ترأست الإمارات العربية المتحدة أعمال الدورة الوزارية السادسة والتسعين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التي انطلقت اليوم "الخميس" بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وذلك خلفا للمملكة الأردنية الهاشمية، داعيةً إلى ضرورة استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.

وترأس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد ورئيس وفد الدولة أعمال الدورة، وضم الوفد محمد صالح شلواح، مستشار وزير الاقتصاد لشؤون جامعة الدول العربية، ونزار فيصل المشعل، مدير إدارة الاتفاقيات الاقتصادية واللجان، وعلي فائل مدير إدارة المنشأ، وعلي الشميلي مسؤول الجامعة العربية بسفارة الدولة بالقاهرة، وطارق المرزوقي مدير إدارة الاتصال الحكومي، وسعيد الضنحاني، أخصائي منظمات اقتصادية بإدارة الشؤون الاقتصادية والتعاون الدولي بوزارة الخارجية.

وقال الوزير في كلمته، إننا نجتمع اليوم في ظروف استثنائية طال أمدها وسط تطورات وتحديات جسام تحيط بمنطقتنا العربية وشعوبها تفرض علينا المزيد من التقارب والتلاحم وتعزيز وتنسيق العمل العربي المشترك في جانبيه الاقتصادي والاجتماعي ليضيف بعدًا جديدًا في مواجهة تلك التحديات.

وأضاف - في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة - أن المنطقة العربية تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الإسراع في تنفيذ برامج ومبادرات اقتصادية واجتماعية لتعزيز عوامل قوتنا الاقتصادية الذاتية وتوفير مجالات وفرص عمل للعاطلين وتزيد من الاعتماد على الذات في سد احتياجاتنا والحد من تأثير تقلبات الأسعار في الأسواق الخارجية ومن تراجع أسعار النفط وإيقاف نزيف هجرة العقول المبدعة التي ترحل كل يوم إلى دول العالم المتقدم.

وأكد ضرورة وحتمية أن نكون يدًا واحدة في هذه المرحلة ونتعاون سويًا كل وفق ما يمتلك من إمكانيات وخبرات لدعم مسيرة الآخر وتحقيق استقرار في المنطقة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وتكريس مبادئ الولاء والانتماء في أبنائنا ليتخذوا مواقعهم في خدمة أوطانهم على النحو المأمول.

وأضاف نري بأن الفرصة اليوم سانحة للشروع في تنفيذ عدد من المشاريع التنموية المشتركة والارتقاء بمنظومة الأطر التشريعية المنظمة للعلاقات الاقتصادية بين دولنا العربية لبناء التكامل الاقتصادي العربي المشترك.

وقال إن أجندة أعمال الدورة الـ 96 لمجلسنا الاقتصادي والاجتماعي حافلة بالعديد من القضايا والموضوعات الحيوية وذات الأهمية لدى مختلف الأشقاء، حيث يتضمن العديد من البنود المتعلقة بمتابعة تنفيذ قرارات القمم العربية والقمم المشتركة مع التكتلات الأخرى وأيضا متابعة تنفيذ قرارات المجلس، مشيراً إلى أن المتتبع لموضوع التنفيذ يجد أننا نراوح مكاننا فيه، وهذا ما أكدته اللجنة رفيعة المستوى لتطوير الجامعة العربية في تقريرها حين أشارت إلى عدم وجود إرادة سياسية لتنفيذ قرارات الجامعة، مما يؤكد وجود فجوة كبيرة بين ما يقرر في إطار الجامعة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وبين الإرادة المنفذة لهذه القرارات ولنتقدم ولنحقق ما نصبوا إليه لابد من الحرص على تنفيذ ما يصدر من قرارات.

وقال إن بند التعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة يعد هامًا وعلى الأمانة العامة متابعته بشكل أكثر دقة مع مراعاة الوقت في طرح موضوعات التعاون المتشعبة والهامة مع الأمم المتحدة وإحاطة نقاط الاتصال للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بكل جديد للقيام بدورها لتنسيق العمل ضمن الدول الأعضاء للاستفادة مما يوفره هذا التعاون من منافع.

وأكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تنظر باهتمام كبير حال باقي الدول العربية الشقيقة المنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والتي تعد من أهم مكتسبات التعاون العربي، والعمل على تذليل الصعاب التي تواجه تنمية المبادلات التجارية البينية وتحقيق التطبيق الفعلي للبرنامج التنفيذي لهذه المنطقة وتؤكد على ضرورة تسريع العمل لتفعيل الاتحاد الجمركي العربي وفق الإعلان الصادر عن القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في الكويت.

وقال إن من الأهمية بمكان استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ومنها التوصل إلى قواعد منشأ تفصيلية تنفيذا لقرارات القمم العربية بهذا الشأن، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي من وضع قواعد المنشأ هو تسهيل التبادل التجاري على أساس من العدالة والمنفعة المشتركة وتستخدم تلك القواعد في جانبها السلبي لإعاقة التجارة، لقد تم انجاز الكثير من تلك القواعد وفي اعتقادي أن الفنيين في قواعد المنشأ وكبار المسئولين بذلوا جهود يشكرون عليها، نأمل مباركتها واعتمادها.

