الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو (رويترز)
الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو (رويترز)
الأربعاء 13 مارس 2024 / 14:20

خلاف بايدن ونتانياهو.. يثير تساؤلات حول الأسلحة الأمريكية

يتزايد الخلاف المتزايد بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حول الخطوط الحمراء في غزة، وأثار تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد تقيد المساعدات العسكرية إذا مضت إسرائيل قدماً في اجتياح بري في جنوب القطاع.

ويقول مسؤولون أمريكيون إن التوترات بين بايدن ونتانياهو أضافت زخما للمناقشات داخل الإدارة الأمريكية حول كيفية استخدام نفوذها لإقناع إسرائيل ببذل المزيد من الجهد لتسهيل وصول الإغاثة الإنسانية إلى غزة وتجنب وقوع المزيد من الخسائر الفادحة بين المدنيين الفلسطينيين في حربها على "حماس".

تحول السياسة الأمريكية

وتشكل إمدادات الأسلحة الأمريكية أكبر مصدر لنفوذ بايدن.

وقاوم الرئيس الأمريكي استغلال هذا النفوذ، على الرغم من رد نتانياهو المتحدي على مناشدات واشنطن والدعوات المتزايدة من بعض الديمقراطيين من حزب الرئيس الأمريكي.

لكن مع إبداء بايدن علامات متزايدة على خيبة الأمل من نتانياهو، لا يستبعد المسؤولون الأمريكيون احتمالية حدوث تحول في السياسة قد يشمل وضع شروط على المساعدات العسكرية إذا نفذت إسرائيل تهديدها باجتياح رفح في جنوب غزة.

وزادت محاولة بايدن للحصول على ولاية ثانية في انتخابات عام 2024 من تعقيد جهوده لصياغة الاستراتيجية. ويدرك مساعدوه أنه بحاجة إلى تجنب إعطاء الجمهوريين ذريعة لاستغلالها مع الناخبين المؤيدين لإسرائيل، مثلما يحتاج لمنع تآكل الدعم من بعض الديمقراطيين التقدميين المنزعجين من دعمه القوي لإسرائيل.

وسيتعارض أي قرار يتخذه بايدن، الذي وصف نفسه بأنه "صهيوني"، بالتشدد تجاه إسرائيل مع تاريخه الممتد لعقود كمؤيد متحمس لها.

بايدن في مأزق

وقال هارون ديفيد ميلر، وهو مفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات مختلفة بقيادة الجمهوريين والديمقراطيين "بغض النظر عن كيفية حل المشكلة، فإن بايدن في مأزق بشأن كيفية التعامل مع هذه الأزمة".

ولا توجد مؤشرات على اتخاذ أي قرارات بفرض قيود على إمدادات الأسلحة في حالة اجتياح لرفح، والذي حذر بايدن من أنه يجب ألا يحدث دون خطة إسرائيلية لحماية المدنيين هناك. ويلجأ ما يربو على نصف سكان قطاع غزة إلى منطقة رفح.

ومن المحتمل أن يكون بايدن قد ألمح إلى ما يفكر فيه خلال مقابلة مع شبكة "إم.إس.إن.بي.سي" يوم السبت الماضي عندما قال، بعد تأكيد أن اجتياح رفح سيكون "خطاً أحمر"، "إنه خط أحمر لكنني لن أتخلى عن إسرائيل قط. الدفاع عن إسرائيل لا يزال أمراً بالغ الأهمية، لذلك لا يمكن أن أقطع كل الأسلحة حتى لا يكون لديهم القبة الحديدية لحمايتهم".

ولم يقدم بايدن صراحة مثل هذه الضمانات بشأن الأسلحة الهجومية، مما عزز التكهنات في تقارير إعلامية بأن مثل هذه الأسلحة يمكن أن تكون متضمنة إذا فرض شروطاً على إسرائيل التي تعتمد بشكل كبير على المعدات أمريكية الصنع.

ومن الممكن أن تعرّض أي قيود على الأسلحة الهجومية إسرائيل لخطر أكبر إذا اندلعت حرب شاملة مع جماعة حزب الله اللبنانية على الحدود الشمالية أو تدخلت إيران، المتحالفة مع كل من حماس وحزب الله، في الصراع.

