تدرس المحكمة الجنائية الدولية، إصدار مذكرات اعتقال دولية في المستقبل القريب لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ومسؤولين كبار آخرين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وفق صحيفة "جيروزاليم بوست".

ونقلت "جيروزاليم بوست"، عن القناة 12 العبرية، أن هناك 125 دولة عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك جميع دول أوروبا، وهي ملزمة باحترام أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، رغم وجود أمثلة لدول تحتج على مثل هذه أوامر الاعتقال وترفض احترامها.

وقالت الصحيفة، إن  "التقرير محير لأن المحكمة الجنائية الدولية لم تبت في جميع المسائل القضائية ذات الصلة التي من المفترض أن تقررها قبل الوصول إلى  أوامر الاعتقال".

وأضافت أن على المحكمة أن تعالج أولاً "مسألة التكامل القضائي"، أي التأكد من تحقيق إسرائيل الداخلي المناسب بما يكفي لمنع المحكمة من التعامل مع أي شكاوى  ضد جرائم الحرب على أساس الاختصاص القضائي التكاملي أو الإضافي.

وأردفت أن هذه القضية أثارت "جدلاً شائكاً"، لأن الجيش الإسرائيلي أجرى تحقيقات أولية قوية ولديه آلية تحقيقات جنائية للتحقيق في جرائم الحرب. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي أجرى 32 تحقيقاً جنائياً ونحو 500 تحقيق أولي حول الصراع في غزة في 2014، وتوقعت أن يجري آلاف التحقيقات في الحرب التي يشهدها القطاع حالياً منذ 5 أشهر تقريباً، والتي تعد الأطول زمناً والأوسع نطاقاً.  

ورغم أن المحكمة الجنائية الدولية قد تقرر أن هذه التحقيقات "لا تقود إلى إدانات أو عقوبات بالسجن على النحو الكافي، إلا أنه يُتوقع دائما أن تكون هذه عملية تقوم بها إسرائيل وحلفاؤها على مدى أشهر أو أكثر"، على غرار ما حدث من قبل فيما يتعلق بقضية ما إذا كان من الممكن أن تعترف المحكمة الجنائية الدولية بفلسطين كدولة لتمكينها من الحصول على الولاية القضائية الأساسية من دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية في الفترة من 2019 إلى 2021.

نتانياهو يحاول معالجة القضية

وأوضح تقرير القناة العبرية، أن نتانياهو التقى بشكل عاجل وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ووزير العدل ياريف ليفين ووزير الخارجية يسرائيل كاتس، للنظر في هذه القضية ومناشدة الحلفاء الغربيين المساعدة.  

بالإضافة إلى ذلك، ناقش نتانياهو القضية مع كبار المسؤولين البريطانيين ولألمان خلال زيارتهم إسرائيل هذا الأسبوع، بحسب التقرير.  

وتتمثل إحدى الطرق لتجنب المحكمة الجنائية الدولية مسألة التكامل الإجرائية المتعلقة بالولاية القضائية في أن تلاحق إسرائيل من البداية فقط على أساس نظرية "جرائم الحرب المتعلقة بقضايا المساعدات الإنسانية".  

واعتبرت "جيروزاليم بوست" أن الأمر بعيد المنال، معللةً ذلك بالقول: إنه "بخلاف الأيام القليلة الأولى من الحرب، سهل الجيش الإسرائيلي دخول قدر من المساعدات الإنسانية إلى غزة، ومع تحسن وضع الجيش الإسرائيلي من الناحية الأمنية، زادت هذه المساعدات".  

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان قد اتهم إسرائيل في خريف عام 2023، بـ"إبطاء وتيرة تدفق المساعدات الإنسانية"، مؤكداً أن هذا يمكن اعتباره "جريمة حرب".

ولم يكن من الواضح في ذلك الوقت كيف سيطرح مثل هذه القضية نظراً لأن إسرائيل كانت تسمح بالمساعدات، وكانت تجادل بأن الظروف الأمنية تعمل على إبطاء عملية المساعدات، ومع ذلك، يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تقول إن الزيادة الأخيرة التي قامت بها إسرائيل من 100 إلى 200 شاحنة مساعدات يوميًا إلى أكثر من 500 شاحنة مساعدات يومياً تظهر أنه لو كانت الإرادة السياسية موجودة في الأشهر السابقة، لكان من الممكن تدفق المزيد من المساعدات على الرغم من التحديات الأمنية، وفق التقرير.

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن أي حالة تحتاج إلى إثبات أن الناس يموتون بالفعل من الجوع، وليس مجرد تناول كميات أقل من الطعام أو أنهم معرضون لخطر قضايا الأمن الغذائي في المستقبل.

سيناريو بديل

وقد يتمثل "السيناريو البديل"،  في أن يشير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى أن الخطاب المرسل إلى إسرائيل في عام 2021، لتقديم جميع تحديثات الأدلة والخطابات المحتملة الأخرى منذ ذلك الحين، يمكن استخدامها جميعاً ضد إسرائيل، وذلك بحجة أنها لم "تقدم دفاعاً أو دليلاً مضاداً على قيامها بالفعل بإجراء تحقيقات، خاصة بعد ما قال الجيش الإسرائيلي إنه "لا يزال أمامه أشهر أو أكثر قبل إصدار نتائج التحقيقات في بعض القضايا"، بحسب "جيروزاليم بوست".

ومع ذلك، قد يكون هناك سيناريو آخر، وهو أن يكون المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد أجرى عملية إثبات سرية أمام الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية للحصول على إذن بإصدار مذكرات اعتقال، وفقاً لـ "جيروزاليم بوست".  

وأضافت الصحيفة أنه من الممكن أيضاً أن يكون تقرير القناة 12 الإسرائيلية"خاطئ تماماً، أو يصور بشكل خاطئ بعض التطورات البسيطة في إجراءات المحكمة الجنائية الدولية أو يصف على نحو خاطئ الإطار الزمني لهذه التطورات".

وأوضحت الصحيفة في ختام تقريرها أنه"لم يصدر أي رد من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلية، أو وزارة الخارجية، أو وزارة العدل، أو القسم القانوني في جيش الدفاع الإسرائيلي، أو مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حتى الأن".