الأربعاء 20 مارس 2024 / 12:31

وثائق تكشف مضايقات إسرائيلية لعمال الأونروا في الضفة

تعرض موظفو الأمم المتحدة الذين يعملون مع الفلسطينيين في الضفة الغربية لحملة منهجية من العرقلة والمضايقات من قبل الجيش والسلطات الإسرائيلية منذ بداية الصراع في غزة قبل 5 أشهر، وفقاً لوثائق داخلية للأمم المتحدة حصلت عليها صحيفة "غارديان" البريطانية.

وتسجل الوثائق مئات الحوادث التي تتراوح بين عصب العينين والضرب المزعوم لموظفي الأمم المتحدة عند نقاط التفتيش، إلى استخدام مرافق الأمم المتحدة من قبل القوات الإسرائيلية كمواقع لإطلاق النار خلال غارات على مخيمات اللاجئين التي قتل فيها فلسطينيون.

تعاون مع حماس

وتم تجميع الوثائق من قبل الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التي قدمت الخدمات الأساسية للفلسطينيين لعقود.

وكانت الوكالة في قلب جدل مرير بعد اتهامها من قبل إسرائيل بالتعاون مع حماس في غزة. وتنفي هذه التهمة وتقول إنه لم يتم تقديم أدلة قوية لدعم هذا الادعاء، بحسب صحيفة غارديان.

وقالت المتحدثة باسم الأونروا، جولييت توما، إن الحوادث في الضفة الغربية حيث تدير الوكالة 96 مدرسة و43 عيادة صحية لـ871,000 لاجئ مسجل مفصلة في الوثائق الداخلية كانت "جزءاً من نمط أوسع من المضايقات التي تشهدها ضد الأونروا في الضفة الغربية والقدس".

وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه "ليس لديهم مشاكل مع الأونروا في الضفة الغربية"، مضيفاً "نحن لا نحاول مضايقتهم. لا يوجد شيء نقوم به عمداً لإزعاج عملهم المهم، نحن غير قادرين على التحقق من هذه الادعاءات ولم نقدم أدلة لهم، لدينا علاقة جيدة مع الأونروا والمنظمات الأخرى في الضفة الغربية".

حوادث ونقص الإمدادات

وابل من الخطاب الموجه إلى الأونروا من قبل كبار المسؤولين ألهب المشاعر العامة في إسرائيل.

وكانت هناك احتجاجات أسبوعية في المكتب الميداني للوكالة في القدس الشرقية بالإضافة إلى إطلاق نار لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً في وقت سابق من هذا العام، عندما أطلق سائق مجهول النار من مسدسه من سيارته على سائق شاحنة تابعة للأونروا في المدينة. ويجري التحقيق في الهجوم من قبل الشرطة، بحسب الصحيفة.

وتوضح الوثائق بالتفصيل كيف أن المراكز الصحية التابعة للأونروا في الضفة الغربية تعاني من نقص في الإمدادات الحيوية بعد أن أوقفت الجمارك الإسرائيلية شحنة من الأدوية لأكثر من شهرين في الأردن.

ووصلت الشحنة المكونة من 42 منصة نقالة، بما في ذلك المضادات الحيوية ومضادات الهيستامين ومسكنات الألم وعلاج مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وانفصام الشخصية في يناير (كانون الثاني) إلى عمان، لكن لم يتم تسريحها إلا يوم الأحد، بعد ساعتين من اتصال "غارديان" بالسلطات الإسرائيلية بشأن ذلك. ونفى متحدث باسم الجمارك الإسرائيلية حدوث أي تأخير.

وتزعم الوثائق أيضاً أن "موظفي الأونروا في الضفة الغربية تعرضوا لإساءة لفظية، وخضعوا لفحص الهوية والتفتيش، وطلب منهم رفع ملابسهم لإثبات عدم وجود أسلحة".

انتهاكات صارخة

بالإضافة إلى ذلك "تم تسجيل انتهاكات صارخة بشكل متزايد لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة، بما في ذلك دخول الأفراد المسلحين إلى منشآت الأونروا كجزء من عمليات قوات الأمن الإسرائيلية، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بمنشآت الأونروا أثناء هذه العمليات".

وتشير الوثائق إلى اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها، التي اعتمدت في عام 1946، والتي بموجبها يحق لوكالات الأمم المتحدة "القيام بأنشطة لدعم ولايتها من دون عوائق".

