خامنئي يلوح بيده وبجواره حسن خميني. (أرشيف)
خامنئي يلوح بيده وبجواره حسن خميني. (أرشيف)
الجمعة 1 مارس 2024 / 18:36

انتخابات إيران تمهد الطريق لخلافة خامنئي

ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن الساحة الإقليمية والدولية منحت الفرصة لطهران لتحسين وضعها الاقتصادي والسياسي، ولكن الانتخابات التي تُجرى اليوم تمهد الطريق لليوم التالي للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

 

وقالت "هآرتس" في تحليل أعده المُحلل الإسرائيلي تسيفي بارئيل إن المسؤولين عن هندسة الانتخابات في إيران أنهوا عملهم منذ حوالي أسبوعين، بعد "غربلة" قائمة تضم أكثر من 45 ألف متنافس، واستبعاد كل من يُعد غير مؤهل. وسيتنافس الباقون، وهم 15200، على 290 مقعداً في البرلمان، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تستمر السلطة المحافظة المتطرفة في إيران.

 


المقاطعة

ووفقاً للصحيفة، فإن المخاوف لدى القادة الإيرانيين ليس النجاح الساحق الذي يحققه معارضو النظام، بل من أن يحتج الجمهور ويقاطع الانتخابات بسبب الإحباط لغياب الآفاق الاقتصادية وفرص التغيير السياسي. ولفتت إلى أنها الانتخابات الأولى التي تُجرى في إيران بعد احتجاجات الحجاب التي اندلعت في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد وفاة مهسا أميني، وهي شابة من أصل كردي تبلغ من العمر 22 عاماً، تم اعتقالها لوضعها الحجاب في طريقة غير لائقة، وتوفيت في السجن في طهران.

نسبة المشاركة

وتتوقع التقديرات المستندة إلى استطلاعات الرأي العام غير الرسمية أن تبلغ نسبة المشاركة في الانتخابات نحو 40% أو 42%، وهي نسبة مماثلة للانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2021، حيث ذهب الإيرانيون آنذاك إلى صناديق الاقتراع على خلفية المظاهرات الحاشدة التي بدأت في ديسمبر (كانون الأول) 2019، فضلاً عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو (أيار)، والعقوبات القاسية التي فُرضت على إيران من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب.

فشل اقتصادي

وتابعت الصحيفة: "تمكنت إيران منذ الانتخابات السابقة،  من وضع نفسها في مكان مختلف، إلا أن اقتصادها لا يزال يفشل، لقد انخفض معدل البطالة من نحو 10% في نهاية العام الماضي إلى 7.6%، لكن الرقم الأكثر أهمية هو مدى انتشاره بين الشباب المتعلم، حيث بلغ أكثر من 14%، ولا يزال معدل التضخم الرسمي أعلى من 40%، ولا تزال تعهدات الرئيس إبراهيم رئيسي بخفضه إلى 30% على الورق".
وفي الوقت نفسه، انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السنوي إلى نحو 4700 دولار، أي أقل بنحو 30% عن العام الماضي، ولم يسلم البرلمان الإيراني المنتهية ولايته من الانتقادات اللاذعة لحكومة رئيسي، وأوضحت الصحيفة أنه في خطوة غير معتادة، أمر العام الماضي بإقالة وزير الصناعة رضا فاطمي أمين بسبب ما وصف بـ"سوء الإدارة"، كما كاد أن يقيل نائب وزير الداخلية محمد رضا غلام رضا، وبالإضافة إلى ذلك، تم استدعاء رئيسي لجلسة استماع حول خططه الاقتصادية التي لم يتم تنفيذها.
واستطردت هآرتس: "لكن في مواجهة الإخفاقات الاقتصادية وعدم وجود استراتيجية اقتصادية سليمة، أتاحت الساحة الإقليمية والدولية لإيران فرصاً جديدة لتحسين وضعها الاقتصادي والسياسي".

