تشييع جثامين مقاتلين من حزب الله قضوا في ضربات إسرائيلية
تشييع جثامين مقاتلين من حزب الله قضوا في ضربات إسرائيلية
الخميس 25 أبريل 2024 / 10:16

هل تدخل المواجهة بين إسرائيل وحزب الله مرحلة جديدة؟

أخلى 80 ألف إسرائيلي منازلهم قُرب الحدود الشمالية لإسرائيل، استجابةً لسقوط صواريخ حزب الله على مجتمعاتهم، وتتعرض القوات الإسرائيلية لأكبر قدر من النيران على الحدود اللبنانية.

قد تشجع إيران حزب الله على توسيع نطاق ضرباته على إسرائيل


قد يبدو إطلاق الصواريخ والقذائف عبر الحدود مناوشات بلا هدف. لكنَّ نظرة فاحصة تكشف أنه كانت هناك 3 مراحل مميزة للقتال، الذي بدأ عندما أطلقَ حزب الله الجولات الأولى في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول)، تضامناً مع حماس، حسب ما أفاد أحمد شعراوي، محلل أبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية.
وأوضح الكاتب في مقاله بموقع "ناشونال إنترست" أنه في البداية، اقتصر الرد الإسرائيلي على استهداف مواقع إطلاق صواريخ حزب الله قُرب الحدود. لكن في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، تحوّلَ الرد الإسرائيلي إلى هجمات في العمق اللبناني، بهدف إضعاف البنية التحتية العسكرية لحزب الله.
ثم في يناير (كانون الثاني)، ضربَ الإسرائيليون الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، مما أسفر عن مقتل المسؤول البارز في الحزب صالح العاروري. ودفعَ ذلك حزب الله إلى مضاهاة التصعيد الإسرائيلي، إلا أن إسرائيل احتفظت بزمام المبادرة، وألحقت أضراراً أكبر بكثير فيما بقي خصمها حذراً من إشعال فتيل حرب شاملة.

 خطر رد الفعل

إسرائيل مصممة على استعادة الأمن لعشرات الآلاف من مواطنيها، الذين يعيشون في مرمى صواريخ حزب الله في جنوب لبنان. وفي المقابل، يتعين على حزب الله الموازنة بين خطر إثارة ردة فعل واسعة النطاق قد يُحمّله مسؤليتها الشعب اللبناني بمختلف أطيافه. ويحتاج حزب الله أيضاً إلى الحفاظ على موارده وقدراته، ليتمكن من التهديد بالرد في حالة شن هجوم إسرائيلي على رعاته في طهران.

 


بعد يوم واحد من هجوم حماس المفاجئ، الذي أودى بحياة أكثر من 1100 إسرائيلي، تدخَّل حزب الله تأييداً لحماس بإطلاق الصواريخ والمدفعية عبر الحدود الشمالية لإسرائيل.
وسرعان ما امتدت الهجمات على طول الخط الأزرق - الحدود الفعلية بين إسرائيل ولبنان - لكنَّ عمقها كان محدوداً، إذ تركزت على البلدات الحدودية والتجمعات مثل شتولا وشلومي. وردّ الجيش الإسرائيلي بقصفِ مصادر إطلاق الصواريخ والمدفعية، بما في ذلك بلدات جنوب لبنان مثل مروحين وعيتا الشعب.
ويشير هذا الاختيار للأهداف إلى أن إسرائيل سعت إلى تجنب التصعيد، لكنها ستقتص من أي وحدة تطلق النيران عبر الحدود.
وشنّ حزب الله غاراته بمزيج من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وسرب من الطائرات المسيرة، في حين استخدم الجيش الإسرائيلي المدفعية والطائرات المسيرة والضربات المروحية، فضلاً عن نظام القبة الحديدية الدفاعي.
وفي أول خطاب علني للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خلال الحرب، ادعى بأن "عملياتنا على الحدود أجبرت الجيش الإسرائيلي على تحويل القوات والأسلحة والمعدات من غزة والضفة الغربية إلى الجبهة اللبنانية".
ورجّح الكاتب أن تكون كلمات نصر الله قد جسدت ما كان يأمل حزب الله في تحقيقه، رغم عدم وجود مؤشر واضح على أن إسرائيل واجهت أي قصور في الجبهات الأخرى، بسبب هجوم حزب الله.

تحوُّل في المواجهات

وأشار استهداف الإسرائيليين لمصنع للألمنيوم في النبطية في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) وردّ حزب الله على مقر فرقة المشاة الحادية والتسعين التابعة للجيش الإسرائيلي في بركانيت في 20 نوفمبر إلى تحوُّل نحو استخدام مجموعة كبيرة من الأسلحة وتوسيع الحدود الجغرافية للاشتباكات، مقارنةً بالمرحلة الأولى. امتدت غارات إسرائيل إلى عمق جنوب لبنان، وصولاً إلى بلدات مثل جزين وشيحيت. وبالنسبة للجيش الإسرائيلي، كان هذا خروجاً محسوباً عن إطار الرد المحض، بهدف تفكيك قدرات حزب الله.

