الأربعاء 24 أبريل 2024 / 09:17

اللاجئون إلى رواندا عبر بريطانيا

عبداللطيف المناوي - المصري اليوم

من عاش في بريطانيا في تسعينيات القرن الماضي يستطيع أن يشعر بوضوح بحجم التغير الذي طرأ على البلد الذي كان يسير فيه رجل الشرطة وهو مسلح بمجرد عصا، وفي أكثر الحالات تشدداً كانت العصا تُحدث صدمة كهربية خفيفة. الآن أصبح معتاداً أن ترى رجل الشرطة يسير في شوارع المدن البريطانية وهو مدجج بالسلاح، يمكن مقارنته بصور المارينز مكتملة التجهيز للقتال.

بالمثل كانت بريطانيا هي أكثر الملاذات الآمنة للمهاجرين واللاجئين، كانت القوانين البريطانية، وأكثر قوة الرأي العام، داعمة وحامية لهذا التوجه.

وكانت إجراءات اللجوء حامية للاجئين والمهاجرين. لذلك لم يكن غريباً أن تكون بريطانيا أحد المؤسسين لقوانين ومؤسسات حقوق الإنسان الأوروبية والعالمية. ولكن اليوم من يفهم سر تحول شكل رجل البوليس الذي سبقت الإشارة إليه يستطيع أن يفهم القانون الذي أقره البرلمان البريطاني، واعتبره كثيرون مثيراً للجدل، يتيح للحكومة أن تُرحّل إلى رواندا طالبي لجوء وصلوا إلى المملكة المتحدة بطريقة غير نظامية، ويمنح التشريع الجديد الوزراء صلاحية التغاضي عن أجزاء من القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان البريطاني.
كانت المناقشات حول القانون قد استغرقت وقتاً طويلاً بين رافضين ومتحمسين للمشروع، وبين متحفظين يخشون من تداعياته والآثار التي يمكن أن تترتب عليه، خصوصاً ما يتعلق بتعارض المشروع مع القوانين البريطانية التي ظلت تدعو لها وتحرص على تطبيقها. وحاربت حكومة ريشي سوناك، هو نفسه حفيد مهاجرين، من أجل تمرير القانون انتصاراً لدافعي الضرائب.

الحكومة البريطانية تقول إن أعداد المهاجرين الوافدين إليها في تزايد مطرد في السنوات الأخيرة، وترتفع الشكوك لديها بأن معظمهم قد لا يكون مضطراً للجوء أو تنطبق عليه مواصفات قوانين اللجوء.

بلغت أعداد المهاجرين عبر القوارب الصغيرة إلى بريطانيا 45 ألفاً و700 في 2022، بزيادة قدرها 60% مما كان عليه الوضع في 2021، والذي كان 28 ألفاً و500، ووصلت في 2023 إلى 65 ألفاً.

وتتكلف الدولة ما يقرب من 3 مليارات جنيه إسترلينى سنوياً، وحوالي 6 ملايين جنيه يومياً، ويبلغ عدد الفنادق المستأجرة للمهاجرين 398 فندقاً يبلغ عدد ساكنيها أكثر من 56 ألف مهاجر، حيث يبلغ جملة عدد طالبي اللجوء في بريطانيا 74 ألفاً و751 شخصاً.
لن يتوقف الجدل حتى مع إقرار القانون وبدء تنفيذه، بدأت بالفعل ردود الفعل، دعت الأمم المتحدة بريطانيا إلى إعادة النظر في القانون، محذرة من أنه يهدد سيادة القانون ويشكّل "سابقة عالمية محفوفة بالمخاطر".

ودعا مسؤولون دوليون الحكومة البريطانية إلى "اتخاذ إجراءات عملية لمواجهة التدفقات غير النظامية للاجئين والمهاجرين، تقوم على التعاون الدولي واحترام القانون الإنسانى الدولي".
بينما تستعد وزارة الداخلية البريطانية لإعداد أول كشوف اللاجئين الذين سيُبعدون في رحلات جوية خاصة، وتستعد رواندا لاستقبال هاربين من بلادهم، معظمهم من أفريقيا، ليجدوا أنفسهم في بلد أفريقي مجاور.