سهرة رمضانية في الموصل.(أف ب)
سهرة رمضانية في الموصل.(أف ب)
الإثنين 25 مارس 2024 / 14:36

رمضان يثري القيم الإيجابية بالمكارم الإلهية  

إن الدين الإسلامي قائم في أصله على الإيجابية في التعامل مع مجريات الحياة على مختلف مستوياتها ورتبها، وإن التعاطي الصحيح مع شهر رمضان المبارك بالطريقة المثلى وفهم مقاصده، سوف يمدنا بمعالجة الظواهر السلبية السائدة، وذلك من منطلق كون هذا الشهر الفضيل مورداُ من موارد الخير والعطاء القوة والطاقة الإيجابية، حيث شحذ للهمم، وبعث للروح من جديد.

أهم ما يراد في هذا الشهر هو اغتنام فضيلة الزمان والمكان

ومن أهم دلالات الإيجابية أن الصالحين كانوا يستبشرون برمضان، فهذا سيد الصالحين سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- كان يبشِّر أصحابه بدخول رمضان، فيقول: "أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرِم خيرها فقد حُرم" (رواه النسائي).
وهذه المناسبة تفتح الأبواب للقبول، إذ ترقُّ فيه القلوب، وتستنير النفوس بنور الله وفضله ورحمته، فهي خبرة إيجابية لمن أراد أن يحصد الغنائم والخير والمغفرة.
كما أن تفعيل دواعي وقيم الإيجابية يكون بالإكثار من تلاوة القرآن، ولهذا أظهر السلف الصالح  مدى حرصهم الكبير واللافت على كتاب الله عزَّ وجلَّ، فالأصل عندهم هو (تدبُّر القرآن الكريم) وكان هذا الشغف بالقراءة في موسم الطاعات يراد له أن يصبح عادة ومهارة وثقافة، لاسيما يزداد الإقبال على قراءة القرآن عند قدوم شهر رمضان المبارك، فكانوا يدرسونه، ويتعلمون من فهم عجائبه، ويتحرون مغزى قصصه، والعمل على هذه القيم الرفيعة.
ولا يمر يوم من رمضان دون أن نتزود بعلم نافع، أو صدقة جارية، أو إفطار صائم، أو صلة للرحم، أو عمل صالح، أو مجاهدة للنفس، أو إسداء نفع إلى الغير، والتعجيل بقطف ثمار هذه الموائد الرحمانية، فهي محاولة ناجعة لتوفير وإعادة تشكيل الذات الإيمانيَّة الصالحة والمحصنة، وتلك هي الإيجابية بمفهومها الشامل، فهذا هو منهج حياة للأمة الإسلاميَّة، وخارطة الطريق لاستئناف الحضارة الربانيَّة.
ولقد كان الإمام مالك بن أنس لا يفتي ولا يُدرِّس في رمضان، ويقول هذا شهر القرآن، كان عبد الله بن عمر لا يفطر في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين، أما الشافعي رضي الله عنه فقد أحبَّ للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحاجة النّاس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّوم والصلاة عن مكاسبهم.
 إن أهم ما يراد في هذا الشهر هو اغتنام فضيلة الزمان والمكان، فهناك فرص استثنائيَّة يستطيع معها المؤمن أن يرتقي بروحه إلى العروج إلى مدارج الله العليا بالتقرب إليه، وهو ارتقاء الإنسان إلى سُلَّم الكمال الذي هو "التقوى"، فهذا الشهر شهر المكارم الإلهيَّة الفياضة.