الخميس 25 أبريل 2024 / 11:17

بلومبرغ: بلينكن يكره سؤالاً يفضح المعايير الأمريكية المزدوجة

يرى الكاتب السياسي أندرياس كلوث، أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يكره سؤالاً لاحقه كثيراً في الفترة الأخيرة، عندما واجهه مؤخراً أمام منبر عالمي "هل حياة اليهود أكثر أهمية من حياة الفلسطينيين والمسلمين؟"، حيث أجاب وهو متفاجئ بشكل واضح "لا"، إلا أن هذه الإجابة لم تكن مرضية لأحد على الإطلاق.

هذه ليست طريقة جيدة للترشح لأربع سنوات أخرى في المنصب


"هل لدينا معايير مزدوجة؟ الجواب هو لا". مرة أخرى، كان على بلينكن أن يجيب عن السؤال هذا الأسبوع، أثناء نشر التقرير السنوي لوزارته حول حقوق الإنسان.
كتب كلوث في شبكة "بلومبرغ" أن السبب وراء استمرار ظهور هذه الأسئلة المحرجة هو أن الكثير من دول العالم تفترض ببساطة اعتماد إدارة الرئيس جو بايدن معايير مزدوجة. بموجب هذه المعايير، تدين الولايات المتحدة أو تعاقب الانتهاكات التي يرتكبها خصومها، مثل روسيا، لكنها تتجاهل أو تبرر أولئك الذين يرتكبونها من الأصدقاء، مثل إسرائيل. وسواء كان هذا صحيحاً أم لا، هذا التصور منتشر على نطاق واسع ليس فقط في البلدان المسلمة ودول الجنوب العالمي، بل أيضاً في المناطق الأقرب إلى الديار. لهذا السبب يحتج الطلاب الأمريكيون في حرم الجامعات – لكلا الجانبين، ولكن بشكل أكبر لمصلحة الفلسطينيين.

محكمة الرأي العالمي والمحلي

يشير كلوث إلى أنه كان من بين أولئك الذين جادلوا بأن بايدن كان في الواقع أفضل من معظم الآخرين في إظهار التعاطف مع كلا الجانبين. مع ذلك يرى الكاتب أن الضغوط تتزايد في محكمة الرأي العام العالمي. في بعض الأحيان بشكل حرفي: تنظر محكمة العدل الدولية في قضية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة. وفي أحيان أخرى، تتزايد الضغوط سياسياً، وقّع العديد من الموظفين في وزارة الخارجية على احتجاجات ضمن "قناة المعارضة" الداخلية، واستقال اثنان منهم.

 

 


وقال أحدهم للكاتب إنهم مستاؤون بالتحديد من أن الولايات المتحدة تبدو وكأنها تتجاهل لا القانون الدولي وحسب، بل أيضاً القانون المحلي، وعلى وجه التحديد ما يسمى قانون ليهي. يحمل هذا القانون اسم باتريك ليهي وهو سيناتور سابق عن ولاية فيرمونت، ويحظر على وزارة الخارجية والبنتاغون مساعدة وحدات من القوات المسلحة الأجنبية المتورطة في "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". وقت كتابته في التسعينات، كان القانون يستهدف قوات الكوماندوز المتفلتة من الضوابط في الجيش الكولومبي، على سبيل المثال.

ماذا عن لجوئه إلى قانون ليهي؟

لكن هذا الأسبوع، استعد بلينكن لتطبيق قانون ليهي على وحدة من الجيش الإسرائيلي للمرة الأولى. تتمثل الخطة في حجب المساعدات الأمريكية عن كتيبة تدعى نتساح يهودا ("انتصار يهوذا"). تأسست هذه الجماعة للجنود الأرثوذكس المتشددين الذين لا يقاتلون إلى جانب النساء، وقد اجتذبت أيضاً مجندين من مجتمعات المستوطنين اليمينيين المتطرفين في الضفة الغربية. وبحسب الأدلة التي تراجعها وزارة الخارجية، ارتكبت وحدة نتساح يهودا انتهاكات لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. هذه الخطوة الدبلوماسية هي تذكير بأنه لا قانون ليهي ولا أي أداة قانونية بحتة أخرى يمكن أن تحل مشكلة بايدن الأكبر، وهي ظهور المعايير المزدوجة.
أوضح كلوث أنه تم تصميم قانون ليهي لتوجيه اللوم إلى قوات كوماندوز معينة لا إلى دول أجنبية أو حكوماتها ككل. لذلك، إذا كانت المشكلة في الشرق الأوسط هي أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يأمر باستخدام القوة "العشوائية"، بحسب تعبير بايدن، ضد المدنيين في قطاع غزة، فعندها إن معاقبة نتساح يهودا على ما فعلته في الضفة الغربية، قبل 7 أكتوبر(تشرين الأول) بالمناسبة، ليست ذات صلة. علاوة على ذلك، يسمح قانون ليهي بـ"العلاج". إذا قامت الحكومة الإسرائيلية بتأديب الكتيبة، فستتراجع واشنطن عن إجرائها.

