فيما يتوسع نفوذها السياسي في الولايات المتحدة، من معهد "بروكينغز" إلى الجزيرة تساءلت الباحثة إرييل ديفيدسون، هل يمكن محاسبة النظام القطري على أخطاء ارتكبها ضد مواطنين أميركيين؟

العراقيل، التي تصادفها المحامية كاستانيدا ليست الأولى من نوعها، إذ سبق لآخرين أن حاولوا إخطار أفراد من أسرة آل ثاني بدعاوى قضائية
وتقول في موقع "ذا فيدرالست" الأمريكي إذا كنت من الذين يفكرون في أعمال تجارية مع قطر، وخاصةً مع المقربين من النظام فيها، عليك أن تفكر مرتين، لافتةً إلى عقبات تحول دون الحصول على الحقوق عن طريق القضاء، إذا كان الأمر يتعلق بالمطالبة بمستحقات، أو تعويضات من أمير، أو من أفراد الأسرة الحاكمة؟

وتشير إلى الدعوى القضائية الحديثة، التي رُفعت أخيراً أمام محكمة فيديرالية في فلوريدا، وتكشف تحديات تقف عقبة في طريق الأميريكيين، عندما يضطرون لاتخاذ إجراءات للحصول على حقوقهم ممن يشغلون مناصب هناك، خاصةً إذا كانوا ينتمون لأسرة آل ثاني، التي تحكم قطر منذ قرابة القرنين.

وتوضح أن القضية الفيدرالية تعد نموذجاً مثالياً لوضع نهاية، لتهرب المواطنين الأجانب، الذين يشغلون مناصب وأصحاب سلطة خارج الولايات المتحدة، من المثول أمام العدالة الأمريكية.

وتذكر الباحثة بالجرائم التي ارتكبها خالد بن حمد، الشقيق الأصغر لأمير قطر تميم بن حمد، وابن الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني، ضد أمريكيين، وظفهما حارساً شخصياً ومسعفاً طبياً، وانتهك قانون معايير العمل العادل، وقانون العمل في فلوريدا، ودستور ولاية فلوريدا، وقانون العمل في كاليفورنيا.

قتل شخصين
ووفقاً لمستندات القضية، حرض خالد بن حمد أحد المدعين، وهو ماثيو بيتارد، على قتل شخصين، لكن الأخير رفض طلبه بشدة وهب لاحقًا لمساعدة أمريكيين احتجزهما خالد بن حمد في أحد المباني التي يملكها عدة أيام في يوليو (تموز) 2018.

وعندما علم خالد بن حمد بدور بيتارد في تحرير أحد المحتجزين وتعاونه مع موظفي السفارة الأمريكية في قطر على مغادرة البلاد، استشاط غضباً وأخبر بيتارد بأنه سيقتله، وسيقتل عائلته.

وقال المدعي بيتارد إنه احتجز رغماً عنه على يد خالد بن حمد وحراسه، وجُرّد من أجهزته الإلكترونية، ثم طرد من وظيفته، وأُجبر على توقيع وثائق توظيف جديدة تحت تهديد سلاح ناري صوبه خالد بن حمد إلى رأسه.

مأساة أليندي
ومحنة بيتارد لا تختلف كثيراً عن مأساة زميله مايكل أليندي، الذي يقول إنه واجه أيضاً  غضب خالد بن حمد.

وبدأت مشاكل أليندي عندما كان يضطر للعمل المتواصل بين 20 و 36 ساعة، لا يتخللها إلا وقت قصير وأحياناً لا يتسنى له الوقت تقريباً لتناول وجبة أو النوم.

ويوضح أليندي أنه نجا في نهاية المطاف من خالد بن حمد بعد الهرب قفزاً فوق سور أحد قصوره الذي يصل ارتفاعه إلى حوالي 6 أمتار، ما أدى لإصابته بكسور وجروح ومكث في المستشفى للعلاج فترة غير قصيرة ولا يزال يعاني من إصاباته إلى الآن.

وتلفت ريبيكا كاستانيدا، المحامية عن بيتارد وأليندي، إلى أن هذه القضية تشكل تحدياً كبيراً للقانون الأمريكي والدبلوماسية الدولية.

وتشير إلى أنه في حالة قطر، لا توجد اتفاقيات ثنائية أو معاهدات للمساعدة القانونية المتبادلة تسمح بمشاركة المعلومات بين قطر، والولايات المتحدة.

كذب وفرار وانتهاكات معتادة
من هذا المنطلق، تصنف كاستانيدا إخطار المدعى عليه بالقضية بالعملية المحبطة جداً، إذ بذل خالد بن حمد قصارى جهده لاستغلال النظام القضائي الأمريكي بالتهرب من استلامه أو من ينوبه الإخطار.

وكشفت المحامية الأمريكية أن وكلاء خالد بن حمد المسجلين يكذبون وينكرون أنهم "وكلاء مسجلون له"، وبعد تقديم شكوى بيتارد وأليندي، عُلم أن خالد بن حمد فر من الولايات المتحدة.

وتشير ديفيدسون إلى أن العراقيل، التي تصادفها المحامية كاستانيدا ليست الأولى من نوعها، إذ سبق لآخرين أن حاولوا إخطار أفراد من أسرة آل ثاني بدعاوى قضائية، وأخبرها أحد المصادر أخبرها أنه عرض آلاف الدولارات أثناء محاولته العثور على شخص يمكن أن يساعد في تسليم الإخطار إلى أحد أفراد العائلة المالكة، ولم يجد أحداً مستعداً لذلك.

وتنقل عن المحامية كاستانيدا السلسلة الطويلة والشاقة من الإجراءات، وبعد موافقة القاضي الفيدرالي على الدعوى القضائية كان عليها الحصول على موافقة من وزارة الخارجية الأمريكية، ثم السفر إلى العاصمة للحصول على موافقة من السفارة القطرية هناك.

موافقة السفارة
وأضافت كاستانيدا أن انتظار موافقة سفارة قطر ربما يستغرق ما بين 6 أشهر وعام كامل، وقد يتبين بعدها أن لا أحد في السفارة القطرية يمكنه تمثيل الأسرة الحاكمة لاستلام الإخطار القانوني، موضحة أنه، بالطبع، لن يوافق أي موظف بالسفارة على هذه الخطوة.

وتدعو دافيدسون السلطات الأمريكية إلى تعديل الإجراءات وضمان امتثال الجميع أمام القانون، قائلة: "تشير المتاعب التي تواجهها المحامية كاستانيدا والذين تنوبهم، إلى أن أفراد الأسرة الحاكمة يعملون على خرق وتخريب النظام القضائي الأمريكي، بعد أن تحول المواطنون الأميركيون العاديون إلى ضحايا عندما يتعاملون مع قطر".