أطفال غزيون في مخيم نازحين (أرشيف)
أطفال غزيون في مخيم نازحين (أرشيف)
الخميس 28 مارس 2024 / 13:10

وقف القتال.. السبيل الوحيد لمنع مجاعة في غزة

بينما كانت السفن الأمريكية تعبر المحيط الأطلسي لبناء ميناء إنساني في غزة، امتنع الدبلوماسيون الأمريكيون عن استخدام حق النقض عندما صوت مجلس الأمن في 25 مارس (آذار) على وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس خلال شهر رمضان.

موقف إسرائيل من الإمدادات إلى غزة متقلب منذ بداية الحرب

ووفق مجلة إيكونوميست، يعكس إرسال أمريكا للسفن والتوبيخ الدبلوماسي، الإحباط المتزايد لإدارة الرئيس جو بايدن من سلوك إسرائيل في الحرب، فضلاً عن مخاوف أوسع من جوع أكثر سكان غزة وعددهم 2.2 مليون ما لم يحصلوا على مساعدات عاجلة.

أمر معبّر

تبلورت هذه المخاوف في 18 مارس (آذار)، مع صدور تقرير  قال إن نحو نصف سكان غزة يواجهون "انعدام أمن غذائي كارثياً" وإن نحو 70% من 300 ألف شخص تقريباً من الذين لا يزالون في مدينة غزة يُحتمل أن يواجهوا مجاعة في غضون الشهرين المقبلين.

 جُمع التقرير من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي وهو شبكة دولية تقدم تقييمات غير سياسية. أن تكون إسرائيل التي نفت في السابق تقارير عن المجاعة لم تدحض هذا التقرير أمر معبّر.

إسرائيل مسؤولة 

إن أسباب المجاعة ليست القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول الأغذية إلى غزة وحدها، بل بسبب عرقلتها لتوزيعها. تقول الأمم المتحدة إن إسرائيل ترفض بشكل روتيني الموافقة على قوافل المساعدات. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قصفت مركزاً لتوزيع المواد الغذائية. كما تحتل القوات الإسرائيلية معظم الأراضي الزراعية وتسببت في تهجير الكثير من السكان.

ولكن التقارير الواردة من الأرض في غزة غير مكتملة وغير جديرة بالثقة دائماً. ينقسم الشريط الساحلي الذي تبلغ مساحته 365 كيلومتراً مربعاً إلى جيوب، بعضها تسيطر عليه القوات الإسرائيلية، والبعض الآخر تسيطر عليه حماس. هناك بشكل متزايد مناطق تسرق فيها عائلات الجريمة المحلية الطعام القليل الذي يجلب، وتبيعه من أجل الربح.

بيانات

ولا أرقام موثوقة حتى الآن للوفيات بسبب الجوع، لكن البيانات التي جمعها التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي تشير إلى أنه في فبراير (شباط)، كان 29% من الأطفال دون الثانية في شمال غزة يعانون من سوء تغذية حاد. وظل نحو 66% من الأسر هناك دون أي طعام لمدة 24 ساعة عشر مرات على الأقل في الشهر الماضي.
ولكن الوضع أسوأ في مدينة غزة التي تعرضت لقصف مكثف وعزلها الجيش الإسرائيلي خلال الأشهر الستة تقريباً منذ أن شنت حماس هجومها المميت على إسرائيل. ولم يُسمح إلا لعدد قليل من قوافل الإمدادات بالدخول. هناك الآن المزيد من القوافل المنتظمة لـ1.5 مليون فلسطيني يحتمون حول رفح على الحدود المصرية، لكن هذه الإمدادات، ورغم أنها غير كافية أساساً، ستتعرض للخطر إذا شرعت إسرائيل في الخطوة التالية من حملتها العسكرية ضد آخر معقل كبير لحماس هناك.

