صورة أردوغان معلقة في ساحة بإسطنبول قبيل الانتخابات المحلية (وكالات)
صورة أردوغان معلقة في ساحة بإسطنبول قبيل الانتخابات المحلية (وكالات)
الإثنين 25 مارس 2024 / 14:12

انتخابات إسطنبول تخضع إرث أردوغان السياسي للاختبار

يتوجه نحو 58 مليون ناخب تركي مسجلين في الـ31 من الشهر الجاري إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية، في جميع أنحاء البلاد، لاختيار حُكام قرابة 4 آلاف مدينة وبلدات أصغر، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من أعضاء مجالس المدن، والمجالس الإقليمية، ومسؤولين محليين آخرين.

وقال المحلل الأمريكي من أصل تركي، الدكتور سونر جاغابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه لن يكون للنتيجة تأثير مباشر على حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

مؤشر سياسي 

ومع إدلاء الناخبين بأصواتهم في جميع أنحاء البلاد، تعد الانتخابات المحلية بمثابة مؤشر للسياسات الوطنية التركية، وتشبه انتخابات التجديد النصفي لمجلسي النواب والشيوخ في الولايات المتحدة.
وعلى هذا النحو، فإن الانتخابات ستساعد أردوغان على أن يقرر ما إذا كان يستطيع أن يبدأ في تجاهل متحديه في هذه المرحلة.

وفي الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت في شهر مايو (أيار) الماضي، هزم أردوغان المعارضة، وهي تحالف من 6 أحزاب يشمل الطيف السياسي، بما في ذلك حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي. 

"بناء الإرث"

وأضاف جاغابتاي، في تقرير نشره المعهد، أن هذا الفوز رسخ بقوة وضعه على قمة السلطة في تركيا، وإذا تمكن من هزيمة المعارضة مرة أخرى في الـ31 من الشهر الجاري، فإنه ربما يخلص إلى أنه لم يعد هناك متحدون له.

وسيتيح هذا له دخول مرحلة بناء الإرث لحياته السياسية، أي حل المشاكل في الداخل على سبيل المثال متابعة الانفتاح على الأكراد أو إجراء حوار مع المجتمع الكردي، بينما يقوم بدور أكبر على الصعيد الدولي في السياسة الخارجية على سبيل المثال مزيد من التطوير لتحركات أنقرة الأخيرة لإعادة ضبط العلاقات مع الدول المجاورة مثل اليونان، والسعي لاعادة ضبط محتمل للعلاقات مع الولايات المتحدة بشأن سوريا. 

"ضعيف سياسياً"

غير أنه إذا فشل مرشحو الرئيس في انتزاع إسطنبول ومدن رئيسة أخرى من المعارضة، فإنه من المحتمل أن يخرج أردوغان من هذه الانتخابات وهو يشعر بأنه ضعيف سياسياً.

وعلاوة على ذلك، فإنه إذا تمكن عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي كان قد هزم مرشح أردوغان في الانتخابات المحلية في عام 2019، من الإطاحة بالمرشح الحالي للرئيس مراد كوروم، فإن هذأ سيدفعه لمكانة بارزة في المشهد السياسي بوصفه "النجم السياسي الذي يستطيع هزيمة أردوغان". 

وتابع جاغابتاي، أن مثل هذا التطور سوف يؤدي أيضاً إلى أن يكون إمام أوغلو منافساً موثوقاً به لأردوغان نفسه، مما يعزز الزخم للكتلة المناهضة لأردوغان في البلاد.

وفي مثل هذا الموقف، ربما يسعى أردوغان لتقوية قاعدته ويمنع المعارضة من الظهور من خلال تعزيز سياساته القومية الشعبوية على الصعيدين المحلي والدولي.

وتسيطر المعارضة حالياً على المدن الثلاث الأكبر في تركيا، وهي إسطنبول وأنقرة وأزمير.

ومع ذلك تعد إسطنبول الأكبر على الإطلاق، ولاتزال العاصمة الاقتصادية والمالية والثقافية للبلاد، ولذا تعد الجائزة الكبرى في السباق الانتخابي.

وإذا تمكن كوروم من استعادة هذه الجائزة من إمام أوغلو، سيستنتج الناخبون أن أردوغان فاز في الانتخابات حتى إذا فشل مرشحوه في سباقات الانتخابات في المدن الكبيرة الأخرى. 

ولكن إذا احتفظ إمام أوغلو بإسطنبول، سيُنظر إليه على أنه هزم بمفرده أردوغان، مما يجعله نداً للرئيس.

وتشير استطلاعات الرأي حالياً إلى سباق محتدم للظفر بالمدينة، حيث يتفوق إمام أوغلو بفارق ضئيل على كوروم.

وسيتيح الفوز بإسطنبول لأردوغان، الذي يحكم تركيا منذ عام 2003، بدخول مرحلة بناء الأرث في مساره السياسي، حيث يرغب في أن يتم تذكره بأن رجل دولة محبوب، وليس سياسياً استقطابياً، وبعد الفوز بإسطنبول، قد يقوم الرئيس على هذا الأساس يتجاوز الحروب الثقافية التي كان ينخرط فيها لحشد قاعدته.
ويمكن لأردوغان أن يحتضن حتى مجموعات متنوعة شيطنها غالباً في الماضي، مثل الناخبين العلمانيين واليساريين، وقد يساعده هذا السيناريو على طرح حزمة تعديلات دستورية ما يوفر لنفسه فترات ولاية أضافية في السلطة.

تغيير الدستور 

وقد يقوم أردوغان المنتصر ببناء اجماع انتخابي أوسع نطاقاً لكي يغير الدستور، بما في ذلك التواصل مع المجتمع الكردي.

وسيكون للتقارب بين أردوغان والمجتمعات الكردية التي تدعم حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية تداعيات تتجاوز حدود تركيا وبصفة خاصة على ضوء الاحتمال المتزايد فيما يبدو لانسحاب الولايات المتحدة من سوريا .

ومنذ عام 2014، تحالفت الولايات المتحدة مع قوات من وحدات حماية الشعب الكردية السورية وهي فرع لحزب العمال الكردستاني لقتال داعش.

ومن المحتمل أن تصبح علاقة واشنطن مع وحدات حماية الشعب أقل وضوحاً، إن لم تنته تماماً، حال انسحاب أمريكا من سوريا. 

وأياً كان المسار الذي ستسلكه السياسية الأمريكية السورية، فإن قضية وحدات حماية الشعب الكردية السورية سوف تكون أقل ضرراً بالعلاقات التركية الأمريكية إذا وافق حزب العمال الكردستاني دون شروط على حل نفسه، ونزع سلاحه، والانسحاب بالتالي من تركيا استجابة لانفتاح من جانب أردوغان على الأكراد.
واختتم جاغابتاي تقريره بالقول، إن استطلاعات الرأي تشير إلى سباق شديد التنافسية على إسطنبول في الـ31 من الشهر الجاري.

ورغم أن السباق من الناحية الفنية يتعلق فقط بانتخاب عمدة المدينة، فإن النتائج ستكون لها تداعيات مهمة في جميع أنحاء البلاد، لأن أرث أردوغان ومستقبل العلاقات الأمريكية التركية ربما يكون معلقاً في الميزان.