تتواصل الفعاليات الطلابية المنددة بالحرب في قطاع غزة في أمريكا، وسط أجواء غاضبة، إذ يشير تحليل لستيفن كولينسون في شبكة "سي إن إن" إلى أن الاحتجاجات الدرامية في الحرم الجامعي تعمل على ضخ عنصر جديد تحريضي في عام الانتخابات، والذي يهدد بالفعل بتوسيع الوحدة الوطنية إلى نقطة الانهيار.

وتصاعدت التوترات في وقت متأخر من يوم الثلاثاء بعد عملية قامت بها فرق شرطة نيويورك لاستعادة حرم جامعة كولومبيا من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، وأعقب ذلك مشاجرات واعتقالات وإلغاء الفصول الدراسية في 25 حرماً جامعياً على الأقل في 21 ولاية.

واندلعت الاحتجاجات بسبب الخسائر الفادحة التي لحقت بالمدنيين خلال الحرب التي شنتها إسرائيل ضد حماس في غزة، لكنها تكشف الآن الانقسامات الأيديولوجية والتيارات السياسية الجديدة في البلاد، وفق ما ذكره التقرير.

وبحسب الكاتب، كانت أمريكا بالفعل في حالة من التوتر مع محاكمة رئيس سابق وربما مستقبلي.

وفق التقرير، إذا استمرت الاحتجاجات، فقد تؤدي إلى تفاقم موسم الحملات الانتخابية، ومن المؤكد أنها ستؤدي إلى تفاقم التباعد السياسي الوطني.

وشهدت المظاهرات من الساحل إلى الساحل اعتقال مئات الأشخاص، وفي حين أن معظمها سلمية، فقد حدثت أضرار في الممتلكات وبعض رجال الشرطة - في تكساس، على سبيل المثال.

الاحتجاجات مستمرة

يوم الثلاثاء، هتف المتظاهرون خارج قاعة هاملتون في كولومبيا "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر" - وهي عبارة اعتبرها العديد من اليهود معادية للسامية.

وفي جامعة كاليفورنيا، لوس أنجليس، ليلة الثلاثاء، اندلعت مواجهة عنيفة بين المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين ومؤيدي إسرائيل بعد أن أعلن مسؤولو جامعة كاليفورنيا أن المخيم غير قانوني، حسبما أفادت وسائل إعلام متعددة.

لكن في جامعة براون، توصلت سلطات الكلية والمتظاهرون إلى اتفاق أدى إلى فض معسكر الاحتجاج في الحرم الجامعي.

وتسلط الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد الضوء على ما يمكن أن يكون لحظة تاريخية، حيث يتبنى الشباب الأمريكي التقدمي القضية الفلسطينية كما لم يحدث من قبل، مما يستحضر ضغوطاً سياسية يمكن أن تتحدى الدعم الحزبي الراسخ لإسرائيل، بحسب التقرير.

ومع ذلك، فقد أضافوا أيضاً إلى معاداة السامية في المجتمع الأمريكي التي أصابت العديد من اليهود الأمريكيين بالصدمة الذين يشعرون بأنهم مهددون في أمتهم.

ويرى الكاتب أن الاحتجاجات تمثل اختباراً جديداً للرئيس جو بايدن، وهو يسعى لإعادة انتخابه في ظل حرب غزة التي أحدثت انقسامات عميقة في ائتلافه الانتخابي الهش.

وتسلط المعارضة المنتشرة الضوء على مدى حاجة بايدن بشدة لمنع شن هجوم إسرائيلي على رفح في غزة، والذي يمكن أن يقتل أعداداً كبيرة من المدنيين ويؤجج احتجاجات أكثر تركيزاً في الولايات المتحدة.

وقُتل أكثر من 34 ألف شخص في غزة حتى الآن جراء الرد الإسرائيلي، بحسب وزارة الصحة في القطاع.

