ماكينة البروباغندا القطرية والتي يشرف عليها عزمي بشارة، عضو الكنيست الاسرائيلي الأسبق، أصيبت بعطب بليغ، واستهوتها نظرية غوبلز التي تقول "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس"
خلال الأسبوعين الماضيين تعرضت وسائل الدعاية القطرية وأذرعها المختلفة من صحف عربية وغير عربية ومواقع إخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي المساندة لها لضربة موجعة بعد انكشاف فبركتها وعجزها عن إثبات إحدى أكبر أكاذيبها. الكذبة كانت خبر نهاية محمد دحلان القيادي الفلسطيني في حركة فتح جسدياً بعدما روّجت أنه تعرض لحادث سير على طريق أبو ظبي – دبي، وأصيب بكسر بالغ في العمود الفقري وأدخل على أثره إلى العناية الفائقة.

ورغم علمها بأنها تكذّب فقد قامت بممارسة الخداع على نفسها واتبعت الكذبة الأولى بكذبة ثانية أكبر وأكثر فداحة، وقالت إن محمد دحلان تعرض لضرب مبرح من قبل مجهولين في دبي على خلفية رفضه "القبول" بالمسؤولية عن اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، أما أم الفضائح فقد كانت عندما تفاجأت هذه الأدوات الإعلامية بوجود دحلان في استديوهات العربية  في دبي للرد على أكاذيبها وخرجت فضائية الجزيرة وبكل ارتباك وتهور وبعنوان مضحك للغاية تتبعه كلمة "عاجل" تقول فيه إن الموجود في استديوهات العربية هو شبيه محمد دحلان للايحاء للمشاهد الكريم بأنها "حطت يدها على سبق مهم للغاية وللهروب إلى الأمام من ورطة لم تكن تتوقعها أو حتى تفكر بها".

من الواضح أن ماكينة البروباغندا القطرية والتي يشرف عليها عزمي بشارة، عضو الكنيست الاسرائيلي الأسبق، أصيبت بعطب بليغ، واستهوتها نظرية غوبلز التي تقول "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس". فقد كان واضحاً أن "الهم" الأكبر لهذه الماكينة هو العمل على إنتاج مزيد من الكذب دون تفكير في كيفية إثباته على أرض الواقع أو على الأقل دعمه وإبقائه قيد التداول الإعلامي والسياسي، غير أن الذي جرى أن الأكاذيب المتلاحقة من خبر تورط دحلان ومجموعة تابعة له في اغتيال خاشقجي مروراً بخبر حادث السير وصولاً لخبر الاعتداء بالضرب على دحلان، كلها تلاشت الخبر تلو الاخر وذلك أولاً لانها كاذبة، وثانياً لعجز "الجزيرة" و"يني شفق" عن نشر ما يثبت كل أو جزء من هذه "الأكاذيب" بمعنى أن هذه الماكينة التي تدير امبراطورية التضليل عجزت عن نشر أو بث صورة واحدة من صور الفريق المفترض التابع لدحلان الذي وصل إلى اسطنبول لتحضير الساحة لاغتيال خاشقجي على حد زعمها، رغم ما تتمتع به تركيا من قدرات لوجستية كبيرة في المراقبة والتتبع والتصوير من لحظة الدخول إليها وحتى لحظة الخروج منها، كما عجزت عن نشر صورة أو مقطع فيديو لثوانٍ معدودة عن حادث السير الذي تعرض له دحلان. وينطبق الأمر ذاته الامر على "كذبة" الاعتداء عليه بالضرب من قبل مجهولين. هذا عدا عن انتفاء السياق المنطقي في تسلسل الأحداث وبخاصة بين وجود دحلان في حالة صحية حرجة بعد إصابته بعموده الفقري ودخوله العناية الفائقة، وبين خروجه منها بعد أيام قليلة وتعرضه بعدها إلى ضرب مبرح من مجهولين، والسؤال هنا ما هو تفسير هذا الإرباك والتناقض في الرواية بين دخول العناية الحثيثة في حالة حرجة والخروج منها بعد أقل من يومين وذهابه إلى اجتماع في دبي وتعرضه للضرب.

أكثر الامور الملفتة في مسلسل الأكاذيب سالف الذكر هو اندفاع "الجزيرة " نحو اغتيال ما تبقى من مصداقيتها عندما فوجئت بخطوة دحلان الظهور على شاشة "العربية" للرد على تلك الأكاذيب وإسراعها للتورط في كذبة أكبر بقولها إن الموجود في الاستوديو هو شبيه له، وهي تعلم تماماً أنه هو محمد دحلان بلحمه وشحمه، لكنها لم تجد ما يحفظ ماء وجه مصداقيتها المهدورة إلا الأخذ بابداع بشارة وجماعته في فن الكذب تحت وطأة قلة الحيلة ومواصلة التضليل ولو الى حين.

اما الأمر الملفت الآخر في هذا المسلسل فهو استثمار اسم وكالة "رويترز" للأنباء والذي نُسب لها خبر الحادث المروري الكاذب، الذي سرعان ما بدأت تروجه صناديق "القمامة الإخبارية" التابعة لامبراطورية بشارة، وخَدعت من خلاله الكثير من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة في العالم العربي وخارجه، ولا أعلم كيف أن وكالة من أعرق وكالات الأنباء في العالم تقبل أن تُستخدم هذا الاستخدام المنافي لأبسط أنواع قواعد المهنية والشرف المهني ولا تقوم بالرد على هذه "الفرية الخبرية" بصورة تكفل لها حقوقها القانونية وتحافظ على سمعتها المهنية.

أثبتت امبراطورية البروباغندا التابعة لعزمي بشارة فشلها التام في ترويج الأكاذيب وبخاصة عندما تلجأ الى اختلاق الوقائع، وأن مئات الملايين التي تدفع لجيش "الكذابين" والوسائل الإعلامية التابعة له، تذهب هباء منثوراً وتتحطم على صخرة أن الحقيقة أقوى بملايين المرات من الكذبة مهما كانت هذه الكذبة مثيرة أو تقف وراءها أدوات ابهار ضخمة وعملاقة والمثل يقول "لا يصح إلا الصحيح".