الأربعاء 4 يونيو 2014 / 22:44

بداية عصر القيادة الموجهة




من دون فرامل أو عجلة قيادة أو مرايا، فقط مفتاحان أحدهما للتشغيل والآخر للتوقف، هكذا ستكون سيارة المستقبل التي تحلل وتفهم وتتنبأ وتقرأ الأفكار بمفردها وما يقصده الركاب وليس السائق، لأنه ببساطة لن يعد لهذه الكلمة جدوى، فلا وجود للمقود أو الأجزاء التي يعتمد عليها قائد المركبة.

مفهوم جديد يفرض نفسه بقوة راهناً في قطاع السيارات وتوجه حديث تسعى عدد من عمالقة السيارات الدخول فيه بقوة وتجسيده على أرض الواقع، والغريب أن العملاقة الأمريكية غوغل لخدمات الإنترنت التي لم يكن لها سابقة على الإطلاق في هذا المجال سبقتهم بالفعل، بل اقتحمته بكل قوة وما تملكه من إمكانيات في مجال الإلكترونيات.

وضعت غوغل جل تركيزها بفضل قدرات فريق عملها لفتح باب أمل جديد يحل مشاكل إنسانية لا حصر لها، فأنا هنا لست بصدد التحدث عن الإمكانيات التقنية المتطورة التي دمجتها الشركة ولا تزال في سيارتها الذكية التي تقود بذاتها، أو أنظمة التحكم الآلية ومكابح الطوارئ التي تعمل وفقاً لبيانات جهاز كمبيوتر وكاميرات وأجهزة استشعارية، أو أنظمة المناورة والقدرة على تغيير الاتجاهات بشكل يساعد على تفادي الحوادث أو التصادمات.

ما نحن بصدده الآن التأثيرات الإيجابية التي تلقي بظلالها على الإنسان، ذلك المقعد الذي لا يتحرك أو من ذوي الاحتياجات الخاصة الذي تمنحه السيارة ذاتية القيادة متعة ركوب السيارة وقيادته بمفرده، حتى وإن كان أحداً بجواره، فيكفي أنها ستلغي لديه فكرة الشعور بأنه عاجزاً لا يقدر القيادة، فالمحيطين حوله لا يقودون أيضاً، فالسيارة بلا عجلة قيادة.

وليس الإنسان الاستثنائي وحده الذي سيستفيد من مشروع القيادة الآلية، فربما مع تعزيز هذا المشروع الذي لا يزال في أول الطريق، يُهدئ من حدة النزاعات القائمة في عدد من الدول المطالبة بمنع قيادة المرأة، ففي هذه الحالة لن تقود، بل تصبح راكباً مثلها مثل غيرها، فلن تمسك المقود أو تضغط على الفرامل أو حتى تلمس جزءاً من أجزاء السيارة، فكل ما ستفعله أنه ستفتح الباب وتدخل وتقوم بتشغيل المفتاح المسؤول عن انطلاق السيارة.

ناهيك عن تخفيف وطأة وضغط القيادة أثناء حر الصيف أو في الظلام الدامس، فكثير من أصحاب السيارات يكرهون أو لا يطيقون حتى فكرة القيادة، لكنها اضطرارية بالنسبة لهم، يتمنون لو يأتي يوماً يركبون سياراتهم من دون ازعاج السائق ويقرأون صحيفتهم أو يطالعون هواتفهم، مع الوصول إلى الوجهة المقصودة بأمان وسلام.

لم تقف إيجابيات السيارات من دون سائق عند هذا الحد، فلها أثر بالغ الأهمية على البيئة، كونها صديقة لها من خلال تقليل الانبعاثات والعوادم السامة وتخفيض نسبة الحوادث بنسبة 90% هكذا يقول خبراء صناعة السيارات، الذي يعد الانسان مسؤولاً عن 75% منها وكذلك الازدحام المروري، وهذا وفقاً لدراسة أمريكية حديثة صادرة من معهد سينسابل سيتي بمعهد ماساتشوستس للتقنية الأمريكية قالت إن هذه السيارات ستحد من التكدس المروري بواقع أربعة أخماس على طرق المدن المزدحمة في آسيا.

تطور هائل وتقدم غير مسبوق، فما كان ضرباً من ضروب الخيال، أصبح حقيقة واقعية نعيشها الآن، من يعرف ربما قريباً الطائرات أيضاً، من خلال ضبط نظام التحكم إلى الجهة المراد الوصول إليها.