أشاد الخبير العسكري توم روغان، في مقال بصحيفة "واشنطن إكزامينر"، بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبقاء 400 جندي أمريكي في سوريا بناء على إعادة تقييم الوضع، ورأى أن روسيا وإيران والرئيس السوري بشار الأسد سيردون عليه بشراسة.

تلك القوات ستردع روسيا وإيران وسوريا وتعزز الاستقرار للطوائف المتعددة، وهذا الاستقرار هو أفضل وسيلة لضمان عدم عودة داعش
ويصف روغان قرار ترامب بأنه قرار "صائب"، حيث أن القوة الأمريكية التي ستنقسم بين موقع عسكري في التنف بالقرب من الحدود الأردنية العراقية وموقع آخر في منطقة شمال سوريا الخاضعة لسيطرة الأكراد، ستحافظ على الزخم ضد تنظيم داعش الإرهابي إلى جانب حماية الأكراد والقبائل السنية (حلفاء الولايات المتحدة) من العدوان الإيراني والروسي والسوري.

القبائل السنية والأكراد

ويرى روغان أن ثمة قلقاً ومخاوف من داعش في حال انسحاب القوات الأمريكية؛ وبخاصة لأن القبائل السنية ستجد نفسها عالقة بين ميليشيات التنظيم والميليشيات الإيرانية. ومن خلال تقديم حماية لهذه القبائل ضد الهيمنة الإيرانية، سيجد داعش ملاذاً آمنا جديداً للعودة مرة أخرى وتخطيط الهجمات ضد الغرب. وإذا تخلت الولايات المتحدة عن الأكراد، سيقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسحقهم بوحشية وتجاهل وجود داعش إلى حد كبير. ومن شأن ذلك أن يقود إلى كارثة إنسانية، والأهم من ذلك أنه سيقود أيضاً إلى انهيار المصداقية الأمريكية كحليف يمكن الوثوق فيه في الأوقات الجيدة والسيئة، ولكن قرار ترامب يثير غضب روسيا وإيران والأسد.

روسيا
ويوضح كاتب المقال أن غضب روسيا سوف ينطلق من تقويض قدرتها على التصرف باعتبارها اللاعب الرئيسي بين المصالح السورية والإيرانية من ناحية ومصالح الدول السنية وإسرائيل من جهة أخرى، وهو الدور الذي يعتبره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مكوناً أساسياً للاستثمارات الجديدة للاقتصاد الروسي وتقويضاً للمصالح الإقليمية للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الروس على الأرجح سيستخدمون وكلاءهم في شن هجوم قريب على القوات الأمريكية المتبقية في سوريا لمحاولة تغيير قرار ترامب. وبحسب المقال، فإن الولايات المتحدة تستطيع مواجهة هذا الخطر باستنساخ حل ماتيس والقضاء على أي تهديدات للأفراد الأمريكيين.

بشار الأسد
ويعتبر كاتب المقال أن غضب الأسد من قرار ترامب يبدو مفهوماً، حيث أن بقاء القوات الأمريكية على أراضيه يعني أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على التأثير في العملية السياسية السورية بطريقة تضمن للمعارضة تمثيلاً على طاولة المفاوضات. وفي السابق كان الأسد يعتقد أن انسحاب القوات الأمريكية من شأنه أن يعيد إليه السيطرة في ظل المسار السياسي الأحادي الجانب في آستانة. ويحمي قرار ترامب أرواح مدنيين أبرياء في أماكن مثل إدلب، كما يجبر الأسد على التفاوض بمرونة أكبر، ولكن من المستبعد أن يغادر الأسد السلطة في أي وقت قريب.

إيران
أما الغضب الإيراني فمرده القلق من تقويض الجسر البري للأسلحة واللوجستيات للحرس الثوري الإيراني بين إيران وجنوب سوريا عبر العراق، علماً أن مثل هذا الجسر هو الركيزة الأساسية لجهود المرشد الأعلى آية الله خامنئي في السيطرة على بغداد وبيروت والتهديد بشن الهجمات الصاروخية ضد إسرائيل.

ويخلص المقال إلى أن قرار ترامب الاحتفاظ بقوات عسكرية أمريكية في سوريا قد يقود إلى كبح جماح العدوان الإيراني وحماية الإسرائيليين. وعلى الرئيس الأمريكي أن يطالب إسرائيل بإنهاء علاقتها الودية مع الصين. حتى مع انخفاض عديد القوة الأمريكية إلى 400 جندي، فإنها سوف تقدم التسهيلات للأمريكيين الآخرين في سوريا وستمكن من مواصلة القتال ضد داعش. والأهم من ذلك أن تلك القوات ستردع روسيا وإيران وسوريا وتعزز الاستقرار للطوائف المتعددة، وهذا الاستقرار هو أفضل وسيلة لضمان عدم عودة داعش.