كتب الصحافي ايمانويل سكيما، في تقرير بموقع "آسيا تايمز"، أن الأكراد السوريين لايزالون قضية شائكة بين تركيا والولايات المتحدة، إذ من المتوقع أن يزيد الهجوم الذي أعلنته الحكومة السورية ضد إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة من تعقيد العلاقة المتوترة بالفعل بين واشنطن وأنقرة، الحليفين في الناتو، خاصةً إذا انضمت الميليشيات الكردية إلى القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد.

غياب الاتفاق بين الولايات المتحدة وتركيا على الوضع المستقبلي لمنبج يدعم فكرة أن واشنطن ستبذل قصارى جهدها لحماية أصولها الكردية في سوريا
وكانت وسائل الإعلام التركية والأوروبية، أفادت بأن مقاتلي قوات حماية الشعب الكردية، الذين تعتبرهم تركيا تابعين لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، ربما يساعدون نظام الأسد وحلفاءه الروس والإيرانيين في استعادة إدلب، وهو الأمر الذي افترضه أيضاً وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في رسالة إلى صحيفة "نيويورك تايمز" نُشرت يوم الخميس الماضي.

وتُعد إدلب آخر معقل للمعارضة السورية حيث تسيطر عليها مجموعة جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة، وجبهة منافسة، مرتبطة بأنقرة تضم عدداً من الفصائل المسلحة.

الأكراد شركاء الأسد
ويصف سونر كابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وحدات حماية الشعب الكردية بأنها "شريك في الحرب مع بشار الأسد"؟ ومن جانبها لم تؤكد السفارة الأمريكية في تركيا تقارير وسائل الإعلام التركية عن الأمر.

ويُشير كاتب التقرير إلى فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إقناع موسكو وطهران، بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب، إذ تشعر تركيا بالقلق من أن تقود المواجهة في المنطقة الشمالية الغربية لسوريا، إلى تدفق جديد للاجئين عبر حدودها، والأكثر من ذلك أنه إذا نجح الأسد في استعادة إدلب، فسيكون بإمكانه استخدامها لشن عمليات ضد مناطق في شمال سوريا يسيطر عليها الجيش التركي، ووكلاؤه المحليون.

كابوس أنقرة
ويقول التقرير: "يشكل هذا السيناريو كابوساً لأنقرة، وقد يكون الأمر أسوأ مع مشاركة الأكراد السوريين في المعركة التي تلوح في الأفق، خاصةً لأن ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية تسيطر على ثلث سوريا ولديها إمكانية الوصول المباشر إلى الأراضي التي يسكنها الأكراد في تركيا.

وتحت راية قوات سوريا الديمقراطية، التي تضم أيضاً مقاتلين عرباً، ساهمت وحدات حماية الشعب الكردية، بدعم فاعل من الولايات المتحدة، في هزيمة داعش الإرهابي في سوريا".

ويعتقد القادة الأتراك أن واشنطن لا ترغب في التدخل لمنع شركائها الأكراد من التعاون مع الأسد وحلفائه في إدلب، إذ يقول أحمد بيرات كونكر، عضو في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن تعاون واشنطن مع تركيا في ما يتعلق بالإرهابيين الذين ينتمون إلى حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا لم يكن مُرضياً.

وأكد كونكر، الذي يرأس الوفد التركي للجمعية البرلمانية لحلف الناتو، أن تركيا وحلفاءها في المعارضة السورية سيستهدفون ميليشيات الجماعات الإرهابية، حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردية، في إدلب أو في أي مكان آخر، إذ يشكل مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية تهديداً للأمن القومي التركي، وينبغي أن يتعامل حلفاء تركيا في الناتو، معه بالطريقة ذاتها.

عفرين
ويوضح تقرير "آسيا تايمز" أن الولايات المتحدة غضت الطرف عن العمليات العسكرية التركية لطرد المقاتلين الأكراد من الجيب الشمالي الغربي لعفرين بسوريا في الشتاء الماضي، ولكن يبدو أن الانسجام التكتيكي مع موسكو الذي سمح لأنقرة بانتزاع السيطرة على معظم هذه المنطقة من وحدات الشعب الكردية يتراجع الآن، ويتساءل البعض عما إذا كان الأكراد السوريون سيحاولون استخدام الصراع في إدلب لشن هجوم على عفرين.

ولكن جوشوا لانديس، مدير مركز الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، يرى أن استعادة عفرين ليست جزءاً من الهجوم السوري الحالي على إدلب.
منبج
ويلفت التقرير إلى أن غياب الاتفاق بين الولايات المتحدة وتركيا على مستقبل منطقة منبج يدعم فكرة أن واشنطن ستبذل قصارى جهدها لحماية الأكراد في سوريا، خاصةً إذا شنت قوات الأسد هجوماً انتقامياً ضد المناطق التي يسيطرون عليها في شرق سوريا، بعد إخفاق وحدات حماية الشعب الكردية في التوصل إلى تسوية مع نظام الأسد على إعادة تنظيم سوريا خلال المحادثات الجارية حالياً بين الجانبين.

وتسعى تركيا إلى انسحاب القوات الكردية من منبج الواقعة غرب نهر الفرات بالقرب من منطقة تسيطر عليها، وفي يونيو (حزيران) الماضي وافقت واشنطن وتركيا على إقامة دوريات عسكرية مشتركة حول البلدة السورية، ولكن التنفيذ تأخر، وفي الوقت نفسه لا يوجد اتفاق واضح بين الجانبين على تسريح مقاتلي وحدات الشعب الكردية من المنطقة.

ويختتم تقرير "آسيا تايمز" قائلاً: "تسيطر ميليشات قوات سوريا الديمقراطية الآن على منبج التي تقع في نقطة استراتيجية تتيح الوصول السريع نسبياً إلى إدلب وعفرين عبر المرور بالمناطق الواقعة تحت إدارة حكومة الأسد، ومن ثم ليس من المستغرب أن يثير غموض موقف الولايات المتحدة من السيطرة على هذه البلدة الرئيسية غضب تركيا".