(رويترز)
(رويترز)
الإثنين 19 أغسطس 2024 / 10:17

هل تطبق هاريس القانون الأمريكي على إسرائيل؟

"كتب بيتر بينارت، أستاذ الصحافة والعلوم السياسية في جامعة مدينة نيويورك، أن المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس لا تزال تتعرض لصيحات استهجان من قبل المتظاهرين الذين يطالبون بإنهاء الدعم الأمريكي لحرب إسرائيل في غزة، وذلك رغم تأييد الحزب الديمقراطي لها".

مبدأ قانون ليهي هو أن جميع الأرواح، بما فيها أرواح الفلسطينيين، ثمينة

ويرغب العديد من هؤلاء الناشطين في أن تدعم هاريس فرض حظر على الأسلحة ضد إسرائيل، إلا أن كبير مستشاريها للسياسة الخارجية، فيل غوردون، استبعد ذلك تماماً.

وهذا الرفض القاطع قد يؤدي إلى نفور التقدميين في ولايات رئيسية مثل ميشيغان، وقد يثير مواجهة حادة في مؤتمر الحزب الديمقراطي هذا الأسبوع.

حل يليق بمدعية عامة

ويقترح بينارت في صحيفة "نيويورك تايمز" حلاً يتيح لهاريس تجاوز مجرد الدعوة إلى وقف إطلاق النار والإقرار بأن "عدداً كبيراً جداً من المدنيين في غزة قد قُتلوا. فحتى دون دعم حظر الأسلحة، يمكنها أن تبرز تمايزاً واضحاً عن الدعم غير المشروط الذي يقدمه جو بايدن للحرب الإسرائيلية، والتي يعتقد العديد من القانونيين أنها أدت إلى إبادة جماعية".

ويمكن لهاريس تحقيق ذلك بطريقة تتناسب مع كونها مدعية عامة سابقة، حيث يمكنها ببساطة القول إنها ستنفذ القانون عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. 

والقانون المذكور موجود منذ أكثر من عقد. ويَحظرُ على الولايات المتحدة تقديم المساعدة لأي وحدة من قوة أمنية أجنبية ترتكب "انتهاكات جسيمة" لحقوق الإنسان، ويمكن استئناف المساعدات إذا قامت الدولة الأجنبية بمعاقبة الجناة بشكل مناسب.

وأقر الكونغرس هذا القانون في عام 1997، ويحمل اسم السيناتور السابق باتريك ليهي، وقد تم تطبيقه مئات المرات، بما في ذلك على حلفاء الولايات المتحدة مثل كولومبيا والمكسيك.

الكلمة الأخيرة

ولم يُطبق القانون على إسرائيل مطلقاً، رغم أنها تلقت على مدى العقود الثمانية الماضية مساعدات أمريكية أكثر من أي دولة أخرى، وهذا ليس لأن القوات الإسرائيلية لم ترتكب انتهاكات جسيمة، ففي مايو (أيار)، صرح تشارلز بلاها، المسؤول السابق في وزارة الخارجية، لموقع برو بابليكا أن "هناك حرفياً عشرات من وحدات قوات الأمن الإسرائيلية التي ارتكبت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان"، وبالتالي يجب أن تكون غير مؤهلة للحصول على مساعدات أمريكية.
ويعرف تشارلز بلاها ذلك جيداً، إذ أشرف من 2016 إلى 2023 على المكتب المسؤول عن إنفاذ قانون ليهي.

وبينما زعم متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في أبريل (نيسان) أن إسرائيل "لا تتلقى معاملة خاصة" بموجب قانون ليهي، أشار بلاها إلى أن تجربته الشخصية أثبتت العكس، ففي حالة جميع الدول باستثناء إسرائيل، كان للمسؤولين المهنيين الكلمة الأخيرة عموماً. أما في حالة إسرائيل وحدها، فقد كان القرار بيد كبار المعينين السياسيين في وزارة الخارجية.

إخفاق

وفشل هؤلاء المسؤولون في إنفاذ القانون الأمريكي، وهذا الربيع، ذكرت "برو بابليكا" أن لجنة خبراء وزارة الخارجية أوصت بأن يقطع وزير الخارجية أنتوني بلينكن المساعدة عن العديد من وحدات الجيش والشرطة الإسرائيلية بعد مراجعة الادعاءات بأنها ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان قبل حرب غزة الحالية.

وفي مايو (أيار)، أخبر بلينكن الكونغرس أن إسرائيل عاقبت بشكل مناسب أعضاء الوحدات المتهمين بارتكاب انتهاكات خطيرة، وبالتالي ستستمر المساعدات الأمريكية بالتدفق. وبالنظر إلى أن عملية تدقيق الوزارة ليست علنية، من غير الواضح ما إذا كانت أي من الوحدات التي برأها بلينكن هي من بين تلك التي أشارت إليها اللجنة. 

