فلسطينيون يؤدون صلاة التراويح في المسجد الأقصى (أ ف ب)
فلسطينيون يؤدون صلاة التراويح في المسجد الأقصى (أ ف ب)
الأربعاء 13 مارس 2024 / 10:57

الحرب تلقي بظلالها على رمضان في القدس

تتواصل الحرب في قطاع غزة للشهر السادس على التوالي، ملقية بظلالها على كل مكان في الداخل الفلسطيني، وفي مختلف أنحاء الشرق الأوسط.

ولا يبدو أن رمضان أهل غزة وحدهم هو الذي اختلف هذا العام، إذ جاء الحال نفسه ليسيطر على الوضع في الضفة الغربية والقدس، وفقاً لما يذكره تقرير لشانتال دا سيلفا على موقع شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية.

ووفق التقرير، عادة ما تكون شوارع البلدة القديمة في القدس مزدحمة خلال شهر رمضان، لكنها كانت هادئة إلى حد كبير يوم أول أمس الإثنين، مع توجه مجموعات صغيرة من المصلين إلى المسجد الأقصى، بينما كانت شرطة الحدود الإسرائيلية تقوم بدوريات في المنطقة.

تصاعد التوترات

ومع عدم وجود وقف لإطلاق النار في الأفق، ألقت الحرب في غزة بظلالها الثقيلة على بداية الشهر الكريم، مع مخاوف من تصاعد التوترات حول المسجد الأقصى المبارك.

وقامت شرطة الحدود الإسرائيلية بدوريات في شوارع الحي الإسلامي في البلدة القديمة، وهي منطقة تعج عادة بالناس وتزين بالأضواء والفوانيس والزخارف خلال شهر رمضان. 

وكان الجو هادئاً بشكل ملحوظ، مع عدم وجود أي علامات احتفال، حيث شقت مجموعات صغيرة من المصلين طريقهم إلى الأقصى، ثالث أقدس موقع في الإسلام، لأداء صلاة الظهر.

الشهر الأهم

وقال جميل حلواني، وهو صاحب متجر، إن رمضان هو "أهم شهر بالنسبة لنا" بالنسبة للمسلمين في جميع أنحاء العالم، لكن هذا العام، على حد قوله، غابت "فرحة رمضان" المعتادة، وقت الصيام والصلاة والخدمة والتجمعات.

ويضيف أنه مع بدء شهر رمضان دون أي علامة على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يعني إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة تحتجزهم حماس "نريد التزيين، لكن ما نراه في غزة لن يسمح لنا"، وقال متنهداً: "هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به من أجل غزة كمقدسيين، وليس التزيين".

وأوضح حلواني (38 عاماً) أن الكثيرين يخشون أيضاً تصاعد التوترات وربما أعمال العنف في القدس الشرقية، إذا منعت السلطات الإسرائيلية المصلين من الوصول إلى الأقصى خلال شهر رمضان، وتابع "بدون المسجد الأقصى نحن لا شيء، حتى لو ضربونا أو اعتقلونا، علينا أن نذهب ونصلي".

وبالفعل، يوم الأحد الماضي، تم الإبلاغ عن اشتباك واحد على الأقل، حيث قالت وزارة الإعلام الفلسطينية إن السلطات الإسرائيلية منعت الشباب من الوصول إلى مجمع المسجد، أثناء توجههم إلى هناك لأداء صلاة التراويح الأولى، وهي صلاة العشاء التي تقام كل ليلة من رمضان.

اقتحامات الأقصى

وأظهر مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، حشداً كبيراً من الأشخاص يُمنعون من الوصول إلى إحدى البوابات المؤدية إلى المسجد، ويبدو أن ضابطين على الأقل يضربان الناس بالهراوات أثناء صد المجموعة.

وحافظت إسرائيل على سيطرة مشددة بشكل متزايد على مجمع الأقصى في السنوات الأخيرة وفي أعقاب هجمات حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.

وفي الأسابيع التي سبقت شهر رمضان، لم تكن الحكومة الإسرائيلية واضحة بشأن ما إذا كانت ستنظر في فرض قيود جديدة على الوصول إلى المسجد الأقصى خلال الشهر الكريم، لكن يوم الثلاثاء الماضي، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إنه لن يتم فرض قيود جديدة، على الرغم من دعوات وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتامار بن غفير لفرض قيود صارمة.

وعقب مواجهات الأحد، قالت وزارة الإعلام الفلسطينية إنه "يشار إلى أن قوات الاحتلال تفرض حصاراً مشدداً على المسجد الأقصى منذ 5 أشهر وتمنع الدخول إليه".

مخاوف مستقبلية

وقال مصطفى أبوصوي، الباحث الفلسطيني الذي يلقي محاضرات في المسجد الأقصى وعضو مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس، الذي يدير الموقع، إنه يخشى أن يكون حادث ليلة الأحد علامة على المزيد في المستقبل، وأضاف "قال نتانياهو بالفعل إنه لن تكون هناك قيود – لقد انتهكوا ذلك بالفعل، هناك قيود مفروضة".

وقال النائب السابق لمستشار الأمن القومي في إسرائيل، تشاك فريليتش، إنه "في وقت يتصاعد فيه التوتر، فإن القيود غير المبررة على الوصول إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، يمكن أن تؤدي إلى خطر إثارة مواجهة أوسع - ذات صبغة دينية مباشرة"، مضيفاً "القدس هي برميل بارود، يهودي أو مسلم أو مسيحي، فإنه يثير العواطف من كل جانب".

توترات القدس

ولطالما استحضرت حماس العنف في المسجد الأقصى، في جهودها للتحريض على الانتفاضات، وأطلقت أيضاً على هجوم 7 أكتوبر(تشرين الأول) العام الماضي اسم "طوفان الأقصى".

وقال فريليتش إنه "حتى الآن، يبدو أن حماس فشلت إلى حد كبير في إشعال التوترات في القدس"، لكنه أوضح أنه من الممكن أن تستمر الجماعة في محاولة استخدام رمضان "كنقطة اشتعال".

بدوره، قال دانيال سايدمان، وهو محامٍ وخبير في شؤون المنطقة مقيم في القدس، إن "الشعور السائد في البلدة القديمة هو شعور بالرصانة واليأس والغضب، بشأن الحرب في غزة أكثر من أي شيء آخر"، وأضاف "هذا شهر التأمل والقداسة والعائلة، ومع ذلك، فمن دون أي خطأ من جانبه، تحول رمضان إلى مصدر صاعقة للصراع".

وقالت منال عبيدية (20 عاماً) بعد زيارتها للمسجد: "إنه رمضان حزين للغاية، الجميع حزينون للغاية بشأن ما يحدث في غزة"، وأضافت أنها ستحاول أن تظل "متفائلة" بأن الوضع قد يتغير خلال شهر رمضان، وأردفت "مازلنا في اليوم الأول، دعونا ننتظر ونرَ ما سيحدث".