(رويترز)
(رويترز)
الإثنين 5 أغسطس 2024 / 09:30

كيف تؤثر الاغتيالات لقادة حماس على الحركة؟

جاء أولاً مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج إسماعيل هنية، بانفجار قنبلة زرعت في طهران، ثم أعلنت إسرائيل عن قتلها، قبل أسابيع فقط، القائد العسكري في الحركة محمد ضيف، كل هذا بينما تواصل إسرائيل شن الحرب الأكثر دموية على الإطلاق، التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة الذي تحكمه حماس.

تصفية هنية تقدم للقوات الإسرائيلية نصراً قصير المدى

وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أنه لوهلة، تبدو النتيجة الأخيرة للصراع المستمر منذ 30 عاماً بين إسرائيل وحماس وكأنها مدمرة للحركة الإسلامية، وتضع مستقبلها على المحك. ومع ذلك، فإن تاريخ حماس، وتطور الجماعات الفلسطينية المسلحة على مدى العقود الماضية، ومنطق التمرد على نطاق أوسع، يفترض أن حماس لن تبقى على قيد الحياة فحسب، بل قد تصبح أقوى سياسياً.

نصر قصير المدى

ويرى المحللون والمراقبون الإقليميون الذين هم على اتصال بقادة حماس، أن الضربات الأخيرة التي تلقتها - بما في ذلك اغتيال هنية، الذي يعتقد على نطاق واسع أنه جرى على يد إسرائيل - تقدم للقوات الإسرائيلية نصراً قصير المدى على حساب نجاح استراتيجي طويل المدى. 

وقالت تهاني مصطفى المحللة البارزة لشؤون فلسطين في مجموعة الأزمات الدولية، والتي تقدم تحليلات سياسية حول إنهاء النزاعات: "بدلاً من خلق الانفصال الذي كانوا يأملون فيه، وهو ما من شأنه أن يجعل الناس خائفين أو مهزومين بالكامل، سيكون لهذا تأثير عكسي... لقد أمدتهم إسرائيل بيد رابحة للتو".
وأدت الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل رداً على هجمات حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى نزوح نحو 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2 مليون نسمة، وتدمير مساحات واسعة من مدن القطاع وقتل 39 ألف شخص، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.
وعلى رغم ذلك، فإن حماس لا تواصل عملياتها فحسب، بل تجند مقاتلين جدداً في غزة وخارجها، كما يقول السكان المحليون والمحللون. كما بدأ المسلحون في الظهور مجدداً في المناطق التي طردتهم إسرائيل منها قبل أشهر

التمرد

بالنسبة لحماس، فإن منطق التمرد يعني أن مجرد البقاء على قيد الحياة في مواجهة جيش أقوى بكثير يشكل نصراً رمزياً. ومع ذلك تأتي فرصة الحفاظ على قوة تتجاوز أي ألم ألحقته إسرائيل.
والأربعاء، قال الجيش الإسرائيلي إن الغارة التي نفذها في 13 يوليو (تموز) أدت إلى مقتل محمد ضيف، رئيس الجناح العسكري لحماس، والذي يُنظر إليه على أنه مهندس هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل.

ولم تؤكد حماس حتى الآن مقتله. ومع ذلك، فإن مقتل ضيف سيتوج جهوداً إسرائيلية استمرت لسنوات لقتل الرجل الذي يعد ثاني أكبر زعيم بعد الرجل المطلوب في إسرائيل، يحيى السنوار، رئيس الحركة في غزة. 

وستكون خسارة هنية أيضاً صعبة على حماس. وكان محللون إقليميون ينظرون إلى هنية على أنه شخصية أكثر اعتدالاً داخل الحركة الإسلامية، ويعمل كجسر بين فصائلها المتنافسة. وكان يُنظر إليه أيضاً على أنه زعيم مستعد للضغط من أجل الوساطة – بما في ذلك محادثات وقف إطلاق النار المستمرة، وإن كانت متعثرة، مع إسرائيل.
ويقول الخبير في الشؤون الفلسطينية بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن خالد الجندي: "عندما تزيح هنية من المعادلة فإن الرسالة هي أن المفاوضات غير مهمة".

ويضيف "لا أرى سبباً يجعلني أستنتج أن حماس قد تصبح خارج الحسابات، إن السؤال هو كم ستتغير الحركة بعد هذا. وأعتقد أن ثمة حجة قوية بأن القيادة سيتصير أكثر تشدداً".
وضيف خلف أحمد الجبري، القائد العسكري الذي قتلته إسرائيل عام 2012 بضربة استهدفت سيارته. وقتذاك، كان الجبري يقود الجانب الفلسطيني في جهود وساطة للتوصل إلى وقف للنار طويل الأمد مع إسرائيل.
إن حملات القتل المستهدف التي تشنها إسرائيل منذ عقود ضد خصومها الفلسطينيين والإقليميين تؤدي إلى سجل مثير للجدل، ويرى منتقدون منذ فترة طويلة، بأن هذا التكتيك خلق ببساطة مجالاً لأحزاب أو قادة جدد للظهور كأعداء رئيسيين لإسرائيل - وغالباً ما تحل محلهم قوى أكثر تطرفاً.
في السبعينات، قتلت إسرائيل وديع حداد، القائد العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الماركسية، مما أدى إلى انهيار تلك الجبهة. وبعد عقد، حل محله عدو فلسطيني جديد، هو فتح الحركة الوطنية بزعامة ياسر عرفات. وقتلت إسرائيل قائدها العسكري الذي يتمتع بشعبية خليل الوزير، لكنها أخفقت في شل الحركة.
وحماس التي تأسست في 1987، درست باهتمام تاريخ الجماعات الفلسطينية المسلحة، أملاً في أن تتفادى مصيرها.
وانهارت مفاوضات السلام بين فتح وإسرائيل في أوائل العقد الأول من القرن الجاري. ونمت قوة حماس، وفشلت الاغتيالات الإسرائيلية للعديد من قادتها، بمن فيهم مؤسسوها، في حرف الحركة عن مسارها.
ولا يعتقد جميع متتبعي شؤون حماس، أن الحركة قادرة على النجاة من الضغوط الحالية. ويعتقد بعض المحللين، مثل مايكل ستيفنز من مجموعة المعهد الملكي للخدمات المتحدة للأبحاث في لندن، أن الضربات ستتسبب في أضرار مؤقتة كافية لإجبار حماس على تقديم المزيد من التنازلات.
وقال أكرم عطا الله، المحلل السياسي الغزي في صحيفة الأيام العربية، إن حماس ستخرج من هذه الحرب متضررة بشدة - ليس فقط عسكرياً، ولكن من حيث الدعم في غزة، المنطقة التي "كانت دائماً مركز ثقلها".
وأضاف أنه حتى لو وجهت إسرائيل في نهاية المطاف ضربة حاسمة ضد حماس، فإن السؤال الوحيد سيكون هو من سيأتي بعد ذلك. واستطرد قائلاً: "طالما أن هناك احتلالاً، فإن الفلسطينيين سيواصلون القتال.. سواء كانت حماس لا تزال موجودة أم لا".