يذكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريح للرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان، ريغان كان يُهدد إحدى الدول، أظن أنها كوريا الشمالية، بأنه في حالة "تماديهم" فسيرسل لهم "رامبو"، وهي الشخصية التي مثلها سيلفستر ستالون عبر سلسلة من الأفلام في الثمانينيات من القرن الماضي.

على الأرض ترك هذا الخروج المتورطين في "الثقة" بالرئيس الأميركي دون غطاء تقريباً. أولئك الذين صدقوا تجارب الأداء تلك، وسيكون عليهم من الآن تدوير مربعات كثيرة
"رامبو" استطاع عبر شخصيته تلك "معالجة" بدت ضرورية في حينها، لنفض غبار الهزيمة الأمريكية في حرب فيتنام، ولتحويل تلك الهزيمة الى "انتصارات" فردية، ولبناء خط هجومي أمام سلسلة من الأفلام الناجحة التي ظهرت عقب الحرب الفيتنامية قدمت بقوة نموذجاً مختلفاً للجندي الأمريكي وللبنتاغون، صورة أقرب الى الحقيقة ومغايرة تماماً لتلك النماذج التي رسخت بعد الحرب العالمية الثانية. كان على "رامبو" أن ينقذ رجال المارينز من المهانة.

"رامبو" بجسده المتين وعضلاته المدروسة جيداً صناعة ناجحة "للبنتاغون" وكان على مشاهد اندفاعه القوي الواثق ولا أباليته المقصودة بقوة، وهلامية أعدائه، أن تمحو من أذهان الأمريكيين مشهد السفير الأمريكي وهو يتعلق بطائرة الهليوكبتر الأخيرة التي قامت بإجلائه عن سطح سفارته في سايغون،  قبل أن ينهي ارتداء ملابسه.

ترامب يذكر بالتصريح وليس بريغان. فالأخير كان ممثلاً، لا يمكن اعتباره ناجحاً، ولكنه لأسباب كثيرة لا علاقة لها بالموهبة، تمكن من الحصول على أدوار، هكذا كان عندما وصل البيت الأبيض، وبمساعدة التمارين في استوديوهات هوليوود والتردد على مواقع التصوير ومتابعة زملائه استطاع أن يوظف تلك المهارات في تسويق سياسات حزبه، تحديداً الاتجاهات المحافظة من الجمهوريين، الذين كان يمثلهم بولاء.

فيما ترامب بدأ من مرحلة تسبق ذلك بكثير، من رغبته في أن يكون ممثلاً، لقد كان دائماً في الدائرة ولكن الضوء كان يبدل اتجاهه قبل أن يسلط عليه، قبل أن يصل إليه بثوانٍ، ورغم ذلك وبسبب تلك الرغبة ظهر في لقطات كثيرة، ليست أدواراً مساعدة ولكن لقطات لبناء مشهد ما، كتلك اللقطة في الفيلم العائلي "في البيت وحيداً"، حيث سيظهر بمعطف أسود ثقيل في صالة فندق، يسأله الطفل الذي نسيته عائلته عشية أعياد الميلاد سؤالاً سريعاً يُجيب عليه بتمثيل واضح، أو ظهوره  ضيفاً في حفل للأثرياء في أحد افلام "هيو غرانت" و"ساندرا بُلوك".

لذلك، ربما، يواصل ما يشبه تجارب الأداء في "البيت الأبيض"، في مسلسل "الخروج من العالم" الذي يديره بإصرار يبدو غريباً، عملية حذف ولصق واستبدال متواصلة لكل شيء تقريباً، من قائمة التعيينات في إدارته ومساعديه إلى الخروج من اتفاقية المناخ وباقي الاتفاقيات في التجارة والسلاح، إلى "صفقة القرن" التي أخرجته فعلاً من دور الوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي... وصولاً إلى خروجه المفاجئ من سوريا هذا الأسبوع.

ولأن الأمر له علاقة بتجارب الأداء فقد أعلن بوضوح تام "انتصار الجيش الأمريكي على داعش"، مؤكداً أن ذلك هو السبب الوحيد الذي استدعى وجود حوالي 2000 جندي أمريكي هناك، هو هنا لا يكتفي باستدعاء "رامبو"، ولكنه يتقمص شخصيته تماماً ويمنحه انتصاراً ساحقاً ونهائياً، ما يجعل أي ظهور لداعش من جديد سيكون بسبب أن "رامبو" لم يعد هنا.

في نفس الوقت حرص المتحدثون باسم إدارته على إيجاد الفروق بين انسحاب ترامب من سوريا، وانسحاب أوباما من العراق.

على الأرض ترك هذا الخروج المتورطين في "الثقة" بالرئيس الأميركي دون غطاء تقريباً. أولئك الذين صدقوا تجارب الأداء تلك، وسيكون عليهم من الآن تدوير مربعات كثيرة.