تناول الكاتب والمحلل السياسي الكولومبي سانتياغو فيا الاحتجاجات في الصين والأمنيات الغربية، قائلاً: "رغم أن العديد من الصينيين فاض بهم الكيل بسبب سياسة صفر كورونا، فإن التنبؤ بتمرد جماهيري لقلب الحكم الشيوعي، يُعد أحدث علامة على سوء فهمنا العميق لما يحدث في القوة الآسيوية العظمى".

وأضاف الكاتب في تحليل على El Espectador الكولومبي أن من السهل قياس نطاق الاحتجاجات في الصين على أساس تقارير وسائل الإعلام الغربية.

وبعيداً عن المراسلين على الأرض، فإن الذين يديرون الأخبار في أوروبا خاصة في الولايات المتحدة يميلون إلى المبالغة في تقدير السخط العام، وفي المشاكل الاقتصادية، والرغبة في تحقيق الحريات والديمقراطية.

أساطير ومفاهيم مغلوطة
وتابع يقول: "في غضون ذلك، يرتكز الاتجاه التحريري لدينا في أمريكا اللاتينية على تسليط الضوء على الجوانب الغريبة للثقافة الصينية الحديثة، ما عزز بعض الأساطير والمفاهيم الخاطئة عن الصين. كانت التغطية السياسة دائماً حذرة، ولم يكن عرض الخصائص الإقليمية للتقدم الاقتصادي في الصين على رأس القائمة في نشرات الأخبار في عطلة نهاية الأسبوع. عندما كنت صحافياً مستقلاً في الصين، كان من السهل دائماً أن أبيع مقالات عن أنواع الأسلحة النارية التي يمكن شراؤها هناك على موقع Taobao، المعادل الصيني لـ Amazon".

وأضاف "لست مؤهلاً لانتقاد جودة التقارير الصحافية عن الصين، حيث أني غذيت هذا الاستشراق. وعندما عملت محرراً في موقع China Files، الذي كان في السابق المنفذ الإخباري المستقل الوحيد الذي يقدم التقارير بالإسبانية من الصين وهو متوفر بالإيطالية فقط الآن، كنا في حاجة لنقرات على صفحة الويب للكتابة عن الصين. ولتحقيق ذلك صممت قسماً بعنوان الحقيقة عن الصين La verdad sobre China، حيث كنا نرد كل أسبوع على بعض الأفكار عن الصين، وكلما زاد عدد الأخبار المثيرة كان ذلك أفضل! كان العنصر الأكثر قراءة على الإطلاق، هل بأكل الصينيون لحوم الكلاب أم لا؟"

أما "اليوم، نريد أن نعرف إذا كانت الاحتجاجات في الصين ضد القيود على كورونا ستؤدي إلى الإطاحة بالحزب الشيوعي الصيني أم لا. إذا اضطررت إلى المراهنة على الإجابة على السؤال اليوم، فسأنفي ذلك بشكل واضح".

من ناحية أخرى "لا يعني الدافع وراء الاحتجاجات التي تنتقد طريقة تعامل الحكومة مع الوباء تحقيق إصلاحات سياسية. على عكس احتجاجات ميدان تيانانمن في 1989 التي قورنت بها الحركة الحالية مراراً وتكراراً في الأيام الماضية، كانت الهجمات المباشرة على الحكومة والنظام هامشية رغم أن تلك الحالات تحظى بتغطية مكثفة من وسائل الإعلام الغربية، ما يولد آمالاً أكبر في حركة حقيقية".

يمكن للحزب تعديل سياساته ضد فيروس كورونا دون الاقتراب، ولو عن بعد، من الإصلاحات الهيكلية. لن يؤدي ذلك إلا إلى القليل من الإحراج للزعيم الأعلى للبلاد شي جين بينغ. لقد طالب الطلاب في ميدان تيانانمين بوضع حد للفساد وبالإصلاحات الديمقراطية الأساسية.

احتجاجات ضعيفة
وأوضح الكاتب "هذه الاحتجاجات قليلة ومختصرة وغير منظمة حتى الآن. إنها ليست تجمعات شعبية تستمر لأيام، ولم تؤجج الانقسامات القائمة داخل قيادة الحزب الشيوعي. يحسب الحزب كيفية تخفيف القيود مع دفع أقل كلفة سياسية ممكنة. تكمن سخافة ذلك في أن غياب مرونة شي جين بينغ دفعت النظام إلى الزاوية".

أولاً، لأسباب قومية حمقاء، على حد وصف الكاتب، "قرر شي استخدام اللقاحات الصينية فقط في الصين. مقارنةً مع البدائل الغربية، دفع نسبية فعالية اللقاح سينوفاك فرض الدولة قيود صفر كورونا، لتجنب الحمل الزائد على الخدمات الصحية. ثانياً، سمحت الدولة للإدارات المحلية بتنفيذ هذه السياسة بطريقتها، دون إشراف دقيق. في الواقع، يُعتقد أن السياسة المحلية السيئة أدت إلى مقتل 10 في حريق في منشأة للحجر الصحي في مدينة أورومتشي، ما أثار الاحتجاجات الأخيرة".

ولفت الكاتب إلى أن من أكبر الأخطار التي يواجهها أي زعيم استبدادي أن كل مشاكل البلاد، الصغيرة والكبيرة، سيُنظر إليها على أنها مسؤوليته. وأي تغيير في السياسة سيعد علامة ضعف وارتباك.

يريد شي تجنب الإحراج بقبول الفشل الذريع لإدارته للوباء، ومع ذلك لا يمكنه، على نحو مستدام، الاستمرار في إنكار احتمال انتشار الفيروس حول العالم لعقود أخرى. لا يمكن ببساطة إغلاق الصين إلى أجل غير مسمى.

لذلك ستكون هناك تغييرات، في رأي الكاتب، لكن تدريجية. وسيبدأ تطبيقها في مدن صغيرة قبل نشرها في مناطق أخرى. في غضون ذلك، ستخضع المدن الكبرى لحجر صحي أقل، لكن ستشهد المزيد من الاعتقالات لكل من يتحدى النظام.

وحسب الكاتب، ستكون الاستجابة الأكثر فاعلية بإدخال مجموعة متنوعة من اللقاحات في النظام الصحي الصيني. ولا يرجح بالطبع أن يسمح كبرياء الحزب الشيوعي أن تجد السلطات حلاً عملياً. الواضح الآن أن البراغماتية، التي سمحت للصين بأخذ ما هو جيد من الغرب وحقق نجاحاً هائلاً من الثمانينيات إلى 2010، أصبحت بلا مكان في الصين في عهد شي.