 


وعَدَّل حزب الله استراتيجيته أيضاً، فحوَّلَ أنظاره إلى قواعد وثكنات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود. ومع ذلك، كان تأثير هجماته محدوداً مقارنة بالضربات الإسرائيلية، إذ غالباً ما كانت هجماته تستهدف عمداً مواقع أمامية غير مأهولة وثكنات خالية.
ومع إعادة رسم الحدود الجغرافية للصراع، اغتنمت إسرائيل الفرصة لتوجيه ضربات استباقية استهدفت البنية التحتية العسكرية لحزب الله في الجنوب اللبناني كله. وكان ذلك موقفاً استباقياً، وإعلاناً عن النية لتحييد أي تهديد من حزب الله.

الصراع في الشمال

وشكلت الضربة الإسرائيلية الدقيقة التي قتلت صالح العاروري في 2 يناير (كانون الثاني) بداية المرحلة الثالثة من الصراع في الشمال. فقد ضربت إسرائيل العاروري في الضاحية الجنوبية، في تحوِّل مُزلزِل نحو نهجٍ أكثر عدوانية شمل استهداف أصول وقيادات بارزة.
وردَّ حزب الله باستهداف قاعدة ميرون الجوية في شمال إسرائيل باثنين وستين صاروخاً. ومع ذلك، استمر الجيش الإسرائيلي في ضرب أهداف عالية القيمة مثل وسام الطويل، نائب قائد قوة الرضوان التابعة لحزب الله، في 8 يناير. وشملت عمليات تبادل النيران اللاحقة هجوماً شنه حزب الله على مقر القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي في صفد.
وردّ الجيش الإسرائيلي بتصفية قائد وحدة الطائرات المسيرة التابعة لحزب الله علي حسين برجي في 9 يناير. وصَفَّى الجيش الإسرائيلي قائد قوة الرضوان علي الدبس ونائبه في 14 فبراير (شباط) بعد مقتل جندي من الجيش الإسرائيلي في هجوم على مقر القيادة الشمالية. وقضَت الهجمات الأخيرة على علي أحمد حسين، أحد كبار العملاء في قوة الرضوان، في 8 أبريل (نيسان)، ويوسف الباز، قائد المنطقة الساحلية في حزب الله، في 16 أبريل (نيسان)
واتسعت عمليات حزب الله جغرافياً في هذه المرحلة، إذ استهدفت قواعد للجيش الإسرائيلي في مرتفعات الجولان. وفي الوقت نفسه، شنّت إسرائيل ضربات عديدة شمال نهر الليطاني، وأصابت أهدافاً مهمة مثل منشآت تخزين الأسلحة في الغازية، ومنشأة للدفاع الجوي في بعلبك، ومطاراً إيرانياً في بركة جبور.
ورغم اتساع نطاق هجمات حزب الله الجغرافية، فقد امتنع عن استخدام الأسلحة المتطورة كالصواريخ الموجهة بدقة لمنع التصعيد إلى حرب شاملة. وسجلت زيادة في استخدام صواريخ الكاتيوشا التي تستهدف مواقع الجيش الإسرائيلي على بُعد أكثر من عشرة أميال من الحدود. ومع ذلك، فقد خفّت فعالية هذه الهجمات بسبب نظام القبة الحديدية الإسرائيلية.
وبالنظر إلى المراحل الثلاث للصراع في الشمال منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول)، من الواضح أن حزب الله دفع الثمن الأكبر، إذ تكبّد أكثر من 270 قتيلاً وأضراراً جسيمة في بنيته التحتية العسكرية في جنوب لبنان.
ويسلط المحلل العسكري الإسرائيلي ألون بن دافيد الضوء على حالة الضعف التي يعاني منها حزب الله. ويعتقد أن "قدراته الصاروخية والصواريخ المضادة للدبابات قد كافحت لإحداث تأثير ضد القوات الإسرائيلية، مما فاجأ حتى حزب الله نفسه".
ورأى الكاتب أنه من الصعب أن نجزم إلى متى ستستمر المرحلة الثالثة من القتال على الجبهة الشمالية. وفي إسرائيل، تلوح في الأفق تكهنات حول عملية موسعة للجيش الإسرائيلي في عمق الأراضي اللبنانية.
وعلى النقيض من ذلك، قد تشجع إيران حزب الله على توسيع نطاق ضرباته على إسرائيل، بعد أن أطلقت طهران أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة في 13 أبريل (نيسان)، وقد تحدث تغيرات جذرية في أي لحظة، كما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول).