تظاهرات إخوانية سابقة في لندن (رويترز)
تظاهرات إخوانية سابقة في لندن (رويترز)
الجمعة 26 أبريل 2024 / 13:51

الإخوان والإرهابيون "الهدف واحد"

مع تزايد التهديد الإرهابي في أوروبا الذي شهد تطورات مقلقة خلال عام 2024، حيث لا يزال تنظيم داعش الإرهابي يُشكّل خطراً كبيراً، دعا عدد من الباحثين والخبراء الفرنسيين لوضع تنظيم الإخوان الإرهابي تحت المجهر، باعتبار أنّ أهدافه لا تحيد عمّا يسعى له الإرهابيون.

وأكد محللون سياسيون أهمية إجراء المزيد من الدراسات حول نشأة تنظيم الإخوان وتطوّره وقراءة المخاطر المُستقبلية التي يُشكّلها في المنطقة العربية والعالم رغم تراجع نفوذه وتضاؤل مؤيّديه، مُشيرين إلى أنّ الباحثين الغربيين مُتهاونين في هذا الصدد ولم يقوموا بتحليلات وأبحاث كافية.

وتناول كلّ من المؤرخ بيير فيرميرين الأستاذ في جامعة السوربون، والباحثة السياسية ومديرة الأبحاث في معهد البحوث للتنمية بوزارة التعليم العالي سارة بن نفيسة، في بحث مُشترك نشرته صحيفة "اللو موند" الفرنسية، تجربة قوة جماعة الإخوان المسلمين التي وصلت للحكم في بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة قبل انهيارها شبه التام، حيث رأى الباحثان أنّ عقائد الإخوان وعدم فهمهم لارتباط الشعوب العربية بالوطنية والقومية قادهم للفشل وإلى إخفاقات مُدوّية.

كما أنّ التباعد الواسع بين مشروع التنظيم الإرهابي المُتمثّل بقيام الدولة الإسلامية العالمية، وبين المُجتمعات والشعوب العربية التي تتميز بارتباطها بالدولة، يُظهر عدم قُدرة الإخوان على التكيّف مع التغيّرات الاجتماعية، وهي سمة من سماتهم كتنظيم طائفي خطير، قوي ومُنضبط، ولكن بدون نخب أو مهارات أو مفكرين ومحللين يستطيعون استقراء التطلعات الحقيقية للشعوب.

هدف مُشترك لا يُمكن تحقيقه

وتُحذّر سارة بن نفيسة من أنّ للإخوان والسلفيين والإرهابيين هدف مشترك وهو إقامة دولة إسلامية، مُعتبرة أنّ هذه الحركات الثلاث لها نفس الهدف الذي وصفته بِـ "الخيال"، لكنّ طريقة تنفيذها تختلف على الرغم من البيئة الأيديولوجية المواتية في بعض الدول، وكون مؤسس ومُنظّر جماعة الإخوان المسلمين هو نفسه الأب الروحي للجهادية المعاصرة.

من جهته يقول بيير فيرميرين إنّ اختيار صناديق الاقتراع من قبل الإخوان كان خياراً تكتيكياً وليس استراتيجياً، حيث يُظهر خطاب وممارسات الجماعة في السلطة أنّ هدفهم على المدى الطويل لم يتغيّر، فالأمر يتعلق بإعادة أسلمة المجتمعات "غير المسلمة بما فيه الكفاية" من وجهة نظرهم، لأنهم يعتبرونها تُقلّد الغرب الذي يُعطي الأولوية للدولة على حساب الدين. وعلى الرغم من مُحاولتهم إظهار عكس ذلك عبر الخطابات العلنية، إلا أنّ أهدافهم الحقيقية تكشفها أفعالهم.

ويرى المؤرخ الفرنسي المعروف أنّ الإخوان لم يتكيّفوا مع النموذج السياسي للدولة القومية. وقد أعلنوا بوضوح أنّ الإصلاح الديني للفرد والأسرة والمجتمع يجب أن يسبق إصلاح الدولة. وبالنسبة لهم فإنّ هدف المُشاركة في الانتخابات المحلية ببعض الدول هو إدارة أجهزة الدولة والسيطرة عليها، وليس تغيير طبيعتها لمصلحة الشعوب. كما أنّ الدولة تُعتبر في ذات الوقت غير شرعية بالنسبة لهم، إذ يقولون إنّها تقسم "المؤمنين" خارج نطاق القوانين الدينية.

سرقة طموحات الشعوب

وفيما يتعلّق باعتبار جماعة الإخوان الإرهابية الفائز الأكبر بداية فيما سُمّي بـِ "الربيع العربي"، يرى فيرميرين أنّ التنظيم الإرهابي تسلّق على المُطالبات الحقيقية للشعوب واختطفها بحُكم الأمر الواقع، لأن الإخوان برأيه لم يكونوا في الأساس هم المُبادرين. ففي مصر كان صعود الحركات الاحتجاجية يسبق عام 2011، ولم تتلقّ أيّ منها دعماً من جماعة الإخوان المسلمين، حيث كان الشباب في القاهرة على سبيل المثال هم أوّل من تحرّكوا، فيما قفز الإخوان على العربة وسعوا فاشلين إلى التحالف مع الجيش قبل وبعد رحيل الرئيس حسني مبارك عن السلطة.

أما في تونس فقد انطلقت الانتفاضة من النقابات وانضمّت إليها جميع الطبقات الاجتماعية، بينما حرص الإخوان على إظهار صورتهم باعتبارهم الضحايا الرئيسيين للرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وذلك بهدف سرقة حركة احتجاجية اتسمت بديناميكية الشباب، في حين لم يكن هدف الإخوان أساساً تلبية أهداف وطموحات المُحتجّين وإرضاءهم، بل تحقيق أهدافهم التي كانوا يُحاولون إخفائها.