ويقال إن بلينكن قرر حتى السماح للولايات المتحدة بمواصلة تسليح كتيبة "نيتسح يهودا" الإسرائيلية، رغم ثبوت أن أعضاء الكتيبة جروا في 2022، رجلاً أمريكياً فلسطينياً يبلغ من العمر 78 عاماً من سيارته بالقرب من قريته في الضفة الغربية، وعصبوا عينيه وقيدوه وكمموه، وتركوه بالقرب من موقع بناء. وكان فاقداً للوعي عندما عادوا وأزالوا القيود، بعد نحو 40 دقيقة.

وقال الجنود إنهم اعتقدوا أنه كان نائماً، وتم الإعلان لاحقاً عن وفاته بسبب ما حدده تشريح الجثة على أنه نوبة قلبية ناجمة عن الإجهاد.

وبعد 17 شهراً، قال المحامي العام العسكري الإسرائيلي إن الجنود سيواجهون إجراءات تأديبية لكنه رفض توجيه اتهامات.

هذا أمر نمطي

ووفق منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية يش دين، إن أقل من 1% من شكاوى الفلسطينيين ضد الجنود الإسرائيليين بين 2017 و2021 أدت إلى مقاضاة. وحتى قبل قرار بلينكن المعلن بمواصلة مساعدة هذه الكتيبة لأن انتهاكاتها "عولجت بشكل فعال"، أعلن السيناتور السابق ليهي أن افتقار أمريكا إلى إنفاذ القانون تجاه إسرائيل "يجعل من القانون موضع سخرية"، وأضاف أن "الادعاء بأن كل وحدات الجيش الإسرائيلي لا ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو أن إسرائيل تعاقب بشكل كافٍ أولئك الذين يرتكبونها هو أمر سخيف".

ليست قضية أخلاقية فقط

وبحسب الصحيفة، يزعم البعض أن إسرائيل لا تستطيع الالتزام بقوانين حقوق الإنسان الأمريكية بينما تقاتل أعداءها، لكن إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تطبق الولايات المتحدة قانون ليهي على أوكرانيا التي تقاوم غزواً من قوى عظمى؟

وطوال سنوات، منعت الولايات المتحدة تقديم المساعدة لكتيبة من الحرس الوطني الأوكراني ولم يُرفع الحظر إلا في يونيو (حزيران) الماضي.

وبحسب الصحيفة، فإن الحكمة العميقة في قانون ليهي هي أن انتهاك حقوق الإنسان ليس خطأ أخلاقياً فحسب، بل إنه أيضاً حماقة استراتيجية، ويتعين على أولئك الذين يعتقدون أن قتل المدنيين الفلسطينيين يجعل إسرائيل أكثر أماناً تذكر أن حماس غالباً ما تجند مقاتلين من أسر الضحايا.

وكما كتب عامي أيالون، رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق سنة 2020، "إذا واصلنا توزيع الإذلال واليأس، فإن شعبية حماس ستنمو".

معاقبة البلطجة

وتضيف الصحيفة أن منح إسرائيل الإفلات من العقاب قد يشجع أيضاً على الإجرام في الداخل.

ففي الشهر الماضي، عندما حاولت الشرطة العسكرية الإسرائيلية استجواب جنود الاحتياط المتهمين بالاعتداء الجنسي في قاعدة سدي تيمان العسكرية التي تضم معتقلين من غزة، انضم إلى عشرات المتظاهرين عضو من أقصى اليمين في الكنيست شق طريقه عبر بوابات القاعدة العسكرية للإفراج عن هؤلاء الجنود.

وإذا فهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الوحدات التي يفلت جنودها من العدالة ستفقد تمويلها من الولايات المتحدة، فقد يعاقب مثل هذه البلطجة بشدة أكبر.

جمال قانون ليهي

يؤكد بينارت أن جمال قانون ليهي هو أنه عالمي، وعندما تسأل كامالا هاريس عن غزة، لا يتعين عليها أن تخترع معياراً جديداً. يمكنها فقط تأييد المعيار المنصوص عليه في القانون الأمريكي. ولن يغير هذا السياسة الأمريكية بين ليلة وضحاها. لكنه سيوجه رسالة إلى مسؤولين مثل بلينكن والمسؤولين الذين تعينهم هاريس إذا انتُخبت رئيسة، مفادها أن استثناء إسرائيل من قانون ليهي يجب أن ينتهي.

ومنذ إعلان أن "جميع البشر خلقوا متساوين"، كان قادة أمريكا يدلون بتصريحات حول مبدأ لا ينطبق عالمياً، منذ ذلك الحين، كان أمريكيون آخرون يكافحون لجعل هذه الكلمات تعني ما تقوله.
وختم بينارت "نحن في لحظة كهذه مرة أخرى. مبدأ قانون ليهي هو أن جميع الأرواح، بما فيها أرواح الفلسطينيين، ثمينة بنفس المقدار. يمكن لكامالا هاريس أن تثبت، أخيراً، أن مرشح حزب رئيسي إلى الرئاسة يوافق (على هذا المبدأ)".