الخميس 5 يونيو 2014 / 11:29

أنا وجارتي والآي باد


"الكثير من الإزعاج أفضل من القليل من الدلال"، هذا هو حال لسان بعض الاختصاصيين النفسيين المتعاملين مع الأطفال، فهم يرون أن مسألة التدليل سهلة وبسيطة، لكن عواقبها وخيمة ليس على الطفل فقط، بل على كل المحيطين به وعلى رأسهم الوالدان.

لم أدرك معنى هذا الكلام إلا عندما اندلع خلاف عنيف مع جارتي وصل إلى المقاطعة بسبب إفراطي في تدليل طفلتي على خلفية رفض أطفالها إعطاء جهازهم الآي باد لابنتي قليلاً كي أرتاح من نوبة البكاء التي أصابتها لتحصل على الآي باد ونتابع الحديث حول وصفة طبخ جديدة.

حاولت بأسلوب لطيف مسايرة أطفالها أملاً في إقناعهم بالتنازل عن الآي باد لدقائق غير أن إصرارهما على متابعة لعبتهم المشوقة على وقع صرخات طفلتي أثار غضبي ودفعني إلى مغادرة منزلها على الفور من أجل الذهاب إلى أقرب مركز لشراء آي باد لطفلتي على الرغم من إصراري سابقاً على عدم شراء آي باد لها قبل بلوغها عامها الثالث.

في البداية ظننت أنني تمكنت من احتواء الموقف بشراء الآي باد لكنني كنت غافلة كلياً عن تداعيات ردة فعلي الانفعالية التي دفعتني إلى مغادرة منزلها بهذه الطريقة بدلاً من احتواء نوبة غضب ابنتي بطريقة لا تسبب أزمة قد تصل إلى حد انقطاع العلاقات نهائياً بين العائلتين.

وبعد التوقف مع نفسي قليلاً وتحليل شريط الأحداث، تيقنت أنه لا يمكن تحميل كل الذنب في هذه الأزمة للآي باد فقط، لأنني أدركت بأن الإفراط في تدليلي لطفلتي هو السبب الجوهري للأزمة، وتذكرت الحكمة التي علمني إياها والدي عن تقلبات الزمان حين قال: "إننا يجب أن نرفق بأطفالنا فلا نعطيهم حتى كل ما نستطيع لأن الدنيا لن تعطيهم كل شيء".

في النهاية، لابد من القول إن تربية الطفل يغدو عملاً شاقاً لكنها بالمقابل تجربة تنفخ في مَن يتولاها حماسة وتساهم في تشكيل شخصية متزنة ومسؤولة غير أن تساهل الوالدين مع طفلهما واستسلامهما لضغوطه وعدم تمييزهما لاحتياجاته الضرورية ورغباته يفسده ويغرس فيه حب الذات، وينمّي لديه حب الامتلاك والأنانية لمدى الحياة.