وفي واحدة من أخطر الحوادث المزعومة الموصوفة في الوثائق، أوقف جنود اثنين من موظفي الأونروا في سيارة تحمل علامة الأمم المتحدة عند نقطة تفتيش مؤقتة في فبراير  (شباط) 2024 أثناء محاولتهم مغادرة قرية فلسطينية بالقرب من بيت لحم.

وقام الجنود، الذين أزالوا المفاتيح "بالقوة" و"أجبروا الموظفين على الخروج تحت تهديد السلاح"، بتفتيش السيارة وسخروا من الموظفين مشيرين إلى أنهم تابعون لحماس. ثم صدرت تعليمات للموظفين بالركوع معصوبي العينين مكبلي اليدين برباط من البلاستيك وتم ضربهما قبل تدخل ضابط كبير، بحسب الوثائق.

وتصف الوثائق أيضاً استخدام مرافق الأونروا من قبل القوات الإسرائيلية خلال العمليات العسكرية في الضفة الغربية، بما في ذلك واحدة على الأقل عندما قتل فلسطينيون عدة. 

135 حادثاً

ومنذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، ووفقاً للوثائق، سجلت الأونروا 135 حادثاً طالت عياداتها أو مدارسها أو مكاتبها، من التوغلات وسوء الاستخدام إلى العمليات العسكرية التي أسفرت عن سقوط قنابل الغاز المسيل للدموع أو الرصاص فيها.
وتزعم الوثائق أنه في 8 ديسمبر (كانون الأول)، شنت قوات الأمن الإسرائيلية غارة استهدفت مسلحين في مخيم الفارة للاجئين في شمال الضفة الغربية، حيث اخترقوا بوابة مركز الأونروا الصحي هناك وأنزلوا علم الأمم المتحدة، وجاء في الوثائق: "تم وضع علامة واضحة على المركز الصحي بعلم الأمم المتحدة ولافتات. واقتحم ما لا يقل عن 10 أفراد مسلحين من قوى الأمن الداخلي المبنى الذي كان مغلقاً شوهدوا وهم يرفعون علم الأمم المتحدة على السطح واتخذوا مواقع على الشرفات ونوافذ الطابق العلوي وسقف المبنى مع توجيه أسلحتهم النارية نحو المخيم، بعد انسحاب قوى الأمن الداخلي من المخيم، وعندما تمكن موظفو الأونروا من العودة بأمان إلى المركز الصحي، تم العثور على ذخيرة [مستهلكة] في المبنى".


وتنتقد الوثائق أيضاً المسلحين المتمركزين في العديد من المخيمات، الذين تسميهم الأونروا "الجهات الفاعلة المسلحة".
وتقول الوثائق: "لتحويل توغلات قوى الأمن الداخلي إلى المخيمات، أقامت الجهات المسلحة في بعض مخيمات اللاجئين نظاماً من حواجز الطرق المرتجلة والعبوات الناسفة، بعضها مجاور أو قريب من منشآت الأونروا، مما يعرض اللاجئين الذين يستخدمون هذه الخدمات والموظفين الذين يقدمونها لمزيد من المخاطر".

"دعم الإرهاب"

وعلى الرغم من الجهود المبذولة للتنسيق مع السلطات الإسرائيلية، فإن موظفي الأونروا في مخيم العروب مثلاً وحوله كثيراً ما يمنعون من السفر، كما تم تفتيش سياراتهم وإهانتهم أو اتهامهم بدعم الإرهاب، كما تزعم الوثائق.

ويقول مسؤولون إسرائيليون إن الإجراءات القاسية ضرورية لمنع الهجمات الإرهابية في إسرائيل التي تنطلق من الضفة الغربية.

منذ 7 أكتوبر، قتل 15 إسرائيلياً، من بينهم 4 من أفراد قوات الأمن الإسرائيلية، وأصيب 99 في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل، وفقاً للأمم المتحدة.
وتقول إحدى وثائق الأونروا إن عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على الحركة في الضفة الغربية خلقت "صعوبات اقتصادية متزايدة، خاصة بالنسبة للفلسطينيين الذين يعملون في مدينة مختلفة أو الذين يعتمدون على السفر إلى إسرائيل للعمل".
ويخلص التقرير إلى أنه "كلما طالت القيود المفروضة على الوصول والتنقل، زاد احتمال حدوث مزيد من عدم الاستقرار في الضفة الغربية".