الرئيسان الأمريكي جو بايدن والسابق دونالد ترامب (أرشيف)
الرئيسان الأمريكي جو بايدن والسابق دونالد ترامب (أرشيف)
الأحد 5 مايو 2024 / 11:59

6 أسئلة تحدد الفائز في انتخابات الرئاسة الأمريكية

سلط الزميل الزائر في معهد روبرت دول للسياسة في جامعة كانساس جيرالد سيب الضوء على ستة أسئلة ستحسم الإجابة عليها مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخريف المقبل.

ويرى سيب أن من الصعب المبالغة في تقدير حجم غياب استقرار الأرضية السياسية للمرشحين: الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب.

وكتب سيب في صحيفة "ذا صنداي تايمز" أن التوقعات في الانتخابات محفوفة بالمخاطر إلى حد بعيد، لكنه رجح أن تحدد الإجابات على الأسئلة التالية النتيجة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

المرشح الذي سيساعده الاقتصاد؟

عادة ما يطغى الاقتصاد على العوامل الأخرى في الانتخابات الرئاسية، خاصة عندما يتعلق الأمر بشاغل للمنصب. حسب معظم المقاييس التقليدية، فإن أداء الاقتصاد الأمريكي جيد، وفي الواقع، هو أفضل في بعض النواحي مما كان عليه عندما فاز رونالد ريغان بإعادة انتخابه المدوي في 1984 عندما أعلن أن "الصباح قد بدأ مرة أخرى في أمريكا". فقد بلغت معدلات البطالة اليوم ما يقرب من نصف ما كانت عليه آنذاك، ومعدل التضخم أدنى. كما تباطأ النمو الاقتصادي لكنه ظل سليماً وارتفعت سوق الأوراق المالية بأكثر من 10% في السنة الماضية.

يجب أن يترجم كل هذا إلى أخبار جيدة لبايدن، لكن بطريقة ما، لا يبدو الأمر كذلك. ففي الاستطلاعين الأخيرين لصحيفة وول ستريت جورنال، بلغت نسبة الناخبين الذين قالوا إنهم يوافقون على أداء الرئيس في التعامل مع الاقتصاد 40% فقط.
والسبب بسيط، ربما يكون معدل التضخم استقر تحت سقف معين، لكنه ظل مرتفعاً خلال معظم السنوات الثلاث الماضية. إنه قوة اقتصادية ماكرة لم يتعامل معها كثر طوال حياتهم. تؤثر البطالة بشكل مباشر على جزء صغير فقط من السكان ولا يستفيد الجميع عندما ترتفع سوق الأسهم، لكن كل مواطن يشعر بالتضخم مع كل معاملة في متجر البقالة، أو مضخة الوقود. والنتيجة أن مؤسسة كونفيرنس بورد، البحثية غير الحزبية، أعلنت أن ثقة المستهلك انخفضت الشهر الماضي للشهر الثالث على التوالي.
المفتاح هنا هو هل أن بايدن قادر على إقناع الأمريكيين بأن القوى الاقتصادية الإيجابية أكثر أهمية من المخاوف المزعجة  من التضخم. يمكن أن يتمكن من ذلك. يشير مايك بوسيان، خبير ديمقراطي في استطلاعات الرأي يساعد وول ستريت جورنال في مسح الرأي العام، إلى أن الناخبين في المراحل المتأرجحة يقولون الآن إن أوضاعهم الاقتصادية في ولايتهم جيدة إلى حد مقبول، لكن الاقتصاد الوطني ليس كذلك. ويشير إلى أنه "لا يمكن للاقتصاد في كل ولاية أن يكون على ما يرام بينما يكون وضع البلاد سيئاً". المهمة الأولى لحملة بايدن هي إقناع الناخبين بذلك.

الناخبون السود واللاتينيون والشباب؟ 

في السنوات الأخيرة، كان بوسع الديمقراطيين دائماً أن يعتمدوا على الدعم القوي من ناخبي الأقليات والشباب. الآن، هذا هو السؤال حسب الكاتب.
يحقق حزب ترامب الجمهوري اختراقات بين الناخبين السود، والهيسبانيين من الطبقة العاملة، خاصة بين الرجال. في استطلاع أجرته وول ستريت جورنال في فبراير (شباط)، حصل ترامب على دعم 22% من الناخبين السود، و46% من ذوي الأصول الهيسبانية، عندما تنافس وجهاً لوجه مع بايدن. على النقيض من ذلك، أظهرت استطلاعات الرأي في انتخابات 2020 أن ترامب فاز بـ 12% و32% فقط من المجموعتين على التوالي.

