إريك سيوتي زعيم الحزب الجمهوري يتحدث إلى الصحافيين.
إريك سيوتي زعيم الحزب الجمهوري يتحدث إلى الصحافيين.
الأحد 16 يونيو 2024 / 11:21

فرنسا.. تحالف ينذر بزلزال في المشهد السياسي قبل الانتخابات

في 11 يونيو(حزيران)، ظهر إريك سيوتي زعيم الحزب الجمهوري، الذي يمثل يمين الوسط القديم، على شاشة التلفزيون ليضع الأمور في نصابها الصحيح، ومع تفاوض الأحزاب اليسارية الفرنسية على "جبهة شعبية" في الفترة التي تسبق الانتخابات المبكرة في 30 يونيو و7 يوليو (تموز)، أعلن سيوتي أنه سيسعى إلى تحالف غير مسبوق مع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان، بعد فوزه الساحق في انتخابات البرلمان الأوروبي، الأحد.

بطرد سيوتي، قد ترغب قيادة الحزب الجمهوري في الاعتقاد بأنها استعادت السيطرة

وكتب هاريسون ستيتلير في صحيفة "غارديان" البريطانية، أن هذه كانت أحدث نقطة تحول أثارها حل الرئيس إيمانويل ماكرون، المفاجئ للجمعية الوطنية الأحد، ليثير أزمة سياسية كبيرة من المرجح أن تؤدي إلى هزة في القوى السياسية والولاءات.
وبطبيعة الحال، تبنى يمين الوسط القديم منذ فترة طويلة السمات المميزة لسياسة لوبان ــ من الخوف المهووس من الانحدار الوطني والحروب الثقافية ضد المسلمين الفرنسيين إلى اعتناق ما يسمى بنظرية "الاستبدال العظيم"، لكن الحزب الوصي- على ما لا يزال الفرنسيون يحبون أن يطلقوا عليه "الديغولية"، تشبث بالرفض الخطابي على الأقل لمشروع عائلة لوبان السياسي.

ويذكر أن حزب التجمع الوطني هو المسمى الجديد للجبهة الوطنية، الحزب الذي أسسه جان- ماري لوبان وغيره من الفاشيين الجدد عام 1972 عندما كانوا يضمدون جروح اعتراف شارل ديغول بالهزيمة في الحرب الاستعمارية الفرنسية على الجزائر.
ومنذ الثلاثاء، انخرط الجمهوريون في حرب أهلية صريحة خرجت مباشرة من ميلودراما هزلية. ومع إعلان رئيس حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا، أن "العشرات" من المرشحين الجمهوريين يمكن أن يحصلوا على دعم من اليمين المتطرف، سارع قياديون في الحزب الجمهوري إلى إدانة خطوة سيوتي باعتبارها مبادرة مارقة، تم اتخاذها من دون استشارة قيادة الحزب. ويشتبه كثيرون في أن سيوتي، النائب المنتهية ولايته من منطقة بروفانس، يعزز طموحاته الشخصية، ويقال إنه مهووس بالفوز بمنصب عمدة مدينة نيس، متحايلاً على منافسه المحلي كريستيان إستروسي.

وبعد ظهر الأربعاء، تحصن سيوتي داخل مقر الحزب الجمهوري المطل على الساحة خلف الجمعية الوطنية، حيث نددت به شخصيات رئيسية أخرى من نخبة الحزب ووصفته بالخائن. وقد تم طرده الأربعاء، ولا يزال غير واضح من بات المسؤول الآن وماذا تبقى من الحزب.
ولعل ما حفز سيوتي على هذه الخطوة هو الحسابات البسيطة لتوجه الكتلة الحاسمة من الناخبين إلى المحافظين، أي إلى لوبن والتجمع الوطني. وعلى رغم أن نخبة الحزب الجمهوري ربما تتشبث بابتعادها عن عائلة لوبان، فإن ناخبيها يتطلعون على نحو متزايد إلى اليمين المتشدد. ويدرك جيل شاب من الناشطين وكوادر الحزب أيضاً أين يمكن العثور على الزخم والطاقة ــ والوظائف والمناصب المستقبلية ــ في اليمين الفرنسي. وأعلن زعيم فرع الشباب في الحزب الجمهوري غيلهيم كارايون دعمه لمساعي سيوتي من أجل التحالف مع الجبهة الوطنية.
وبطرد سيوتي، قد ترغب قيادة الحزب الجمهوري في الاعتقاد بأنها استعادت السيطرة على معقلها القديم. (من جانبه، أصدر سيوتي مقطع فيديو صباح الخميس يحمل شعار الحزب، وهو يتحرك لاتخاذ إجراءات قانونية في شأن إقالته). وفي الوقت نفسه، يوجه ماكرون وحلفاؤه النداءات النهائية من أجل ما تبقى من اليمين الديغولي ليدعم الوسط. لكنهم جميعاً يمكن أن يكونوا يتقاتلون على صدفة فارغة.
وقال فرانسوا كزافييه بيلامي، الذي قاد حملة الحزب الجمهوري في الانتخابات الأوروبية الخميس، إنه سيصوت "طبعاً" للجبهة الوطنية في حالة إجراء جولة إعادة تضعه في مواجهة اليسار.
ويخلص الكاتب إلى أن "تحالف" سيوتي مع حزب الجبهة الوطنية ليس رسمياً على الإطلاق، لكن بارديلا ولوبان حصلا في النهاية على ما أرادا. ويؤكد الانهيار المستمر في ما تبقى من المؤسسة اليمينية في فرنسا ما بات واضحاً بشكل لا لبس فيه الأحد الماضي. لقد نجحت لوبان والتجمع الوطني في أن يصيرا الخط الرئيسي للتيار الفرنسي المحافظ.