وتابع: إن الاستثمار هو المفتاح السحري للتنمية بشكل عام والتنمية الاقتصادية بشكل خاص، لذا فان هناك ضرورة ملحة للعمل على تقليل المخاطر أمام الاستثمارات العربية العربية المباشرة لضمان استمرار تدفق الاستثمارات بما يسهم في تعزيز مسيرة التنمية في بلداننا العربية، وفقًا للبيانات الإحصائية المتوفرة تجاوزت قيمة الاستثمارات العربية البينية خلال الفترة ما بين عامي 2001 و2012 ما مجموعه 103 مليار دولار وهو رقم جيد ولكن لا يزال دون مستوى التطلعات والطموحات المأمولة ولا يرتقي إلى مستوى الإمكانيات المتوفرة.

وأشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تبنت وبالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية، والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات استضافة فعاليات الدورة ( 17 ) لمؤتمر أصحاب الأعمال والمستثمرين العرب في العاصمة أبوظبي يومي 11 – 12 نوفمبر المقبل تحت شعار « الاستثمار في الريادة والابتكار » وبرعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة " حفظه الله ".

وقال إن جدول أعمال الاجتماع يتضمن أيضا العديد من البنود الهامة في الجانب الاجتماعي ومنها تعديل النظام الأساسي للمجلس العربي للاختصاصات الصحية، وأيضا بندًا للتعاون الدولي في المجالات الاجتماعية والتنموية، مشيرا إلى أن المشروع الدولي للأهداف التنمية لما بعد عام 2015 حيث وصل إلى مراحل متقدمة بعد اكتمال النسخة النهاية لمشروع الأهداف ومن المتوقع أن تصدر خلال الشهر الجاري.
من جانبه، قال الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، إن التطورات والأحداث المتلاحقة التي تمر بها المنطقة العربية وأثرها المباشر على المكتسبات التنموية، تتطلب جهودًا إضافية لمواجهة الآثار الاجتماعية الناجمة عن تلك الأحداث.

واستنكر استمرار أعمال الاحتلال الإسرائيلي وتدميره للقدرات الإنتاجية الفلسطينية الزراعية والصناعية والاستيلاء على الموارد المتاحة، وتصعيد سياسات العزل والإغلاق وتقطيع التواصل بين المدن والقرى الفلسطينية.

وأكد العربي أن عام 2014 الأسوأ على الاقتصاد الفلسطيني الذي عانى من التراجع منذ عام 2010، فقد تعثرت غالبية القطاعات الاقتصادية الفلسطينية، وانخفضت معدلات النمو الاقتصادي، وسجل الاقتصاد الفلسطيني خلال العام الماضي انكماشًا هو الأول منذ عام 2006، وذلك إثر الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة والتضييق الاقتصادي في الضفة الغربية والقدس المحتلتين على وجه الخصوص اثر الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة.

وأكد الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية أن الوضع المأسوي في سوريا – نتيجة استمرار الحرب - انعكست آثاره المدمرة على الشعب السوري وما عانى منه من تهجير ولجوء ونزوح ومعاناة خارج سوريا وداخلها يتطلب تضامنًا عربيًا وإجراءات عملية عاجلة للتخفيف من معاناة الشعب السوري.

وشدد العربي على ضرورة السعي لوقف القتال والإسهام في توفير متطلبات الإغاثة الإنسانية، وكذلك ضرورة تنفيذ القرارات العربية القاضية بالمواجهة الشاملة للمنظمات الإرهابية التي استشرى عدوانها وعملياتها الإرهابية في العراق وسوريا وما تقوم به من أعمال وحشية ضد السكان المدنيين وتقويض الآثار الحضارية وتهديدها لمقومات الدولة وللوحدة الوطنية، وضرورة العمل على وقف عملياتها ومنعها من التمدد إلى مناطق أخرى في الوطن العربي.

وأضاف العربي إن هذا التحدي الخطير يدعونا جميعًا لتنفيذ قرار المجلس الوزاري في 7/9/2014 الذي دعا إلى مواجهة شاملة وجماعية للمخاطر الناجمة عن العمليات الإرهابية وما تشكله من ضغوط واسعة على العملية التنموية بأسرها، الأمر الذي يتطلب العمل على إيجاد الحلول السلمية وفقًا للمبادرات المطروحة عربيًا ودوليًا، وتحقيق الأمن والاستقرار في هذه الدول بما يستجيب لآمال وطموحات الشعوب العربية التي تتطلع إلى تحقيق الإصلاحات وتوسيع الديمقراطية وتحقيق العدالة حفاظًا على استمرار تقدم الدول العربية والعمل على انجاز تطورها الاقتصادي والاجتماعي.

ومن جانبها، استعرضت مها العلي وزيرة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية جهود بلادها خلال رئاستها للدورة المنصرمة للمجلس، مشددة على ضرورة تضافر جميع الجهود لدعم العمل الاقتصادي العربي المشترك.

وأكدت في كلمتها أمام الجلسة الافتتاحية أهمية أعمال الدورة الحالية للمجلس حيث تناقش العديد من البنود الهامة والتي يأتي في مقدمتها متابعة تنفيذ قرارات القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الثالثة التي عقدت بالمملكة العربية السعودية عام 2013، والتحضير الجيد للقمة الاقتصادية الرابعة المقررة في تونس بداية العام 20¬16، فضلا عن إعداد الملف الاقتصادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة في دورتها السابعة والعشرين والمقررة بالمغرب مارس المقبل.