عن الاتفاق الذي أمكن التوصل إليه بين روسيا وتركيا لنزع فتيل التوتر في محافظة إدلب، كتب ديفيد كينر في موقع مجلة "أتلانتيك" الامريكية، أن الكارثة كانت وشيكة في إدلب، بعد حشد بشار الأسد قواته على حدود المحافظة، المعقل الأخير للثوار في هذا البلد، فيما قصف النظام السوري والمقاتلات الروسية بلدات وقرى على طول خط الجبهة.

ليس واضحاً مثلاً، كيف ستجبر تركيا المجموعات الراديكالية من الثوار على الإنسحاب من المنطقة العازلة
وبدا أن المعركة ستكون تكراراً بائساً لمسلسل الأحداث الذي انتهى بسيطرة الأسد على مناطق أخرى كانت خاضعة للثوار، وفقط هذه المرة بدا أن الأسد استبعد من لعب دور في منطقة تضم نحو ثلاثة ملايين نسمة لا مكان لديهم يفرون إليه.

ونسب الصحافي إلى ديبلوماسي غربي: "السيناريو الكارثي ... أن يقذف النظام والروس بمليون إنسان نحو الحدود التركية...لا مكان لهم، سيحاولون العبور وسيتعرضون للقصف".

منطقة عازلة
وفي محاولة لتجنب الكارثة، وقعت روسيا وتركيا "مذكرة تفاهم" لإقامة منطقة عازلة بين قوات الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة.

وفي الاتفاق، على مجموعات إرهابية مثل هيئة تحرير الشام الموالية لتنظيم القاعدة، أن تنسحب من المنطقة بينما يتعين على فصائل أخرى سحب سلاحها الثقيل. وتحتفظ تركيا، الداعم الأساسي للمعارضة في إدلب بـ12 موقع مراقبة في المحافظة وأرسلت دبابات ومدافع هاوتزر إلى الحدود وزادت من مساعداتها العسكرية للثوار القريبين منها.

وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو صراحةً لن تدور معركة في إدلب.

لكن المواجهة بين القوتين في شمال سوريا لا تزال احتمالاً قائماً، فقد دعا بوتين أخيراً إلى "القضاء التام على الإرهابيين في سوريا". 

 ميزات الاتفاق
ومن وجهة نظر موسكو، فإن الاتفاق يوفر عدداً من الميزات. فهو يحول دون انقطاع تام في العلاقات مع أنقرة، اللاعب الإقليمي المؤثر الذي تريد أن تعمل معه على عدد من الجبهات الأخرى.

ومن شأن هجوم دراماتيكي في إدلب أن يثير رد فعل دولياً ضد كل من روسيا نفسها، وضد الحكومة السورية، التي تسعى موسكو إلى إعادة الاعتبار لها في عدد من الدوائر الدولية لتمهد الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية لإعادة إعمار البلد الذي مزقته الحرب.

وقال الديبلوماسي الغربي: "إذا مضى الهجوم وانتهى ذلك إلى مجازر بين المدنيين، وهذا ما اعتقد أنه سيحصل، فإن روسيا ستعتبر شريكاً فيها".

عبء ثقيل

وأشار كينر إلى أن إعادة غزو إدلب سيمثل عبئاً ثقيلاً على الأسد وحلفائه الروس. وحجم العملية ستهون عنده العمليات العسكرية الأخرى للحكومة السورية: فهذه المحافظة التي بالكاد تبلغ حجم مساحتها مساحة ولاية ديلاوير حيث تبلغ مساحتها أكثر من 6 آلاف كيلومترً مربعٍ. وبالمقارنة، فإن معارك 2016 لانتزاع شرق حلب من الثوار دارت على مساحة 45 كيلومتراً مربعاً كانت تؤوي عشر عدد سكان إدلب، بينما كان هجوم القوات الحكومية على جنوب غرب سوريا في وقت سابق من هذا العام يستهدف مساحة تبلغ نحو 3 ألاف كيلومتر تضم ربع عدد سكان إدلب.

وتفسر المساحة الواسعة للهجوم سبب تحذير الأمم المتحدة من أن إدلب قد تمثل "أسوأ كارثة انسانية" في القرن الحادي والعشرين.

استراحة موقتة
ورأى كينر أن الاتفاق الجديد قد يمثل استراحة موقتة لإدلب. وليس واضحاً مثلاً، كيف ستجبر تركيا المجموعات الراديكالية من الثوار على الإنسحاب من المنطقة العازلة. كما أن روسيا تضغط على تركيا لفصل هذه المجموعات عن مجموعات الثوار المدعومين من قبلها في انحاء إدلب، لكن ثمة مؤشر ضئيل على قدرة تركيا على تحقيق هذا الإنجاز.

وبينما إردوغان وبوتين مهتمان بالتعاون على جبهات أخرى حيث تتقاطع مصالحهما، وبشكل أساسي إضعاف قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، فإن هذا لن يبدل من خلافهما الأساسي حول إدلب.