يواصل النظام القطري "تسييس الحج"، للعام الثالث على التوالي، بادعاء منع السعودية القطريين من أداء مناسك الحج في 2019، في محاولة جديدة مكشوفة، للتشكيك في إشراف السعودية على تنظيم الحج إلى البقاع المقدسة، في صدى لما تعودت إيران محاولة الترويج له منذ عقود.

ومع اقتراب موسم الحج، بادرت وزارة الحج والعمرة السعودية بدعوة السلطات القطرية لإزالة العقبات أمام "الأشقاء القطريين" الراغبين فيأداء "الشعيرة المقدسة"، التي وضعتها الدوحة لمنعهم من الوصول إلى السعودية.

وفندت الوزارة السعودية ادعاءات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية بوضع السعودية "العراقيل أمام من يرغب في زيارة المشاعر المقدسة من قطريين أو مقيمين على أرض دولة قطر لأداء مناسك الحج والعمر".


وتعليقاً على هذه الممارسات القطرية التي أصبحت دورية منذ بضعة أعوام، أكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، اليوم الأحد، أن "الأولوية بالنسبة لقطر ألا تقوم بتسييس مناسك الحج في الوقت الذي تدرك فيه "ضعف حجتها ومنطقها".

وقال قرقاش في تغريدة عبر حسابه في "تويتر" إن "دعوة وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية الشقيقة دولة قطر إلى تسهيل إجراءات مواطنيها في أداء مناسك الحج واجبة وعاقلة، العقبات التي تفرضها قطر على حجاجها أهم سقطاتها في إدارتها لأزمتها، الأولوية أن لا تسيّس قطر الحج وهي تدرك ضعف منطقها وحجتها".

وجاءت تغريدة الوزير الإماراتي، بعد بيان، نفت فيه الحكومة السعودية ادعاءات وزارة الأوقاف القطرية عن وضع الرياض عراقيل أمام الراغبين في أداء الحج والعمرة من القطريين، والمقيمين في قطر. مطالبة الدوحة بإزالة العقبات أمام قدوم الحجاج والمعتمرين إلى المملكة، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الحج والعمرة، نقلته وكالة الأنباء السعودية واس، أمس السبت.

وأكدت وزارة الحج والعمرة في بيانها، حرص الحكومة السعودية على تسخير كافة الإمكانيات لتسهيل قدوم الحجاج والمعتمرين من دولة قطر، أسوةً بما تقوم به تجاه عموم المسلمين الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة، والذين بلغت أعداد من تم الاتفاق على قدومهم لأداء مناسك حج هذا العام، إلى أكثر من مليون وسبعمئة ألف حاج، في حين أدى مناسك العمرة قرابة 8 ملايين مسلم من جميع دول العالم.



وأشارت الوزارة إلى حرص الرياض على توفير روابط إلكترونية لتمكين المواطنين والمقيمين في قطر من حجز أماكن إقامتهم والتعاقد على الخدمات أثناء الحج، وهي الروابط التي عمدت الحكومة القطرية إلى حجبها، قبل الترويج لخطاب منع القطريين من الحج. 

ولا يكشف هذا السلوك القطري، سوى إمعان الدوحة، في تسييس موسم الحج وتوظيفه لأجندتها بعد المقاطعة العربية منذ يونيو (حزيران) 2017، عقاباً لها على التمسك بسياسة دعم الإرهاب، وهو الموقف الذي كشفه مجدداً رفض وفد قطري زار المملكة قبل أشهر، توقيع اتفاقية منظمة لموسم الحج مع السعودية، رغم الدعوة التي وجهتها السلطات السعودية للجهات المعنية في قطر، للتحول إلى الرياض مثلها مثل غيرها من الجهات المسؤولة في الدول الإسلامية الأخرى، للتحول إلى المملكة للاتفاق على ترتيب وصول الحجاج القادمين من قطريين مواطنين ومقيمين، وهو أعاد بيان وزارة الحج والعمرة السعودية الأخير، التذكير به.

وتسبب إجراء الدوحة هذا في إضاعة الفرصة على شركات الحج القطرية، وحرمانها من القدوم إلى السعودية للاتفاق مع مقدمي خدمات الحجاج في المملكة.

