الأحد 25 أغسطس 2024 / 09:09

تقرير.. فساد واعتداءات وإهمال يهدد صناعة السينما في كيرالا الهندية

24 - إعداد: رفيدة خالد

كشف تقرير بارز عن المشاكل التي تواجهها النساء في صناعة الأفلام باللغة المالايالامية، في ولاية كيرالا، أحد أكثر مراكز الأفلام شعبية في الهند، مظهراً للفساد المتعمق.

وجاءت النتائج في التقرير صادمة، وفق "بي بي سي"، التي قالت إن التقرير المكون من 290 صفحة، والذي تم تحرير أجزاء منه لإخفاء هويات الناجيات والمتهمين بارتكاب مخالفات، حيث ذكر أن الصناعة تهيمن عليها "مافيا من الرجال الأقوياء" وأن "التحرش الجنسي بالنساء متفشٍّ".

وفي التقرير توضح "لجنة هيما"، التي يرأسها قاض سابق في محكمة كيرالا العليا وأنشأتها حكومة الولاية في عام 2017، ظروف العمل المزرية في المجموعات، بما في ذلك نقص المراحيض وغرف تغيير الملابس للفنانين الصغار، وعدم وجود طعام وماء لهم، وأجور ضعيفة وعدم وجود أماكن إقامة أو مرافق .


وذكر التقرير أن المراحيض غير متوفرة كذلك، وعلى النساء الذهاب خلف الأشجار الكثيفة، وتضطر الإناث أحياناً لحبس حاجاتهم لفترة طويلة، ما يسبب إزعاجاً جسدياً ويجعلهن مريضات، إلى حد أدخلت فيها عدة نساء للمستشفى، كما جاء في التقرير.
وتم نشر هذا التقرير خلال الأسبوع الجاري فقط، بعد ما يقرب من خمس سنوات من التأخير والتحديات القانونية المتعددة من قبل أعضاء صناعة السينما.


اعتداء على ممثلة رائدة

وتم تشكيل اللجنة في أعقاب الاعتداء الجنسي المروع على ممثلة رائدة في صناعة السينما، حيث تعرضت بهافانا مينون، التي عملت في أكثر من 80 فيلماً بلغات جنوب الهند وفازت بعدد من الجوائز المرموقة، للاعتداء من قبل مجموعة من الرجال أثناء سفرها من تريسور إلى كوتشي في فبراير(شباط) 2017.

وتصدر الاعتداء عليها عناوين الأخبار، خاصة بعد تسمية ديليب، أحد أكبر الممثلين في صناعة السينما باللغة المالايالامية وزميل مينون في نصف دزينة من الأفلام، كمتهم، واتهامه بالتآمر الجنائي، ورغم أنه نفى التهم، لكن تم القبض عليه واحتجازه لمدة ثلاثة أشهر قبل إطلاق سراحه بكفالة.
ولا تزال القضية قيد النظر في المحكمة، ويحظر القانون الهندي تحديد هوية الناجيات من الاعتداء الجنسي، لكن كان معروفاً منذ البداية أن السيدة مينون هي التي تعرضت للاعتداء، وفي عام 2022، تنازلت عن عدم الكشف عن هويتها في منشور على إنستغرام وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية.

وتقدمت مجموعة Women in Cinema Collective (WCC) - وهي مجموعة شكلها بعض زملاء مينون في صناعة الأفلام المعروفة بتنوع أفلامها السائدة الناجحة والتي نالت استحسان النقاد، بطلب إلى الحكومة، سعياً إلى اتخاذ إجراءات سريعة في القضية وكذلك معالجة المشاكل التي تواجهها النساء في السينما.
وفي التقرير، تقول القاضية المتقاعدة كيه هيما إن المجموعة أخبرتها بأن "النساء يتعرضن للإسكات لأن هيبة صناعة السينما تحتاج إلى الحفاظ عليها"، وقد أجرت اللجنة مقابلات مع عشرات الرجال والنساء، بما في ذلك فنانون ومنتجون ومخرجون وكتاب سيناريو ومصورون سينمائيون ومصففو شعر وفنانو مكياج ومصممو أزياء، وجمعت أدلة بما في ذلك مقاطع فيديو وصوت ورسائل واتس آب.
وفي وصفه للتحرش الجنسي بأنه "أسوأ الشرور" التي تواجهها النساء في السينما، قال التقرير إن أعضاء اللجنة رأوا أدلة على أن "التحرش الجنسي لا يزال منتشراً بشكل صادم"، وأنه "يستمر دون رادع أو سيطرة"، وأضاف أن الصناعة "تخضع لسيطرة مجموعة من الممثلين والمنتجين والموزعين والعارضين والمخرجين الذكور الذين اكتسبوا شهرة وثروة هائلة" وكانوا من بين الجناة.

