الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال زيارته لقصر الإليزيه في باريس (وكالات)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال زيارته لقصر الإليزيه في باريس (وكالات)
الخميس 22 فبراير 2024 / 12:28

دعم أوكرانيا يستنزف خزينة الاتحاد الأوروبي

يفرض استمرار الحرب في أوكرانيا على الاتحاد الأوروبي أسئلة حتمية في ظل حقائق قاتمة ترى في أروقة حكومية مختلفة، أولها كيف ستمر الأشهر الـ12 القادمة، وثانيها كم هو حجم الدعم المطلوب لتعزيز صمود كييف؟

وبحسب تقرير لشبكة "سي إن إن"، فإن السؤال الأهم المطروح على طاولات الاتحاد الأوروبي السياسية، هو إلى متى نستطيع أن نحافظ عملياً على مستوى الدعم المالي المُستنزِف لخزينتنا والمقدم إلى أوكرانيا؟

طريق مسدود 

ولا جديد في هذه الأسئلة جميعها، فهي تتردد في الكثير من الدوائر الرسمية، كونها تعكس حقائق قاتمة يراها قادة الاتحاد الأوروبي بوضوح، وقد وصلت الحرب إلى طريق مسدود، وتهاوت دفاعات أوكرانيا في أفدييفكا أمام الضربات الروسية القوية، لتصبح أقسى هزيمة تمنى بها كييف بعد باخموت في مايو (أيار) الماضي، وأهم نصر تحظى به موسكو والرئيس فلاديمير بوتين قبيل الانتخابات المقبلة. 

وأصبح السؤال أكثر إلحاحاً على قادة الاتحاد الأوروبي، بعد تعطل ماكينة الدعم الأمريكي، وتصدع الكونغرس وغرقه في نزاعات وخصومات طويلة، وتجاذبات يطمح الرئيس جو بايدن لوأدها سريعاً بقرار فيتو رئاسي يمنع مزيداً من التضعضع في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

 ويقول التقرير، لا توجد أصوات غربية جادة ترغب في التخلي عن كييف، لكن لا يمكن إنكار أن الإرهاق بدأ ينهك قوى الحلفاء مع تزايد الأعباء المالية.  

اندلعت الحرب في 24 فبراير (شباط) 2022، ومنذ ذلك الوقت، أنفق الاتحاد الأوروبي وحلفاؤه الإقليميون أكثر من 100 مليار دولار لتمويل جهود أوكرانيا الدفاعية، وفي وقت سابق من الشهر الجاري، وافق زعماء الاتحاد الأوروبي على حزمة مساعدات جديدة بقيمة 54 مليار دولار تقدم على دفعات حتى عام 2027. كما تعهدت المملكة المتحدة، بأكثر من 15 مليار دولار لأوكرانيا منذ عام 2022.  
وفي حين أن دعم الغرب الهائل لأوكرانيا منذ عام 2022 فاجأ الكثيرين حول العالم، لكنه أثبت حقيقة واحدة، وهي "كلما طال أمد الحرب، زاد الإرهاق". 

مخاوف 

وفي المستقبل، قد تجف منابع التمويل تدريجياً محكومة بعدم وجود نهاية واضحة للصراع بين روسيا وأوكرانيا، وتحول الاهتمام إلى الشرق الأوسط في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، فضلاً عن المخاوف المحلية في الدول الأوروبية الناجمة عن تنامي أزمات تكاليف المعيشة مع ارتفاع نسب التضخم في جميع أنحاء العالم، وبالتالي، قد يصبح إنفاق مبالغ ضخمة أخرى في أوكرانيا أكثر صعوبة من الناحية السياسية للحكومات الأوروبية.

ويقول التقرير، لا يحتاج المسؤولون الأوروبيون الكثير لاستشراف المستقبل، فنظرة واحدة إلى الصعوبة التي يواجهها الرئيس الأمريكي جو بايدن في تمرير حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا عبر الكونغرس، كفيلة أن توضح لهم التأثير الواقعي المترتب على تمويل حرب خارجية مكلفة.  

عودة ترامب 

كما تفرض احتمالات عودة ترامب إلى البيت الأبيض شؤماً أكبر على المشهد السياسي في الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، وعلى أوكرانيا بشكل عام، ورغم أن الرئيس الأمريكي السابق لم يوضح سياسته تجاه أوكرانيا بعد، إلا أن ادعاءه بأنه قادر على إنهاء الحرب في غضون 24 ساعة، وخطابه السابق المناهض لحلف شمال الأطلسي، وازدراءه العام للمؤسسات الأوروبية، وإعجابه الغريب ببوتين، يكشف نواياه المقلقة لحلفاء أمريكا. 

وعلى مستوى الدعم العسكري، فلا أحد يستطيع الجزم كيف سيبدو، وإن كان سيستمر أم لا، لكن يبدو معقولاً جداً أن يتصور الجميع السيناريو الأسوأ بالنسبة لأوكرانيا، حيث سيفقد الجيش الزخم، وتتراجع سيطرته على مناطق أخرى لصالح روسيا، بينما يلوح ترامب بوقف الدعم، بعد التأكيد على أن أمريكا أنفقت كل ما في جعبتها، وهذا الاحتمال مثار قلق كبير للمسؤولين الأوروبيين، الذين يعتقدون أن بوتين يتريث هذه اللحظة المناسبة، وحينها تصبح الأشهر الـ12 المقبلة حاسمة أكثر من أي وقت مضى بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يرغب بشكل حتمي برؤية روسيا مهزومة في أوكرانيا، ولتحقيق ذلك، فعليه أن يغض الطرف عما يحدث في الولايات المتحدة ويواصل الدعم حتى النهاية. 

ممكن وصعب  

ويرد معظم المسؤولين عند سؤالهم عن إمكانية استمرار الدعم الأوروبي لأوكرانيا، بالقول، إن هذا الخيار ممكن، لكنه صعب بالتأكيد. ويؤكد مسؤول كبير في الناتو للشبكة الأمريكية، أن الأوضاع المالية في الاتحاد الأوروبي قوية ولا يزال في جعبته الكثير ليقدمه إلى حليفته أوكرانيا، ومن بين خياراته المطروحة على الطاولة استخدام الأموال الروسية المجمدة للمساعدة في تمويل أوكرانيا".

ويضيف المسؤول "على الرغم من أنه لا يمكن استخدام الأموال والأصول الروسية المجمدة بشكل قانوني لشراء أسلحة لصالح أوكرانيا، إلا أنه يمكن استخدامها لتغطية تكاليف التعويضات، وتوفير الأموال لشراء الأسلحة من ميزانيات الاتحاد الأوروبي الوطنية". 

وتثير مسألة استخدام أصول روسيا المجمدة قلقاً كبيراً، ويرى دبلوماسيون، أن الإقدام على خيار كهذا يعد سابقة خطيرة، قد يعطي الضوء لدول أخرى بينها الصين لاستخدام السلاح نفسه مستقبلاً ضد أعدائهم، مشيرين إلى أن بكين قدمت قانوناً جديداً العام الماضي يسهّل عليها القيام بمصادرة الأصول الأجنبية داخل أراضيها.
ويبقى القلق الأكبر متعلقاً بمدى قدرة الاتحاد الأوروبي على دعم أوكرانيا بالأسلحة اللازمة لكسب الحرب دون الدعم الأمريكي، والجواب على ذلك بحسب الخبراء، هو لا، فأوروبا ببساطة لا تملك القدرات التصنيعية الكافية في الوقت الحالي وعلى مدار الأشهر الـ12 المقبلة، لتغطية حاجة أوكرانيا من السلاح.