 

 

ثورة في العلاقات الإيرانية

وقالت هآرتس، إن سياسة تعزيز العلاقات مع دول بالمنطقة، والتي اتبعها خامنئي، أحدثت ثورة في العلاقات الإيرانية، موضحة أنه من المفارقة أن طهران صارت مورد أسلحة لموسكو، حيث تبيع لها طائرات مسيرة وصواريخ وسيارات أيضاً، ليقفز حجم التجارة بين البلدين إلى أكثر من خمسة مليارات دولار، منها نحو مليارين يأتي من الصادرات الإيرانية إلى روسيا، كما تم تخفيض الاعتماد على الدولار بشكل كبير، عندما قررت في ديسمبر (كانون الأول) الاتجار  بالعملة المحلية، وبالتالي تجاوز استخدام نظام التسوية الدولي "سويفت".

تحويل الأنظار بعيداً عن النووي

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية، أن الحروب في أوكرانيا وغزة أدت إلى تحويل الاهتمام العالمي عن الصناعة النووية الإيرانية، مستطردة: "يبدو أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي الوحيدة التي لا تزال تهتم بإصدار تقارير دورية، تشير إلى أن طهران منزعجة من العقوبات المفروضة عليها".
ووفقاً لآخر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شهر فبراير (شباط) الماضي، فإن إيران تمتلك نحو 5,5 طن من اليورانيوم المخصب، منها نحو 121,5 كيلوغراماً عند مستوى التخصيب 60%، وهذه بالطبع كمية أقل بنحو ستة كيلوغرامات مما كانت تمتلكه من اليورانيوم، موضحة أنه وفقاً لتعريفات الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% كافية لإنتاج كمية من المواد التي تكفي لصنع قنبلة نووية واحدة.
وذكرت الصحيفة، أنه على الرغم من أن هذه الحسابات نظرية، إلا أن هناك فجوة تكنولوجية كبيرة بين كمية اليورانيوم والقدرة على إنتاج القنبلة النووية، ولكنها قالت إن النظام الإيراني يبدو أنه قادر على الاستمرار في تقديم استعراض براعته في مواجهة الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي.

حرب غزة ومكانة إيران

وتقول هآرتس إن الحرب في غزة منحت إيران مكانة دولة إقليمية رئيسية، لأنها تتمتع بالقدرة على منع نشوب حرب إقليمية شاملة، أو على الأقل السيطرة على ارتفاع النيران التي أشعلها حلفاؤها في لبنان والعراق وسوريا واليمن.  
وتابعت: "من الصعب أن نرى كيف سيتم ترجمة الوضع الإقليمي الجديد الذي منحته إيران بسبب الحروب في أوكرانيا وغزة، والعلاقات الجديدة التي طورتها مع دول المنطقة، إلى تعزيز مكانة النظام في نظر الرأي العام الإيراني

 

صراع داخلي

وتشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن الساحة الداخلية تشهد تطور صراع على السلطة لا علاقة له بالصراع الإقليمي، ويتعلق الأمر بمسألة الخلافة نظراً لعمر خامنئي (الذي سيبلغ 85 عاماً هذا العام)، وحالته الصحية السيئة.
وأوضحت أن المرشد الأعلى عيّن لجنة مكونة من ثلاثة من كبار رجال الدين، بينهم الرئيس رئيسي، لدراسة المرشحين المحتملين ليحلوا محله عندما يحين الوقت، وبموجب الدستور، فإن تعيين أو عزل المرشد الأعلى يتم اتخاذ قرار بشأنه من قبل مجلس الخبراء، المؤلف من 88 عضواً، والذين يتقدمون أيضاً للانتخابات اليوم، ولذلك فإن انتخابات هذا العام أكثر أهمية.

هل يخرج ميزان القوى الإيراني عن السيطرة؟

وقالت هآرتس، إن هذا الصراع ليس شخصياً بين المرشحين لتولي هذا المنصب، ولكن ستواجه إيران موقفاً أكثر صعوبة بين المؤسسة الدينية القوية والحرس الثوري بعد خامنئي الذي استطاع تحقيق التوازن بينهما من خلال سلطته في تعيين القادة، مستطردة: "قد يخرج ميزان القوى هذا عن السيطرة مع رحيل خامنئي، ولم يتضح بعد من يمكن أن يكون الزعيم القادر على شغل مكانه".