تعمل الكاتبة المصرية رانية خلاف على تجديد مشروعها دائماً، وهى من نوعية الكتاب الذين لا يؤمنون بالتخصص في نوع أدبي معين، ولديها مجموعة "جسد آخر وحيد" ورواية "حكاية الحمار المخطط" التي صدرت في عام 2009 وبعدها بعام أو أكثر بدأت في كتابة النثر الحر، وهي تجربة ما زالت تخشاها، بالرغم من نشر معظم نصوص الكتاب في الصحف الأدبية، وبالرغم من إشادات الأصدقاء الذين قرؤوها. في هذا الحوار تتحدث رانية عن مشروعاتها الأدبية خلال الفترة المقبلة وأيضاً رؤيتها للمزاوجة بين الشعر والنثر.

ما الذى تعملين عليه حالياً؟
أنا حالياً منشغلة باستكمال مجموعة نثرية، نثر حر، نصوص تجمع بين الشعر والسرد والمشهد سيحمل اسم حقيبة على هيئة أنثى. أعتقد أنها ستكون تجربة إبداعية جديدة ومميزة، كما أنني منشغلة كثيراً باستكمال مشروع ثقافي بدأته منذ نهاية عام 2011 وهو موقع ثقافي يحمل عنوان "السلم والثعبان" تقوم فكرته على المزاوجة بين الأدب والفن التشكيلي. فبعد شهور قليلة من ثورة 25 يناير، وجدت أننا نمر بمرحلة جديدة ، ينبغي أن تكون الثقافة والصحافة معبرة عن المرحلة الجديدة التي يعيشها الوطن. ولأن الحضارة تقف على ساقين هما الفن والأدب، وبالإضافة إلى ضعف المحتوى المتاح على الإنترنت باللغة العربية وفيما يتعلق بالفن التشكيلي بوجه خاص فقد رأيت مع مجموعة متميزة من الكتاب والمصورين أن نبدأ تأسيس موقع إلكتروني باللغة العربية للفن التشكيلى والأدب، وعرض الاتجاهات الجديدة في كلا المجالين برؤية واضحة ونقدية، وبلغة أدبية بسيطة، يمكن لنطاق واسع من محبي الفن التشكيلي والأدب ودارسيه أن يقرؤوه ويتفاعلوا معه. ولقد وقع اختياري على اسم "السلم والثعبان"، لإيماني بأن الفن والأدب لا ينبغي أن يكونا فوقيين بل ينبغي أن يمارسا كلعبة ممتعة راقية وأن يتاحا بشكل جذاب للقراء بشكل عام. السلم رمز الصعود، والثعبان رمز في الأساطير والأديان القديمة للولادة الجديدة والحكمة والخصوبة والسيادة عند قدماء المصريين ورمز الشفاء والمعرفة لدى الإغريق. إن عملي كمحررة في الموقع ومديرة فريق العمل يمنحني إحساساً غير مسبوق بالديناميكية والحماس لأن هناك ثمة تجاوب مباشر مع القراء، ربما بعكس عملي في جريدة الأهرام ويكلي التي تصدر بالإنجليزية ويقرؤها النخبة فقط غالبا، حيث نسعى كفريق عمل لتقديم كل ما هو ثوري تقدمي وجديد لكي يتجدد جلد المجتمع من قشرته القديمة المعبأة بالأفكار التقليدية ويرتدي جلداً جديداً كالثعبان تماماً.

• مزاوجتك بين كتابة السرد والشعر هل تفيدك أم تؤثر عليك بشكل سلبي؟
الحقيقة أن المزاوجة بين الشعر والسرد هي إحدى خصائص الكتابة لديَّ. منذ مجموعتي الأولى "جسد آخر وحيد" التي صدرت عام 1998 وأنا أستخدم بلا وعي هذه المزاوجة، فهناك عدد من النصوص مثل "أرقص فينتابني الجنون" أو "تناسخات" تتسم بهذه الشاعرية أو المونولوج الشعري إن جاز التعبير، فهي خوض تأملي للذات والمكان وعلاقتها بالآخر، الرجل.
وكذلك خرجت روايتي الأولى "حكاية الحمار المخطط" عام 2009 لتحتوي على 113 مقطعاً ما بين السرد والتأمل الشعري.
بعدها بعام أو أكثر قليلاً بدأت في كتابة النثر الحر، وهي تجربة لازلت أخشاها، بالرغم من نشر معظم نصوص الكتاب في الصحف الأدبية.
أعتقد أن هذه المزاوجة متناغمة مع طبيعتي كشخصية تجمع ما بين العقلانية والرومانسية، ومع جنوحي الدائم للتأمل وتخيل صور عبثية من مفردات عادية واقعية. ربما يجعلني مشهد ورقات الخريف وهي تتقافز أمامي على الطريق بينما ألاحقها وأطاردها من داخل سيارة ضخمة أكتب نصاً أو مشهداً شعرياً. يمكنني أن أقول إن لديَّ عيناً تلتقط المفارقات وتصنع الكوميديا من لا شيء.

• ما جماليات الشعر التى تركزين عليها؟
في البداية، الحديث عن جماليات الشعر هي مهمة الناقد وليس الشاعر. أنا أشعر بأن ما أكتبه جميلاً وحينما أبتسم عند انتهاء الكتابة أشعر حينها فقط أن ما كتبته جميلاً. ولكن من يحدد مواطن الجمال هو الناقد مؤكداً. لكن لو أحببت أن أتحدث عن أسلوبي بشكل عام فهو يجمع ما بين السخرية من الذات أو الآخر، التقاط مشاهد عبثية أو متخيلة، التساؤل والإلحاح على تحليل الفكرة وتفتيتتها، فمثلاً هناك فكرة واحدة قد يستمر إلحاحها على ذهني لفترة طويلة فتخرج في 3 نصوص تحمل اسم الفكرة ذاتها مثل نص "علاقات" الذي ناقش بشاعرية مفهوم علاقة عاطفية خائبة بين عاشقين مثقفين في زمن الثورة.

• وفيما يتعلق بالسياسة كيف ترين حالة الإنكار الإخوانية؟ ومتى تنتهى فى وجهة نظرك؟
عفواً أنا لا أسميها حالة إنكار بقدر ما هي حالة من حالات الغباء غير المسبوقة. ما أفهمه أن من يريد أن يكسب الشعب والعالم الخارجي لصفه، لابد أن يتصرف بشكل متحضر ومسالم وبخطاب يدعو للحوار والجدل ولكن ما يحدث أنهم يتجاهلون أبسط القواعد الإسلامية: "لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"، "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" وهم بالطبع تجاوزوا بكثير جدا حدود الغلظة ولا يفهمون شيئاً عن معنى السلام. ولن يتوقفوا، على ما أعتقد، بدون وعي أكثر من جانب الشعب بمدى تخلف هذه الجماعة وحيادها عن مبادئ الإسلام وأيضاً لابد من اهتمام الدولة كحكومة وكمجتمع مدني بقضايا العشوائيات والتعليم والنظافة.