نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقاً من العراق عن كمائن ينصبها مقاتلون من داعش لعراقيين يذهبون لجمع الكمأة في الصحراء، معتبرةً أن الخطف يشكل أحد مصادر تمويل فلول داعش ومحاولة الإيحاء بأن التتنظيم لا يزال قوياً.

لا يزال هناك حوالي 5000 إلى 6000 مقاتل تابع لداعش في العراق وسوريا، بحسب المسؤولين العراقيين الذين يعدون التنظيم تهديدًا تمكن إدارته
وتحدثت الصحافية أليسا روبين عن محمد صلاح ياسين الذي كان يبحث في الصحراء عن تشققات تؤشر على وجود الكمأة، الفطر الذي ينمو بعد العواصف الرعدية، عندما دنت منه شاحنتان صغيرتان يقودهما رجال بزي عسكري. وقال ياسين، وهو صيدلاني يبلغ عمره 31 عاما: "أمروني أن أركب معهم في الشاحنة... فكرت في أن أقول لهم لا، لكنهم كانوا مسلحين"، فركب الشاحنة ليصبح آخر ضحايا حملة داعش.

خطف
وتقول روبين "بعد طرد التنظيم من المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، اختفى تحت الأرض، ويشن مقاتلوه المتبقون هجمات متفرقة في العراق، ومنذ يناير(كانون الثاني) ينفذون عمليات خطف، وفي بعض الأحوال يعدمون صيادي الكمأة العراقيين، خاصةً في الصحراء الغربية في محافظة الأنبار".

وأكدت القوات الأمنية العراقية خطف 44 صياد كمأة هذا العام، وربما هناك المزيد لكن لم يُبلغ عنهم.

إطلاق نار واشتباكات
وترى الصحافية أن هذه العمليات تعد جزءاً يسيراً من الهجمات التي يشنها داعش في العراق، وهناك كل يوم تقارير عن إطلاق نار على حاجز، أو اشتباك، أو خطف، مستدركة بأن الاعتداء على صيادي الكمأة يعكس محاولة لإثارة التحريض على التوتر الطائفي.

ففي الوقت الذي يمكن لصيادي الكمأة من السنة دفع فدية للإفراج عنهم، فإن نظراءهم الشيعة لا يحظون بهذه الفرصة، بل يقتلون.

تحريض طائفي

وتلفت الكاتبة إلى أن المخابرات العراقية والسلطات العسكرية تعد معاملة التنظيم للمخطوفين محاولة للتحريض مجدداً على حرب طائفية مثل تلك التي مزقت العراق بين 2003 و2008، إثر سقوط صدام حسين، والانتقام له ما بين 2012 و2014.

وتنقل الصحيفة عن مدير المخابرات العامة أبو علي البصري، خشيته من تتسبب القتل هذا في دفع السياسيين الشيعة لاعتبار السنة مسؤولين عن ذلك، وأن يُضخم الإعلام هذه الرسالة، ما قد يؤدي إلى دورة جديدة من العنف.

تمويل داعش
ويشكل الخطف مصدراً لتمويل داعش، ومحاولة للإيحاء بأن التنظيم لا يزال قوة فاعلة. ويشير البصري إلى وجود حوالي 5أو 6 آلاف مقاتل من داعش في العراق وسوريا، حسب المسؤولين العراقيين الذين يعدون التنظيم تهديدًا يمكن إدارته.

وتستدرك روبين بأنه رغم المخاطر، إلا أن الباحثين عن الكمأة في الصحراء مستمرون في عملهم، فهذه السلعة الشهية تباع في السوق المحلية بحوالي 12 دولاراً للكيلو الواحد، ويعتبر العراقيون الكمأة، التي تختلف طعماً ورائحةً عن نظيرتها في أوروبا، هديةً من الله لمريم عندما طلبت لحماً دون عظم.