قبل أربع سنوات، كان الناخبون الأصغر سناً يشكلون عنصراً أساسياً في ائتلاف بايدن الفائز. لكن استطلاعات الصحيفة نفسها تظهر أن ترامب يحصل على دعم 40% من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، مقارنة مع 36% قبل أربع سنوات. وأظهر استطلاع رأي لشبكة سي إن إن، في  نهاية الأسبوع الماضي، أن ترامب يتفوق على بايدن بين الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً بهامش من 51 إلى 40%. وهذا أمر مثير لقلق الديمقراطيين، كما هو الحال مع الأدلة التي تشير إلى أن الناخبين الشباب ببساطة ليسوا متحمسين جداً للمشاركة في الانتخابات المقبلة. إذا استمرت مثل هذه الاتجاهات، فقد تكون قاتلة لبايدن.
من ناحية أخرى، يميل الناخبون للعودة إلى سياساتهم السابقة مع اقتراب موعد الانتخابات، لذلك، قد تكون متعة الجمهوريين بمثل هذه الإشارات قصيرة الأمد. بالإضافة إلى ذلك، وفي تطور يمكن أن يفيد الرئيس الحالي، يبدو أن الناخبين الأكبر سناً الذين كانوا يمثلون مجموعة إشكالية له، قبل أربع سنوات، يميلون نحوه.

الثمن الذي سيدفعه ترامب؟ 

ببساطة، لا توجد سابقة لمحاكمة مرشح حزب كبير بتهم جنائية، مع تهم إضافية في المستقبل. لكن هذا هو على وجه التحديد ما يواجهه ترامب اليوم. في المجمل، يواجه ترامب 91 تهمة جنائية في أربع لوائح اتهام منفصلة.
تشمل القضية التي تنظر فيها محكمة بنيويورك اتهامات للرئيس السابق بتزوير سجلات أعماله للتغطية على دفع أموال لنجمة إباحية مقابل صمتها عن لقاء جنسي مزعوم. أما التهم الأكثر خطورة التي لما تأتِ بعد فهي بسبب جهوده لإلغاء خسارته في انتخابات 2020، رغم أن من غير المؤكد مقاضاته عليها قبل الانتخابات.
في الوقت الحالي، يعتبر ترامب التهم الجنائية وسام شرف، وعلامة على أن المؤسسة السياسية اليسارية ستفعل كل شيء لإيقافه. ويبدو أن مناصريه الأساسيين يوافقون على ذلك، ويلتفون حوله بدعمهم ومساهماتهم في الحملة الانتخابية. لكن هناك جانب مظلم عنده أيضاً. في الوقت الحاضر، لا يمكنه تنظيم حملته الانتخابية إلا في أيام الأربعاء وفي عطلات نهاية الأسبوع، عندما لا تكون محكمة مانهاتن منعقدة. والأهم من ذلك أن استطلاعات الرأي تقدم دليلاً على أن بعض مؤيدي ترامب الهامشيين قد يفكرون مرة أخرى في التصويت لمدان ، في سباق متقارب، لن يتطلب الأمر الكثير من هذه الانشقاقات لترجيح كفة  بايدن.

المرشح الذي سيُظهر عمره أكثر؟

حسب سيب، ربما تتقلب قوى أخرى في الأشهر المقبلة، لكن هذين المرشحين كبيران في السن جداً بالمعايير التاريخية، وسيكونان في بداية الفترة الرئاسية المقبلة أكبر من رونالد ريغان في نهاية فترة رئاسته. كان ريغان في السابق أكبر رئيس للبلاد سناً.
بالنسبة إلى المرشحين، يُظهر العمر آثاره. كان ترامب يغفو وهو يستمع إلى الحجج والاستجوابات في محاكمته. وهو يطلق أحياناً أحاديث لا يمكن فك شفرتها خلال مسيرات حملته الانتخابية. يمشي بايدن مشية أكثر تصلباً بشكل ملحوظ، ويمكن أن يكون خطابه بطيئاً وغير مفهوم، ويبدو أنه يفقد تسلسل أفكاره أحياناً في تصريحاته.
ربما يكون العامل الرئيسي إذا كان أي من المرشحين سيعاني من انتكاسة صحية من الآن وحتى موعد الانتخابات، وهو ما يسلط الضوء على مسألة السن. من ناحية أخرى، ربما يتمكن بايدن من إقناع الناخبين بأن الجانب الإيجابي في عمره، هو الحكمة المتراكمة، كما يحاول أن يفعل الآن.

