لا يعجبنى الدور السياسى الذى تلعبه حركة حماس منذ نشأتها ولا أتفق معه، وأجد أنه لا يختلف عن الدور السياسى لحزب الله فى لبنان.. ولكن هذه قضية أخرى.

القضية هنا هى الدور العسكرى للحركة، وإذا شئنا الدقة أكثر قلنا إنه دور مقاوم فى الأساس، وهذا على وجه التحديد ما يجعلها محل تعاطف الذين يتعاطفون معها، ولا شك أن منسوب هذا التعاطف زاد بعد هجوم السابع من أكتوبر، رغم ما أدى ولا يزال يؤدى إليه.
وعلى مدى تاريخ الحركة كانت إسرائيل سعيدة بالدور السياسى الذى تقوم به حماس، وهو دور أدى ولا يزال إلى الانقسام فى الساحة الفلسطينية، وبما يخدم الإسرائيليين فى الأصل، ولم تكن إسرائيل فى الوقت نفسه تريد الدور المقاوم للحركة ولا تحبه، ولكنها كانت تسكت عنه أو تتعايش معه لأنه كان منضبطًا.
فلما جاء هجوم السابع من أكتوبر بدا أن هذا الدور قد خرج عن انضباطه، وأنه ليس ما كانت تل أبيب تعرفه وتحاول التعايش مع مقتضياته.
ومن يوم ٧ أكتوبر إلى هذه اللحظة، كانت إسرائيل تقول إنها لن توقف الحرب على قطاع غزة، إلا إذا قضت على القدرات العسكرية لحماس تمامًا.. وفى سبيل ذلك هاجمت كل ركن فى القطاع، ولكنها تحس بأن حماس لاتزال باقية كما كانت.. ويقول الإسرائيليون إن الجيب الأخير للحركة موجود فى مدينة رفح فى الجنوب، ولذلك راحت تتحدث عن اقتحام المدينة وعن ضرورة إتمامه.
وإذا افترضنا أن كلام اسرائيل صحيح، وأن الحمساويين موجودون بالفعل فى رفح، وأن أربع كتائب لهم موجودة هناك كما يردد نتنياهو، وأن الأسرى الإسرائيليين محبوسون فى أنفاق هناك أيضًا، وأن.. وأن.. إلى آخر ما تردده تل أبيب بهذا الشأن، فهل تتصور هى أن اقتحام رفح، والقضاء على الكتائب الأربع، سوف يؤدى إلى اختفاء حماس؟
هذا لن يكون، لا لشىء، إلا لأن حماس ليست عصابة من عصابات قطع الطرق التى إذا مات أفرادها ماتت معهم العصابة واختفت.
حماس فكرة، والفكرة فيها أنها تقاوم احتلالًا قائمًا، واختفاؤها مرهون بزوال الاحتلال ذاته، والعلاقة بين وجودها وبين الاحتلال هى علاقة المقدمة بالنتيجة.. وإذا كانت الحرب على القطاع قد دامت ٢٠٠ يوم ولم تفلح فى القضاء عليها، فهذه هى طبيعة الفكرة لا طبيعة الحركة، وسيظل الوضع هكذا ولو دامت الحرب على غزة ٢٠٠ سنة.