ورداً على سؤال حول القيود المحتملة على الأسلحة، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان للصحفيين أمس الثلاثاء إنه لن ينخرط في "افتراضات" وإن التقارير الإخبارية حول تفكير بايدن بهذا الشأن "تكهنات غير مدروسة".

نتانياهو يتحدى

رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي انتقادات بايدن الحادة خلال المقابلة مع "إم.إس.إن.بي.سي" والتي تحدث فيها عن الخطوط الحمراء وقال خلالها إن نتانياهو "يضر إسرائيل أكثر مما يساعدها".

وتعهد نتانياهو بالمضي قدما في الحملة العسكرية في رفح، المنطقة الأخيرة في قطاع غزة التي لم تنفذ فيها القوات الإسرائيلية اجتياحاً برياً.

وقال نتانياهو لصحيفة بوليتيكو يوم الأحد "هل تعلم ما هو الخط الأحمر؟ أن ذلك 7 أكتوبر (تشرين الأول) لن يتكرر مرة أخرى".

ووفقاً لمصدر مطلع في واشنطن، أوضحت إسرائيل للولايات المتحدة أنها مستعدة لتحمل التنديد الدولي الذي كانت تتوقع أن تواجهه بسبب ردها العسكري على هجوم حماس في أكتوبر .

وتصر إسرائيل، التي تتهم حماس باستخدام دروع بشرية، على أنها تتخذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.

وقال مسؤولون أمريكيون إنه لا توجد مؤشرات على هجوم وشيك على رفح لكن بايدن ومساعديه أصدروا تحذيرات متكررة لإسرائيل بشأن ضرورة ضبط النفس هناك، وقالت دول الاتحاد الأوروبي إن الهجوم سيكون "كارثياً".

وتزايدت حدة الرسائل العلنية من الولايات المتحدة منذ مقتل أكثر من 100 فلسطيني الشهر الماضي أثناء اندفاعهم للحصول على الغذاء من قافلة مساعدات في شمال غزة.

وبسبب غضبها من بطء وتيرة المساعدات التي سمحت إسرائيل بوصولها عن طريق البر، بدأت إدارة بايدن الأسبوع الماضي عمليات إسقاط جوي لإمدادات إنسانية وأعلنت عن خطط لبناء رصيف مساعدات عائم قبالة ساحل غزة.

وقالت واشنطن إن إسرائيل تتعاون ببطء في مجال المساعدات الإنسانية، لكن مسؤولاً أمريكياً قال إن التقدم يتزايد، مضيفاً أن "الأمر بالغ الصعوبة فيما يتعلق بكل خطوة".

وذكر مسؤول آخر إن محادثات مغلقة أجريت في وزارة الخارجية الأمريكية بشأن ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تحد من المساعدات العسكرية لإسرائيل، وأضاف أن الفكرة لم تحظ بدعم من القيادة العليا.

ويرى معظم المحللين أنه بالنظر إلى اعتبارات عام الانتخابات بالنسبة لبايدن، فمن المتوقع أن يتعامل بحذر شديد في تقرير ما إذا كان سيضغط على نتانياهو باستخدام النفوذ المتعلق بالأسلحة أو سحب الحماية الدبلوماسية التي توفرها الولايات المتحدة لإسرائيل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وسينقض المرشح الرئاسي الجمهوري المحتمل الرئيس السابق دونالد ترامب على مثل هذه التحركات باعتبارها تهديدات لأمن إسرائيل.

وسيكون الخيار الأكثر أمانا لبايدن هو الحفاظ على استراتيجيته المتمثلة في النأي بنفسه تدريجياً عن نتانياهو، الذي انخفضت شعبيته بين الإسرائيليين، مع الاستمرار في التواصل مع الشعب الإسرائيلي الذي يتمتع الرئيس الأمريكي بشعبيه لديه.

واعتبر استقبال الإدارة الأمريكية لبيني غانتس عضو مجلس الوزراء الإسرائيلي في الآونة الأخيرة في واشنطن على نطاق واسع بمثابة ازدراء لنتانياهو اليميني الذي لم تتم دعوته بعد إلى البيت الأبيض في عهد بايدن، وغانتس سياسي وسطي يأمل مسؤولون أمريكيون أن يحل محل نتانياهو في يوم من الأيام.
وقالت لورا بلومنفيلد محللة شؤون الشرق الأوسط في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن "بايدن يقوم بعملية بتر سياسية – ببتر نتانياهو لإنقاذ دولة إسرائيل المريضة".