هل ستحسم أوراق جامحة إحدى الحملتين؟

من غير المعتاد وجود العديد من القوى التي لا يمكن التنبؤ بها في نفس الوقت. وقد يكون أهمها حق الإجهاض الذي انتقل إلى رأس اهتمامات العديد من الناخبين، خاصة النساء، بعدما ألغت المحكمة العليا منذ عامين الحق الدستوري في الإجهاض. تقول النساء المهتمات باستعادته إنهن يثقن في الديمقراطيين أكثر بكثير من الجمهوريين، وتشير الانتخابات الأخيرة إلى أنهن متحمسات للحضور والتصويت بالاستناد إلى ذلك.
في الوقت نفسه، برزت الاضطرابات الجامعية بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في صراع غزة، قوة جديدة تماماً في النقاش الوطني.

يستخدم الجمهوريون الاحتجاجات الجامعية لتصوير الديمقراطيين حزب الاضطرابات والخلل الوظيفي، كما فعلوا عندما ساعدت الاضطرابات بسبب حرب فيتنام في انتخاب ريتشارد نيكسون في 1968. في الوقت نفسه، انتقلت الهجرة، رغم أنها ليست قضية جديدة، إلى قائمة مخاوف ناخبين آخرين مع ارتفاع موجة المهاجرين على حدود المكسيك إلى مستويات تاريخية.
ربما تكون البطاقة الأكثر صعوبة في التنبؤ هي وجود مرشح مستقل هائل، روبرت إف كينيدي جونيور، سليل عائلة كينيدي الأسطورية في الحزب الديمقراطي، الذي يعمل على ضمان الوصول إلى بطاقات الاقتراع في كامل البلاد، لكن من غير المؤكد عدد الولايات التي ستضع اسمه على بطاقاتها. والأهم من ذلك أن من غير الواضح إذا كان سيسحب المزيد من الأصوات من بايدن أو ترامب.

الولايات التي ستقرر السباق؟

في الواقع، تابع سيب، لا تعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية انتخابات وطنية على الإطلاق، بل هي سلسلة  انتخابات في خمسين ولاية متفرقة. في أغلب هذه الولايات، لم تكن النتيجة موضع شك، لأن البلاد انقسمت في الأغلب إلى ولايات موثوق في توجهات ناخبيها الديمقراطية أو الجمهورية. على هذه الخلفية، ستتحدد انتخابات هذه السنة في سبع ولايات فقط هي ميشيغان، وبنسلفانيا، وويسكونسن، ونورث كارولينا، وجورجيا، وأريزونا، ونيفادا.
الولايات الأربع الأولى قد تحسم السباق. يبدو أنها الأكثر انقساماً بالتساوي بين بايدن وترامب. كما أنها متشابهة ديموغرافياً، وقد أظهرت في الانتخابات الأخيرة أنها قادرة على الذهاب في الاتجاهين بين الحزبين، وكل منها كبير بما يكفي لترجيح النتيجة في المجمع الانتخابي.

سؤال إضافي

بطبيعة الحال، ثمة سؤال سابع بالغ الأهمية يخيم على الانتخابات، وهو السؤال الذي لم يكن مطلقاً قضية جدية قبل رفض ترامب قبول خسارته في انتخابات 2020. والسؤال ببساطة هو، كم عدد الأمريكيين الذين سيثقون ويقبلون نتيجة التصويت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)؟
لن تحدد هذه الإجابة النتيجة فحسب بل أيضاً إذا كانت البلاد ستمضي قدماً بسلام، أو تنحرف نحو اضطرابات بعد الانتخابات.