الانهيار.. الانهيار.. هذا وعد حزب الله للبنانيين منذ سيطرته على لبنان منذ أعوام وتراجع قوى 14 آذار، إلى موقع الخاسر، تاركة لطهران وحلفائها السيطرة على مصادر الاقتصاد اللبناني وأحياناً تشاركهم بما يعطيه لهم الرئيس ميشال عون وحلفائه في حزب الله.

في الأشهر الأخيرة وكما يقول المثل اللبناني ”شمع الخيط“ سعد الحريري وحلفاءه السابقين، أي قدموا استقالاتهم من الحكومة السابقة، بعدما اكتشفوا أن حزب الله استعملهم كـ ”كومبارس“ ليظهر للدول العربية ودول العالم أنه منفتح على الجميع، مقابل مواصلة المجتمعين العربي والدولي بدعم الحكومة في بيروت.

أعاد حزب الله مع حكومة حسان دياب تركيب حكومة تناسبه من حيث الشكل، فالموجودين فيها ليسوا على جدول العقوبات الأمريكية أو العربية والدولية، ويمثلون ”الحزب“ وحلفاءه ويقدمون لهم الخدمات لأنهم جميعاً مستشارون لوزراء تابعين لحزب الله، أو لهم ”رابطهم“ داخل ”الحزب“.

ولكن ما أظهرته الأيام حتى الآن، فإن حزب الله وحلفاءه، ليس لديهم القدرة على إدارة الملفات الاقتصادية التي تمنع لبنان من الانهيار. وهم فوق ذلك قرروا تشكيل حكومة مواجهة مع العالم العربي والمجتمع الدولي، ليصل بهم الأمر إلى رفع مجسم للإيراني قاسم سليماني في إحدى القرى الحدودية الجنوبية، بطريقة استفزازية للبنانيين الذين لا يجدون عملا يكفيهم، تحت شعار تخويف إسرائيل.

ولكن هذا ”الحزب“ وأمثاله ممن دربتهم طهران على التخريب يستطيعون تهديد المحيط والداخل، والتضييق على مخالفيهم، وصولاً إلى اغتيال من لا يوافقهم الرأي أو خطفهم كما يحصل مع الناشطين في العراق، أو كما حصل سابقا مع رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وصولا إلى الوزير السابق محمد شطح.

في المرحلة الحالية وحسب مصادر في بيروت، يتعامل حزب الله مع هذه الحكومة بأنها باقية وأبدية حتى رحيل عون من قصر الرئاسة، إما بنهاية رئاسته للجمهورية، أو بوفاته قبلها، وهو ما يتوقعه مسؤولين بحزب الله. وهو يعلم أن هذه الحكومة ستؤيده في أي حرب مفتوحة يقوم بها ضد إسرائيل، بطلب من طهران، في حال ساءت الأمور وقرر الحرس الثوري، تخفيف الضغوط عبر إشعال لبنان وقطاع غزة.

أما من الناحية المالية، فحزب الله مستمر بدعم المصارف سياسياً، خصوصاً أنها مستمرة بدفع ”الإتاوة“ الشهرية له التي يستطيع عبرها تأمين مرتبات إضافية لعناصره المنتشرين في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهو قدم للمصارف التغطية اللازمة لبيع ما تملكه من سندات ”يوروبوندز“ لشركات في الخارج، حققت لها أرباحاً، ووضعت لبنان تحت سيف الشركات المالية الدولية التي تعمل لتستفيد فقط من دون النظر إلى حال اللبنانيين.

في المرحلة الحالية يبدو أن لبنان جاهز للتخلّف عن سداد الديون المتوجبة في التاسع من مارس المقبل. والحكومة بدأت العمل على تعيين استشاريين، لتخفيف تداعيات التخلف عن الدفع، ولكن هؤلاء المستشارين، هم أيضا عاملين لدى مؤسسات تابعة لحزب الله أو مقربين منه.

المنافسة حالياً هي بين 7 شركات، تحاول كل منها طرح أفكارها لمواجهة الانهيار، وكيفية تهريب لبنان من دفع نحو مليار ونصف المليار دولار، فحزب الله يرى في هذه الأموال فرصة له للاستمرار هذا العام والعام القادم، حيث يمكنه وضع اليد عليها وطباعة مليارات غيرها بالليرة اللبنانية، ما يزيد التضخم، المرتفع أصلاً.

فحزب الله يحتاج العملة الصعبة لتسديد رواتب عناصره، وشراء معدات عبر عملائه في أوروبا وأمريكا وأستراليا وافريقيا. كذلك يحتاجها لتمويل عمليات التهريب التي يقوم بها لصالح طهران، والتي تعطيه أرباحاً أكبر.

بالنسبة للشارع، لا يزال حزب الله متحفظاً على طريقة قمع المحتجين، فهو طلب مرات عدة من وزارة الداخلية وقيادة الجيش استعمال العنف حتى لو أدى إلى مقتل ناشطين ومتظاهرين، فيما يرفض القادة العسكريين الوقوع بهذا الفخ، فهم يدروكون أن ”مقصلة“ العقاب الدولية تنتظرهم حتى ولو كانوا بحماية حزب الله.