دعوات

تدعي إسرائيل أن حربها تهدف إلى "تدمير حماس" لا السكان المدنيين، وتنفي عمد تجويع غزة. لكن بعض كبار السياسيين الإسرائيليين دعوا إلى ذلك بالضبط، واعترف مسؤولون أمنيون بأن حجب الإمدادات "وسيلة للضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين". كما قطعت إسرائيل خط المياه إلى شمال غزة لإجبار السكان على النزوح جنوباً.
تقول تانيا هاري من منظمة "جيشا" الإسرائيلية لحقوق الإنسان: "حتى لو لم يكن الأمر متعمداً بالكامل، فهو إهمال إجرامي يقترب من التعمد، والنتيجة  لشعب غزة هي نفسها".

طلبت هاري وآخرون من المحكمة العليا أن تأمر الحكومة برفع القيود على الإمدادات إلى غزة وقبول مسؤوليتها باعتبارها القوة المحتلة في توفير احتياجات السكان.

يقبل بعض ضباط الجيش الإسرائيلي بأنهم مسؤولون عن تلبية جميع احتياجات السكان. ويقول أحدهم: "سنمونهم إذا أُعطينا الأمر". لكن لم يصدر مثل هذا الأمر من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي حاول وزراؤه اليمينيون المتشددون منع شحنات الدقيق من أمريكا.


نتانياهو يتملق

وأضافت المجلة أن موقف إسرائيل من الإمدادات إلى غزة متقلب منذ بداية الحرب. أولاً، سمحت لعدد محدود فقط من الشاحنات بالمرور عبر معبر رفح الحدودي مع مصر. ومنذ ذلك الحين، فتحت معبرها مع غزة، ولكن فقط للإمدادات التي جاءت أولاً عبر مصر، وبدأت بالسماح بالشحنات عن طريق البحر.
مع ذلك، تتملق حكومة نتانياهو أيضاً الإسرائيليين الذين يعارضون السماح بدخول أي طعام ويطالبون حماس بالإفراج عن الرهائن. واعتصم بعضهم عند المعبر الحدودي الإسرائيلي إلى غزة لمحاولة وقف قوافل المساعدات. ونتيجة لذلك، لم تعقد الحكومة أي مناقشات جادة أو تنشر سياسة عن المساعدات الإنسانية.


خطوات غير كافية

يقول ضابط محبط من الجيش الإسرائيلي: "اتخذت جميع القرارات حول الإمدادات لغزة بعجلة، دون أن يفهم الجنرالات أو الحكومة أن لنا مسؤولية للتوصل إلى استراتيجية شاملة". في 13 مارس (آذار) بدا أن إسرائيل غيرت سياستها عندما تعهدت "بإغراق المنطقة بالمساعدات". لكن بدل توفيرها، ستسهل إسرائيل فقط الجهود التي يبذلها الآخرون لذلك.
وبنت إسرائيل طريقاً جديداً إلى شمال غزة وسمحت باستئناف الشحنات على يد مقاولين فلسطينيين من القطاع الخاص كانوا يجلبون قبل الحرب نحو 90% من الغذاء.

ومع ذلك، يدعو الكثيرون إلى استئناف عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أونروا، منظمة الإغاثة الرئيسية في غزة، والتي تقول إسرائيل إن حماس اخترقتها.


الحل الأسرع

إن أسرع طريقة لمنع المجاعة هي وقف مؤقت لإطلاق النار للسماح بدخول المساعدات. لكن نتانياهو رفض قرار الأمم المتحدة الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار لأنه غير مشروط بالإفراج عن 134 رهينة محتجزين في غزة.

من ناحية أخرى، رفضت حماس اقتراحاً بهدنة مدتها ستة أسابيع، من ضمن بنوده إطلاق سراح 40 رهينة ومئات السجناء الفلسطينيين، لأنه لا يلزم إسرائيل بسحب قواتها من غزة. ويبدو أن الجانبين المحبوسين في معركة مميتة مستعدان لترك سكان غزة، يتضورون جوعاً.