وبحسب تقرير "سي إن إن" فإن أي رئيس محاصر بين تنفيذ ما يعتقد أنه يصب في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة ــ في هذه الحالة الدفاع عن إسرائيل ــ وضروراته السياسية، يصبح في موقف محفوف بالمخاطر، ناهيك عن رئيس لا يفصله سوى ستة أشهر عن مطالبة الناخبين بفترة ولاية ثانية.

وإذا انتشرت الاحتجاجات وبدا بايدن وكأنه يفقد السيطرة على البلاد، فقد تكون العواقب السياسية مدمرة.

هدية لترامب

ويلفت التقرير إلى أن لقطات معسكرات الاحتجاج والطلاب وهم يهتفون، تعد هدية لمرشح الحزب الجمهوري المفترض دونالد ترامب وهو يرسم صورة بائسة لأمة تعصف بها الاضطرابات. ويوم الثلاثاء، على سبيل المثال، ألقى ترامب اللوم على الرئيس الحالي.

وقال لشبكة فوكس: "علينا أن نوقف معاداة السامية التي تنتشر في بلادنا في الوقت الحالي، وعلى بايدن أن يفعل شيئاً". وأضاف "من المفترض أن يكون بايدن صوت بلادنا، وهو بالتأكيد ليس صوتاً كبيراً".

وتمثل المظاهرات أيضاً جبهة جديدة في حرب ثقافية مكثفة على التعليم.

فالجمهوريون، الذين طالما أحبوا مهاجمة جامعات النخبة، يرون انفتاحاً شعبوياً لإحياء قاعدتهم وسحق مجموعة من الأفكار اليسارية.
وفي الوقت نفسه، يكافح رؤساء الجامعات لتحقيق التوازن بين مبادئهم الخاصة والسيطرة على العناصر التقدمية للغاية في هيئاتهم الطلابية التي تجسد مهمة التعليم العالي، من خلال التشكيك في الوضع الراهن، ولكنهم يجعلون بعض زملائهم الطلاب يشعرون بالخوف ويعيدون مؤسساتهم فعلياً إلى توقف.

ويتصاعد شبح التطرف اليساري مع تبني بعض الاحتجاجات خطاباً يشبه حماس أو حزب الله دون أن يبدو أنها تعترف بهجمات حماس الإرهابية التي أسفرت عن مقتل 1200 شخص في إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول).

الجمهوريون يستغلون الفرصة

ويشير الكاتب إلى مواقف مجموعة من النواب الجمهوريين الذين حاولوا استغلال الاحتجاجات سياسياً، فيشير إلى أن النائبة عن الحزب الجمهوري إليز ستيفانيك هي الدافع وراء رد الفعل السياسي المتفاقم ضد الاحتجاجات في الحرم الجامعي.

وكانت ستيفانيك إلى جانب رئيس مجلس النواب مايك جونسون يوم الثلاثاء، عندما أطلق محاولة جديدة لإزعاج بايدن والديمقراطيين بشأن انتفاضات الحرم الجامعي، بعد سفره إلى كولومبيا الأسبوع الماضي والمطالبة بتدخل الحرس الوطني.

وقال ستيفانيك: "هذا تعفن أخلاقي ترسخ في مؤسسات التعليم العالي الأمريكية".

وتعهد جونسون باستخدام السلطات الواسعة التي تتمتع بها أغلبية الحزب الجمهوري فيما بدا أنه جهد منظم من قبل حزب سياسي ليحل محل سلطات الجامعة.

وقال جونسون: "معاداة السامية هي فيروس ولأن الإدارة ورؤساء الجامعات لا يتدخلون، فإننا نشهد انتشارها، علينا أن نتحرك وسيتحدث الجمهوريون في مجلس النواب عن هذه اللحظة المصيرية بوضوح أخلاقي، ونتمنى حقاً أن يفعل أولئك الموجودون في البيت الأبيض الشيء نفسه".