فلسطينيون وسط بعض منشآت مستشفى الشفاء المدمرة في غزة (أرشيف)
فلسطينيون وسط بعض منشآت مستشفى الشفاء المدمرة في غزة (أرشيف)
الخميس 28 مارس 2024 / 12:06

المعركة التي قوضت استراتيجية إسرائيل في الحرب على غزة

لقد استغرق الجيش الإسرائيلي أسابيع عدة وثلاث فرق، مدعومة بضربات جوية وبرية مكثفة، لبلوغ مستشفى الشفاء في مدينة غزة العام الماضي. وقبل أيام طوقت قوة صغيرة من الكوماندوس والدبابات، تعد أقل من كتيبة، أو نحو ألف جندي، المنشأة الطبية الأكبر في القطاع.

حماس عدو يتمتع بالدهاء، وعلى الأرجح "ستتعلم" من الشفاء ولن تتيح لإسرائيل "الفرصة لتكرارها"

ومع ذلك، فإن المداهمة الإسرائيلية الثانية للشفاء وصلت إلى يومها التاسع- وتتحول إلى المعركة الأكبر ضد حماس في الحرب التي يكاد يمضي عليها ستة أشهر، والأكثر وضوحاً.


ويرى مراسل صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في تل أبيب نيري زيلبر، أن مؤيدي الحملة الإسرائيلية، يرون أن المداهمة أظهرت تصميم الجيش الإسرائيلي وحنكته التكتيكية، حيث فاجأت العدو، ووجهت له ضربة قوية. كما أنها تبرز تغير الديناميات في غزة. إذ إنه في نوفمبر(تشرين الثاني) تحركت إسرائيل إلى قطاع غزة بنحو مئة ألف جندي. أما اليوم، فقد انسحب معظمهم، ويبدو الشمال أرضاً مهجورة بينما انتقلت العمليات إلى الجنوب.


أما المنتقدون، فيرون أن الحاجة إلى هذه العملية الثانية تنم عن قصة مختلفة، هي مرونة حماس وقدرة مقاتليها على التجمع مجدداً في مناطق سبق أن غزتها إسرائيل.

لا يزال بعيداً 

وسلطت مشاهد من الحرب الضوء أكثر على استراتيجية إسرائيل، أو لمحت بوضوح إلى ما ينتظر غزة، وكيف أن الجيش الإسرائيلي لا يزال  بعيداً عن أهدافه، وفق ما يقول ضباط إسرائيليون سابقون ومحللون.
وقال رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق تامير هايمان: "هذه لن تكون العملية الأخيرة ولن تكون العملية الحاسمة، إنها جزء من سلسلة ستسغرق أشهراً عدة حتى الاستئصال النهائي لحماس".
وهايمان الذي ساعد في صوغ استراتيجية الحرب الإسرائيلية في غزة، وضع عملية الشفاء في سياق أساسي للمرحلة الثالثة من "خفض التصعيد" في الحملة الإسرائيلية التي بدأت في يناير(كانون الثاني).

الهجوم الثاني على الشفاء

صرح كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري هذا الأسبوع، بأن الجيش قضى على مقاتلين في الهجوم الثاني على الشفاء، أكثر مما قتل في أي عملية منفردة منذ بداية الحرب.
وحسب الجيش الإسرائيلي، قتل 180 مقاتلاً من حماس ومن حركة الجهاد، الأصغر، وأُسر أكثر من 500 آخرين، بمن فيهم قادة ميدانيون كبار. كما عٌثر على أسلحة وملايين الدولارات الأمريكية والدينارات الأردنية. وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين.

 

 وأجبرت العملية الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين الذين كانوا يحتمون بالمستشفى، إلى النزوح عبر نقطة تفتيش إلى ملاذات جنوب المستشفى. ونقل المرضى والطاقم الطبي إلى جناح خاص في المجمع الواسع بينما أطلقت القوات الإسرائيلية تفتيشاً من غرفة إلى غرفة. وأظهرت فيديوهات اشتباكات واستخدام مسيّرات صغيرة وجرافات من الجيش الإسرائيلي.
واستناداً إلى ضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق مايكل ميلشتاين فإن "اضطرار إسرائيل إلى العودة إلى هذا المكان يعكس أنه ليست لدينا استراتيجية.. إذا ما كنت قد سيطرت على هذا الحي في وسط مدينة غزة ودمرت كل البنى التحتية لحماس هناك، فكيف عادت حماس إلى هذه الأماكن وملأت الفراغ فوراً عند مغادرتك؟ هذا يعني أنك لم تقم أي نظام جديد".
ومع ذلك، لا يزال الجيش الإسرائيلي يصر على أن معركة الشفاء تمثل نجاح خطة الحرب التي وضعها. ومع بقاء أربع كتائب فقط داخل غزة، فإن تركيز الجيش تحول إلى غارات أصغر وأكثر عدداً واستهدافاً ضد بقايا مبعثرة من وحدات حماس المنظمة.
وقال هايمان: "خططنا لهذا"، مضيفاً أن هذه المرحلة الثالثة من القتال كان متوقعاً أن تستمر حتى الصيف إن لم يكن لمدة أطول.
وزعم مسؤول عسكري إسرائيلي بارز، أن انسحاب القوات من الشمال كان مقصوداً لتشجيع مقاتلي حماس على الظهور بطريقة تسهل  استهدافهم. وأضاف أن هذه هي البداية التي وفرتها حماس لإسرائيل في الشفاء.

 

وسبق أن ادعت إسرائيل مراراً أن الشفاء فوق شبكة واسعة من الأنفاق التي استخدمتها حماس مركز قيادة. ويقول بعض المنتقدين إن البنى التحتية التي اكتشفت في العملية الأولى لا تدعم مزاعم الجيش.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي بارز ثان، إن تدمير هذه الأنفاق أو سدها خلال العملية الإسرائيلية الأولى، ساعد على عزل المقاتلين هذه المرة وأسرهم.
ومع ذلك، قال ميلشتاين، إن حماس عدو يتمتع بالدهاء، وعلى الأرجح "ستتعلم" من الشفاء ولن تتيح لإسرائيل "الفرصة لتكرارها" في مستشفيات أو أماكن أخرى.