متظاهر يحمل لافتة ترفض حظر تيك خلال تجمع أمام الكابيتول هيل.
متظاهر يحمل لافتة ترفض حظر تيك خلال تجمع أمام الكابيتول هيل.
الإثنين 18 مارس 2024 / 16:02

ما تداعيات حظر تيك توك في أمريكا؟

مجدداً، تريد حكومة الولايات المتحدة حظر تيك توك، إذ بات التطبيق قوةً لا يستهان بها على الهواتف الأمريكية منذ إطلاقه عام 2016.

سيكون ضربةً لحرية التعبير لمئات الملايين من الأمريكيين

وكان ظهور تيك توك على الساحة أول مرة بالنسبة للمستهلكين والمسؤولين الأمريكيين – بوصفه تطبيقاً اجتماعياً شهيراً لم يخرج من أرض وادي السيليكون وإنما من الصين – سابقةً مُستهجنة.
في 13 مارس (آذار)، أقرَّ مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون لإجبار شركة ByteDance الصينية صاحبة تطبيق تيك توك على بيع التطبيق، وإلا سيُحظَر على الهواتف الأمريكية. وستُغرِّم الحكومة الأمريكية المتجرين الرئيسين لتطبيقات الأجهزة المحمولة وأي شركات استضافة سحابية لضمان منع الأمريكيين من الوصول إلى التطبيق.

حظر صريح

وكتب كوت نوفر في مجلة "تايم" أنه رغم أن القرار صُمِّم على أنه  يتعلق بالأمن القومي، فهو في الواقع حظر صريح، فقد كان الهدف دوماً حظر تيك توك لمعاقبة الصين ومستخدمي التطبيق دون حل أيٍ من مشكلات خصوصية البيانات الأساسية التي يدَّعي المشرعون أنهم يهتمون بها.

ضربة لحرية التعبير

غير أن حظر تيك توك على هذا النحو سيلغي منفذاً للأمريكيين، وسيكون ضربةً لحرية التعبير لمئات الملايين من الأمريكيين الذي يعولون على التطبيق للتواصل والتعبير عن أنفسهم، بل ولكسب لقمة العيش. والأهم من ذلك أنَّ الحظر سيزيد من التشرذم على شبكة الإنترنت ويقطع اتصال الأمريكيين بالعالم.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الحكومة حظر التطبيق.

ففي عام 2021، أصدرَ الرئيس السابق دونالد ترامب أمراً تنفيذياً، تم إبطاله في المحكمة الفيدرالية بعد أن وصفه القاضي بأنه قرار "تعسفي ولا مبرر له، لأنه لم يأخذ في الاعتبار وسائل أخرى لديها نفس المشكلة".

 ووجد قاضٍ آخر أنَّ تهديد الأمن القومي الذي يمثله تيك توك قد صيغ بلغةٍ قائمة على الفرضيات.

وعندما حاولت ولاية مونتانا حظر التطبيق في عام 2023، قضى قاضٍ فيدرالي بأن الحظر "يتجاوز سلطة الولاية وينتهك الحقوق الدستورية للمستخدمين".

وفي العام الماضي، بدا المشرعون مستعدين لتمرير مشروع قانون يحظر تيك توك، غير أنهم فقدوا الزخم بعد استجواب رفيع المستوى لكبار مسؤولي الشركة التنفيذيين.

وقد غيَّرَ ترامب موقفه تماماً من هذه القضية وحذر مؤخراً من أن حظر تيك توك سيصبُّ في صالح منافسي التطبيق الأمريكيين مثل ميتا.

قناة للحزب الشيوعي الصيني

تُوجَّه اتهامات لتيك توك بأنه قناة للحزب الشيوعي الصيني، وأنه يحصد بيانات المستخدمين الحساسة ويرسلها إلى الصين.

ولا يوجد دليل قاطع يثبت صحة هذا الادعاء، باستثناء أن الشركة الأم للتطبيق، وتُعرف باسم ByteDance، صينية، وأن الحكومة الصينية تمسك بالقطاع الخاص لديها بقبضةٍ من حديد.

وامتثالاً للقوانين الصينية، يتعين على تيك توك الرضوخ للسلطات.

في خضم ذلك كله، لا يجب ألا ننسى أن أمريكا ليست الصين، إذ ليس لدى أمريكا جدار حماية عظيم يفصل شبكة الإنترنت لديها عن التأثيرات الخارجية.

وتسمح أمريكا لجميع أنواع المواقع الإلكترونية، سواء التي تحبها الحكومة أو تكرهها وتخشاها، بالوصول إلى أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالأمريكيين.

لذلك من المفارقة أن نسمح لشركات الإنترنت الصينية العملاقة بالوصول إلى شبكة الإنترنت الأمريكية في حين أن خدمات الشركات الأمريكية مثل غوغل وميتا محظورة على أجهزة الكمبيوتر الصينية. 

وبسبب ضمانات حرية التعبير القوية التي يكفلها التعديل الأول في أمريكا، تجد الولايات المتحدة نفسها تطرق مساراً مختلفاً تماماً عن الحكومة الصينية حاليّاً.

والمعضلة الأكبر في سياق حظر تيك توك هو أنه سيفضي إلى إزالة منصة يبث عليها 170 مليون أمريكي آراءهم ويستقون منها معلوماتهم عن الأحداث السياسية في بعض الأحيان.

وفي عصر الاستقطاب الجماهيري، سيؤدي إغلاق التطبيق إلى إغلاق المنابر التي يتحدث منها الملايين عن القضايا التي تهمهم.

والمشكلة الأخرى، بحسب التقرير، هي أن الأمريكيين لهم حق دستوري يكفل لهم الوصول إلى جميع أنواع المعلومات، حتى لو عُدَّت دعاية أجنبية.

ولم تظهر سوى أدلة محدودة تشير إلى أن شركة ByteDance تؤثر على تدفق المحتوى بناءً على طلب من الحكومة الصينية. 

قلق في واشنطن

وأشار تقرير المجلة إلى أن هناك قلقاً مشروعاً في واشنطن من أن الحكومة ليست هي المسيطرة على شق كبير من الخطاب الأمريكي ضد تيك توك، وإنما الشركات الخاصة التي نشأت من رحم وادي السيليكون هي المسيطرة.
وأضاف التقرير أن اختفاء تيك توك سيفاقم احتكار شركات وسائل الاعلام الاجتماعي مثل غوغل وميتا التي تهيمن فعلاً على نحو نصف إجمالي عائدات الإعلانات الرقمية الأمريكية.

وهناك ندرة أساساً في المنصات التي يتحدث عليها الناس، وستفضي إزالة تيك توك إلى القضاء على أحد أهم البدائل.