تشييع ضحايا في غزة
تشييع ضحايا في غزة
الأربعاء 7 أغسطس 2024 / 11:25

نتانياهو يعلن النصر وحماس تعيد بناء صفوفها

يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مراراً وتكراراً إن النصر على جماعة حماس في غزة بات وشيكاًـ لكن التحليلات التي أجراها "مشروع التهديدات الحرجة" التابع لمعهد أمريكان إنتربرايز ومعهد دراسة الحرب وشبكة سي إن إن تشير إلى واقع مختلف، فرغم الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثفة، والتي أثرت بشكل كبير على حماس، تمكنت الجماعة من استعادة بعض قدراتها القتالية في شمال ووسط غزة.

تواجه إسرائيل تحديات كبيرة في تحقيق أهدافها ضد حماس

وشنت إسرائيل عمليات عسكرية منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بأهداف تتلخص في تفكيك حماس وقدراتها العسكرية، كما لجأت إلى اغتيال كبار الشخصيات في حماس، فتعرض إسماعيل هنية زعيم المكتب السياسي لعملية اغتيال في طهران، كما قُتل القائد العسكري الكبير محمد ضيف في غزة، وألقي اللوم في العمليتين على إسرائيل.

حماس تعيد بناء قدراتها العسكرية

ورغم هذه النكسات، تشير التحليلات إلى أن حماس استخدمت بشكل فعال الموارد المحدودة لإعادة بناء بعض قوتها العسكرية، وعادت عدة وحدات لحماس إلى مناطقها الرئيسة التي مشطتها العسكرية الإسرائيلية بعد معارك عنيفة وقصف شديد.
ويقول بريان كارتر، مدير محفظة الشرق الأوسط لمشروع التهديدات الحرجة، في موقع "سي إن إن" إن إسرائيل تدعي سيطرتها الكاملة على بعض الأماكن، بيد أن هذه الادعاءات ليست دقيقة، فحماس مستعدة للقتال وتريد القتال، وهو ما يسلط الضوء على قدرة الجماعة على الصمود. 

وأوضح تقرير الشبكة الإخبارية الأمريكية أن القوات الإسرائيلية ترفض هذه النتائج، وتزعم أن أغلب ألوية حماس تم تفكيكها، وأنها في مستوى منخفض من الجاهزية، ولكن التحليلات الجنائية تشير إلى خلاف ذلك، حيث عادت وحدات حماس إلى المناطق التي طهرتها القوات الإسرائيلية في السابق.

غياب خطة واضحة لما بعد الحرب

وتميز الهجوم الإسرائيلي بالقصف العنيف لقطاع غزة، لكن غياب خطة واضحة لما بعد الحرب ساهم في عودة ظهور حماس. واستفادت الجماعة من التكتيكات الإسرائيلية، مثل العودة إلى مناطق رئيسة مثل مخيم جباليا للاجئين، حيث واجهت القوات الإسرائيلية مقاومة شرسة رغم عملياتها القاسية السابقة.

حماس لم تُهزم

ويشير العقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي بيتر منصور، الذي لعب دوراً رئيساً في زيادة القوات الأمريكية في العراق في عام 2007، إلى أنه إذا تم تدمير كتائب حماس حقاً، فلن تظل القوات الإسرائيلية منخرطة في أعمال قتالية في غزة. ويؤكد أن الصراع مستمر لأن حماس لم تُهزم بشكل حاسم. 

وغالباً ما استشهد الخبراء العسكريون الأمريكيون بزيادة عدد القوات كنموذج لإسرائيل، مؤكدين على الحاجة إلى التمييز بين حماس والمدنيين.

ومع ذلك، أثارت حملة إسرائيل وعنفها ضد القطاع انتقادات لعدم وجود خطة قوية لما بعد الحرب.

غزة عُرضة للفوضى

وحذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من أنه بدون مثل هذه الخطة، ستظل غزة عرضة للفوضى والاضطراب، مما قد يسمح لحماس باستعادة السلطة.

كما انتقدت إدارة بايدن نهج إسرائيل. ونصح الرئيس جو بايدن نتانياهو بعدم تكرار الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر (أيلول) من خلال التركيز على الحلول العسكرية فحسب دون معالجة القضايا السياسية الأساسية.
وفي أعقاب الهجمات الإسرائيلية، أدارت جماعة حماس خطة تكيف متميزة من خلال الاندماج في السكان المدنيين واستخدام تكتيكات حرب العصابات. وأعادت بناء قدراتهم القتالية في مناطق مثل شمال غزة، بالاعتماد على شبكة الأنفاق الواسعة في المنطقة والاندماج في الحياة المدنية.
كما جندت حماس مقاتلين جدداً، رغم التحديات في استبدال القادة ذوي الخبرة. وتستمر القوات الإسرائيلية في مواجهة مقاومة من جانب مقاتلي حماس الذين تكيفوا مع الصراع الدائر.
خلّف الصراع خسائر فادحة في صفوف السكان المدنيين في غزة. وتفيد وزارة الصحة في غزة بمقتل ما يقرب من 40 ألف شخص منذ بدء الحرب، بينهم العديد من النساء والأطفال وكبار السن. وأعربت الأمم المتحدة عن مخاوفها بشأن الأزمة الإنسانية وانتشار الأمراض المعدية في المنطقة.
ويعكس الشعور العام في غزة الإحباط من حماس وإسرائيل. وينتقد العديد من سكان غزة حماس لاستفزازها إسرائيل، في حين يظل الاستياء تجاه إسرائيل قوياً بسبب التأثير المدمر لعملياتها العسكرية.
وأدى غياب هيئة حاكمة والمساعدات الإنسانية المحدودة إلى تفاقم اليأس في غزة. وتتزايد أعمال النهب والعنف العشائري وانعدام القانون، مما يخلق فراغاً قد يسمح لحماس أو الجماعات المماثلة باستعادة السيطرة بمجرد توقف الأعمال العدائية.

حل سياسي للصراع

ويزعم الخبراء أن الحل العسكري الدائم غير مرجح، مؤكدين الحاجة إلى حل سياسي للصراع. ويؤكد العقيد المتقاعد منصور أن السبيل الوحيد لإنهاء الصراع هو إقامة دولة فلسطينية، ولكن على الفلسطينيين أن يعلموا أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تزال تعارض مثل هذا الحل.
ورغم مزاعم النصر الوشيك، تواجه إسرائيل تحديات كبيرة في تحقيق أهدافها ضد حماس. وتؤكد قدرة الجماعة على التكيف وإعادة البناء وسط الأعمال العدائية المستمرة على تعقيد الصراع. ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، تصبح الحاجة إلى حل سياسي أكثر إلحاحاً.
ويخاطر النهج العسكري الحالي، الذي يفتقر إلى استراتيجية واضحة لما بعد الحرب، بإدامة دورة من العنف والانقسام. ولا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة إلا من خلال حل سياسي شامل، وفق التقرير.