بذلك دون زرع المزيد من الفوضى في منطقة مضطربة بالفعل. وذلك لأن الميليشيات التي استهدفتها في العراق لا تحظى بدعم طهران فحسب، بل هي أيضاً جزء من المؤسسة الأمنية في العراق.

ضغوط سياسة

وقالت الخبيرة في شؤون العراق وإيران لدى شركة كونترول ريسكس الاستشارية أنيسة بصيري تبريزي، إن الضربات الأخيرة يمكن أن تزيد من الضغوط السياسية على السوداني لوضع جدول زمني واضح للانسحاب..ينظر اللاعبون السياسيون في جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية العراقية، بما في ذلك السوداني، إلى الضربات على أنها دليل على أن الوجود الأمريكي في العراق يزعزع استقرار البلاد ويزيد من فرص جر العراق إلى مواجهة إقليمية وجره إلى الحرب".

ومن خلال ضرب الميليشيات في العراق وسوريا، تسعى واشنطن إلى ردع المزيد من الهجمات على جنودها لكن من غير الواضح ما إذا كان من الممكن تقييد الميليشيات وفي ذات الوقت رد المسلحون العراقيون، الأربعاء، بإطلاق طائرة بدون طيار على قاعدة عسكرية تضم قوات أمريكية في شرق سوريا.

وتشير الصحيفة إلى أن الضربات الأمريكية على الأراضي العراقية، وخاصة بغداد، كشفت عن نقطة ضعف رئيسية للحكومة العراقية وهي اعتمادها الجزئي على الميليشيات التي تشكل جزءاً من الجهاز الأمني في البلاد، والتي تتلقى الأموال لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، ولكنها تهاجم أيضاً رعاة بغداد الأمريكيين.

وذكرت الصحيفة أنه في أعقاب الضربات الأمريكية الأخيرة، اختبأ العديد من قادة الميليشيات المدعومة من إيران في كردستان العراق، أو في فنادق راقية في بغداد، أو عبروا الحدود إلى إيران، وفقاً لمسؤول عراقي ومستشار أمني أمريكي وأعربوا عن قلقهم من أن تنظيم داعش سيعمل على استغلال الفوضى لتظيم الصفوف والعودة من جديد.

صديق عدو

بالعودة إلى الوراء قليل تقول الصحيفة "مع صعود تنظيم داعش الإرهابي المتطرف بعد عقد من الزمن، والذي هدد المصالح الأمريكية وإيران وميليشياتها، وجدت الولايات المتحدة نفسها تتقاسم عدواً مشتركاً مع مختلف الجماعات المدعومة من طهران والمعروفة باسم قوات الحشد الشعبي"، بما في ذلك كتائب حزب الله ولم يؤثر ذلك على قوات التحالف.

ومع ذلك، بعد زوال تنظيم داعش، استأنفت الميليشيات هجماتها على المصالح الأمريكية وفي عام 2020، قتلت غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في بغداد القائد الأعلى لكتائب حزب الله أبو مهدي المهندس، إلى جانب القائد الإيراني قاسم سليماني، مهندس تحالف الميليشيات الإقليمي الإيراني، في محاولة للحد من التهديد الذي تتعرض له القوات الأمريكية.

ووفقاً لمعهد واشنطن للدراسات القريبة مركز أبحاث السياسة الشرقية قائد الميليشيا الذي قُتل، الأربعاء، والذي لم يذكره البنتاغون ولكن تم تحديده في وسائل الإعلام العراقية باسم أبو بكر السعدي، كان ذات يوم حارساً شخصياً للمهندس وغالباً ما كان يرافقه في اجتماعات مع سليماني.

وقال مدير مشروع مبادرة العراق في تشاتام هاوس ريناد منصور، إن "المسار يُظهر أن الضربات الجوية الأمريكية لديها قدرة محدودة على التأثير على السياسة والأمن العراقيين، وأضاف منصور، أن الميليشيات تعتمد على شريحة متضائلة من المجتمع في تعبئتها لكنها الآن ستستخدم الضربات الأمريكية عذراً للقول بأنهم يقاتلون الأمريكيين في سبيل السيادة العراقية ودعماً للقضية الفلسطينية وهي الطرق التي تحاول بها هذه الجماعات استعادة "فجوة الشرعية" الخطيرة التي تواجهها هي والقيادة العراقية بأكملها محلياً.