 

وقال التقرير إن تجارب العديد من النساء صادمة حقاً وخطيرة، لدرجة أنهن لم يكشفن عن التفاصيل حتى لأفراد أسرهن المقربين، كان العديد من الأشخاص الذين اتصلت بهم اللجنة مترددين في البداية في التحدث لأنهم "كانوا خائفين من فقدان وظائفهم".


أسوأ بكثير

وقالت بينا بول، المحررة الحائزة على جوائز وأحد الأعضاء المؤسسين لـ WCC، لهيئة الإذاعة البريطانية: "لقد كنا نقول لسنوات إن هناك مشكلة منهجية في الصناعة. التحرش الجنسي هو مجرد واحد منها، هذا التقرير يثبت ذلك، وقالت: "لقد قيل لنا دائماً إننا مثيرون للمشاكل لتحريك مثل هذه القضايا، يثبت هذا التقرير أن الحالة أسوأ بكثير مما كنا نعتقد".

وطالبت نساء من حزب مؤتمر ماهيلا المعارض باتخاذ إجراء بناءً على تقرير لجنة هيما.
وتقول أعضاء المجموعة إنهن يواجهن صعوبة في الحصول على عمل منذ أن بدأن في المطالبة بظروف عمل أفضل في مواقع التصوير، وتقول السيدة بول: "الناس لا يحبون حقيقة أننا نطرح الأسئلة، لذا، واجه عدد لا بأس به من الأعضاء مواقف صعبة".
 ونفت جمعية فناني السينما المالايالامية (AMMA)، وهي هيئة صناعية عليا تضم ​​بين أعضائها نجوماً مثل موهانلال وماموتي، هذه الاتهامات، ورفض أمينها العام، أن تكون هناك مجموعة صغيرة وقوية تسيطر على الصناعة.
ونفى أيضاً أن التحرش الجنسي كان متفشياً في الصناعة، وقال إن معظم الشكاوى التي تلقوها كانت حول التأخير أو عدم دفع أجور العمال، وقال إن ظروف النساء تحسنت في مواقع التصوير في السنوات الخمس الماضية وإن جميع المرافق متاحة لهن الآن.


موجات جدل

وفي الأسبوع الذي تلا صدوره، أحدث التقرير موجات جدل في الولاية، حيث طالب الناشطون وزعماء المعارضة البارزون باتخاذ إجراءات ضد المتهمين بارتكاب مخالفات، وقال رئيس الوزراء بيناراي فيجايان إن الحكومة ستتخذ الإجراءات اللازمة إذا تقدمت أي امرأة أدلت بشهادتها أمام اللجنة لتقديم شكوى، وأضاف "بغض النظر عن حجمها، فسوف يتم تقديمها أمام القانون".
وتم رفع التماس للمصلحة العامة في محكمة كيرالا العليا يوم الخميس، سعياً لبدء إجراءات جنائية ضد المتهمين في التقرير، وأمرت المحكمة الحكومة بتقديم نسخة من التقرير، وقال القضاة إنهم سيقررون ما إذا كان هناك حاجة لاتخاذ إجراءات جنائية بمجرد قراءتهم للتقرير.


في بوليوود

ومزاعم التحرش والإساءة في الأفلام ليست جديدة في الهند، ففي عام 2018، ضربت حركة #MeToo صناعة الأفلام الأكثر شعبية في البلاد بوليوود، بعد أن اتهمت الممثلة تانوشري دوتا الممثل المخضرم نانا باتيكار بالتصرف بشكل غير لائق تجاهها في موقع تصوير فيلم في عام 2008، ونفى باتيكار هذه المزاعم.
ويقول التقرير، الذي قدم عدة توصيات لجعل الصناعة مكاناً آمناً للنساء، إن تحقيقاتهم وتوصياتهم ليست لإيجاد خطأ في أي فرد، بل "محاولة جادة لإضفاء النبل على المهنة حتى تصبح خياراً وظيفياً قابلاً للتطبيق للفنانين والفنيين الطموحين، من الذكور والإناث"، ويضيف التقرير "نأمل أن تصبح صناعة الأفلام آمنة إلى الحد الذي يمكن للآباء إرسال بناتهم وأبنائهم إلى هذه المهنة بنفس الثقة والشعور بالأمان كما يرسلون أطفالهم إلى شركة هندسية أو كلية".