نقاط ضعف أخرى

يقيد هذا الإجراء وزارتي الدفاع والخارجية، لكن ليس مثلاً وكالة الاستخبارات المركزية التي يمكنها العمل مع أي وحدة كوماندوز أجنبية ترضيها. علاوة على ذلك، إن العملية مرهقة وبيروقراطية، تبدأ مراجعة وزارة الخارجية بمعلومات من المنظمات غير الحكومية وما شابهها، ويمكن أن تمتد لأشهر أو سنوات.

 


في السياق الحالي، يعد استهداف قانون ليهي لإسرائيل رمزياً بالدرجة الأولى. إن تقليص المساعدات لنتساح يهودا لن يستميل نتانياهو للتخفيف من سياسته أكثر مما فعلته توسلات بايدن و"الخطوط الحمراء" الأخرى، وهي أساساً لم تفعل أي شيء على الإطلاق. من جانبه، رفض نتانياهو تصرفات ليهي ووصفها بأنها "ذروة السخافة وتدنٍّ أخلاقي". يترك ذلك رسالة بايدن العامة مشوشة كما كانت دائماً.

عودة إلى الإشارات المتضاربة

حتى عندما كان فريق بلينكن يضع اللمسات الأخيرة على تحركه بشأن ليهي، كان الكونغرس يسرّع تقديم حزمة تشريعية إلى مكتب بايدن. ستوفر الحزمة، من بين أمور أخرى، 26 مليار دولار إضافية لإسرائيل، علاوة على المساعدات التي ترسلها الولايات المتحدة كل سنة. وبعد أن تلقت نحو 124 مليار دولار منذ تأسيسها سنة 1948، تُعَد إسرائيل بسهولة أكبر متلقٍّ للمساعدات الأمريكية التراكمية على مستوى العالم. وسوف تشتمل هذه المعدات على قنابل أمريكية من ذلك النوع الذي كانت تسقطه إسرائيل أيضاً على سكان غزة.
علاوة على ذلك، وفي الأسبوع الماضي فقط، أرسل بايدن إشارة أخرى أكثر غموضاً في مجلس الأمن. اقترحت الجزائر ترقية وضع فلسطين في الأمم المتحدة من "مراقب دائم" إلى عضو كامل، وصوتت 12 دولة في المجلس لمصلحة المقترح، مع امتناع دولتين عن التصويت. فقط الولايات المتحدة استخدمت حق النقض. كان من الصعب تفسير ذلك، لأن واشنطن تزعم أنها تؤيد بشدة إقامة دولة فلسطينية باعتبارها الحل الوحيد الطويل الأمد لتهدئة الشرق الأوسط.

الأسئلة المزعجة ستطاردهما

لذلك، أضاف كلوث، سيظل يتعين على بايدن وبلينكن الإجابة عن الأسئلة المزعجة نفسها. إذا أرادا إقناع العالم بعدم اعتمادهما معايير مزدوجة، فسيتوجب عليهما ربط المساعدات العسكرية لإسرائيل بالاستخدام السليم للأسلحة الأمريكية، كما تفعل الولايات المتحدة مع معظم المستفيدين الآخرين من مساعداتها، أو وقف جميع الشحنات. وفي الأمم المتحدة، يتعين على الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب إسرائيل أو فلسطين بالاعتماد على المسألة المطروحة.
إذا لم يكن بايدن مستعداً لإجراء هذه التغييرات، فلن يتمكن أي لجوء إلى قانون ليهي من حل مشاكله في الشرق الأوسط. سيستمر نتانياهو في تجاهله، وسيواصل الطلاب الأمريكيون أعمال الشغب، وسيستمر العالم في اتهام الولايات المتحدة بالنفاق. وختم الكاتب "هذه ليست طريقة جيدة للترشح لأربع سنوات أخرى في المنصب".
.