وقال المستشار السابق لتطوير الأعمال في وزارة الحج والعمرة السعودية، بسام فتيني، وفق ما نقلت عنه "سكاي نيوز" عربية، إن تسييس الدوحة لدخول الحجاج القطريين إلى السعودية، يعكس استمرار قطر في التمسك بنهجها، بعد إعلان الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب، مواجهة الدوحة وممارساتها.



وأضاف فتيني، أن محاولة قطر تسييس الحج ووضع العراقيل أمام حجاجها، يقابل بموقف سعودي واضح ورافض للتسيس وداعياً إلى توفير الخدمات للقادمين من قطر، على قدم المساواة مع غيرهم من الحجاج القادمين من مختلف أصقاع العالم.

وكشف من جهة أخرى، أن في أمر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، باستضافة الحجاج القطريين على نفقته، أكثر من إشارة على حقيقة الموقف السعودي وحرص المملكة على الحجاج القطريين، وتسفيه الابتزازات القطرية، والرفض المبدئي لتسييس الشعيرة، في مقابل تسهيلات خاصة للحجاج القطريين، تسفيهاً لمزاعم الدوحة، وفضحاً لها بين مواطنيها والمقيمين فيها، قبل غيرهم.

وتكشف المحاولة القطرية الجديدة، إعادة لنفس الحجج الواهية التي تتمسك بها منذ ثلاثة أعوام، مثل  الادعاء بأن غياب قنصلية تخدم الحجاج القطريين أثناء أداء شعائرهم يمنع السماح لهم بأداء المناسك في أفضل الظروف، ليرد المستشار السابق في وزارة الحج السعودية بقوله إن هذه المزاعم "لا أساس لها من الصحة، فوجود قنصلية من عدمها لا يؤثر على تقديم الخدمات للحجاج، خاصة مع توفير السلطات السعودية هذه الخدمات إلكترونياً"، وفق تقرير "سكاي نيوز"عربية.


حجاج قطريون في مطار جدة

وفي 2018، وصل حجاج قطر عبر رحلات جوية قادمة من الكويت، ومسقط، وبثت قناة "العربية" مشاهد وصولهم، لكن وزارة الخارجية القطرية نفت الأمر، رغم البث المباشر.

وفي العام ذاته، رحبت السعودية بالحجاج القطريين، بتوجيهات العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز باستقبال الحجاج القطريين من أي مكان في العالم، وتوفير تسهيلات كبرى لهم، ورفض "تسييس الحج".

أما في 2017، فقد أوقفت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية التسجيل للحج، في منع واضح من التقديم إلكترونياً لأداء الفريضة.

ورغم الاجراءات الصارمة التي اتخذتها الرياض منذ يونيو (حزيران) 2017، ضد قطر، إلا أنها  أقرت استثناءات خاصة وتسهيلات لأداء فريضتي الحج والعمرة، وسمحت بموجب نظام تحديد الحصص لـ 1200 مواطن قطري بأداء مناسك الحج إلى جانب مليوني مسلم من أنحاء العالم كل عام.

ولم تمنع المزاعم القطرية، كشف محاولتها توظيف هذه القضية في إطار خدمة أهدافها السياسية، في ظل عودة طهران الحليف القديم الجديد للدوحة، إلى محاولة التلاعب بالحج عبر تسييسه منذ 2017، بدعوتها تدويل الحرمين المكي والمدني، الدعوة التي لم تجد صدىً وقبولاً في غير الدوحة، من أصل أكثر من 50 دولة إسلامية في العالم.



وإذا كانت الدعوة الإيرانية قديمة جداً وتعود أو تختفي حسب المزاج العام لطهران، فإن ركوب الدوحة هذه الموجة، يكشف على الأقل تنسيقاً أو محاولة تنسيق بين الدوحة وطهران، أو الاصطفاف مع طهران ضد إيران، طمعاً في مكاسب سياسية وهمية تفوز بها الدوحة، لكسر عزلتها الخليجية والعربية، والدولية المتنامية، وهي الدعوة التي سجلت سابقة قطرية في تاريخ العلاقات بين السعودية ودول العالم الإسلامي باستثناء إيران، رغم أنها مصيرها لم يكن أفضل من دعوات ومحاولات ملالي إيران الكثيرة والفاشلة.