أوضحت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، في تقرير لها، أن مصر باتت لها اليد العليا في المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، مشيرةً إلى أن القاهرة توظف علاقتها بكل من حركة حماس وإسرائيل من أجل إنجاح مقترح صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.

تزايد الدور المصري

وأكد التقرير، على أن تزايد الدور المصري في المفاوضات يرجع أيضاً إلى اتهام إسرائيل لقطر، على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو بأنها لا تضغط على حماس بالشكل الكافي، وهو أمر تكرر على لسان مسؤولين أمريكيين.

من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور أيمن الرقب، أن عرض الهدنة الحالي برعاية مصرية، لا يرضي الطرفين سواء إسرائيل أو حماس، لكن في أي مفاوضات تقديم أي اقتراحات يواجه في البداية رفض من الطرفين إلى حين التوصل لحلول وسيطة.

ثغرات بالمقترح ولكن 

وقال الرقب لـ24: "صحيح أن هذا الاقتراح للهدنة به ثغرات، ولكن في اعتقادي أنه من المهم أن تقبل به حماس في ظل هذه الظروف الصعبة، أتمنى أن يقبلوا به بعيداً عن الثغرات المتواجدة بهذا العرض، خاصةً أن العرض على مرحلتين، في المرحلة الثانية تكون المفاوضات بها  إصرار على وقف الحرب في غزة بشكل كامل".


تفاصيل مقترح الهدنة 

وتابع "نحن سياسياً نقول أن الهدن تبرد الحروب، وهذه الهدنة المقترحة تمتد إلى 33 يوماً وقد تمتد إلى 48 يوماً، وهذه ستكون فرصة للوسطاء للتدخل لوقف هذه الحرب، أما أن نصر على وقف الحرب هذا يعني استمرار ولا نعلم إلى أين سيصل بنا الأمر؟ التسريبات التي وصلت لدينا على ما تحويه الورقة المقترحة للهدنة هي مهمة فهي تتحدث عن تبادل مجندات بجانب فئة النساء والأطفال والرجال المدنيين، فيما لا يزال لدى حماس ورقة الضباط والجنود وهذه ورقة ضغط ستكون في يدهم سيتم التفاوض عليها بعد انتهاء المرحلة الأولى من المفاوضات".
وأضاف "يأتي ذلك بالإضافة إلى انسحاب إسرائيل من شارع صلاح الدين منطقة محور نتساريم وكذلك شارع الرشيد محور البحر والسماح لعودة النازحين بشكل عام دون شروط أمر مهم جداً، خاصة أن الجيش الإسرائيلي يعلم أنه يتجهز لاجتياح رفح، إذا كان هناك إصرار من إسرائيل على استمرار الحرب فهذا أمر لا يرعبنا، ولكن نقول أن هذه قد تكون فرصة للوسطاء لوضع حد لهذه الحرب المجنونة على شعبنا الفلسطيني".

هدنة لاتقاط الأنفاس

واستكمل "هذا ما نراه كمحللين وهذا أيضاً ما يراه الناس في قطاع غزة، حيث أنهم تعبوا ويحتاجون وقتاً لالتقاط الأنفاس، فعلى حماس أن تعطيهم أسبوعين أو 3 أسابيع لالتقاط الأنفاس ثم اكمل الحرب إذا كان ليس هناك مفر منها، لا أحد يعلم متى ستنتهي هذه الحرب؟ خاصةً أننا نعلم أن نتانياهو لا يريد لهذه الحرب أن تنتهي".
واستطرد "ثم أنني كمتابع أرى أن الأمر يحتاج إلى ذكاء، لأن من سيرفض هذه الهدنة هو الاحتلال الإسرائيلي، فيجب على حماس أن تكون أكثر ذكاءً ولا تعطيه مبرراً ليقول أن حماس هي التي رفضت هذا الاقتراح، بالإمكان أن نقبل به ونضع الكرة الملتهبة داخل الحكومة الإسرائيلية، فهم لديهم داخل الحكومة من يهددون بالانسحاب من الحكومة حال تحقيق هدنة في غزة، ما يعني انهيار الحكومة الإسرائيلية ما يكون بمثابة كسرة كبيرة لنتانياهو بإجراء انتخابات مبكرة".

لا داعي للتحريض

واختتم الرقب حديثه، قائلاً: "هناك من يدعو للتحريض ويتحدث أن هذه خديعة من الإسرائيليين والأمريكان للحصول على الرهائن ومن ثم استمرار الحرب مرة أخرى، نعلم أن الحرب لنتانياهو أمر مهم جداً، ولكن إذا كنا على قدر من المراوغة فالمراوغة أمر جيد جداً، البعض الآخر يقول أن هناك حراكاً يشهده العالم من ضمنه ما يحدث في الجامعات الأمريكية، إذا أوقفت هذه الحرب سينتهي هذا الحراك، بالطبع هذا أمراً غير صحيح، ما يتحرك به الأحرار حول العالم هم منوطين بإجرام ارتكب ضد الشعب الفلسطيني، لكن صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية لا يرون أن ما حدث في غزة إبادة جماعية، حتى المقابر الجماعية لا يعترفون بها.
من جهته، أكد خبير العلاقات الدولية طارق البرديسي، أن الدور المصري في المفاوضات بين إسرائيل وحماس بالفعل بات له اليد العليا حالياً.

وقال البرديسي لـ24: "إسرائيل ترى أن المفاوض القطري ينحاز إلى حماس على طول الخط ولا يريد أن يقوم بدور الوسيط كما ينبغي أن يكون، فالجانب الإسرائيلي يرغب في مزيد من الضغوط على حماس، لكن الدولة المصرية لا تضغط على حماس على الإطلاق".

مصر والواقعية السياسية

وأضاف "الدور المصري هو دور يتبنى الواقعية السياسية، وهو يريد الوصول إلى التهدئة، وأتصور أنه أكثر التحاماً لأن هناك حدود مشتركة وعلاقات وثيقة بين الدولة المصرية وكافة الفصائل الفلسطينية، ورأينا في السابق تدخل مصر للمصالحة بين حماس وفتح، وبين حماس والإسرائيليين، وكل لذلك لصالح القضية الفلسطينية".

وتابع "ويأتي ذلك بكل تأكيد لدور مصر السياسي والتاريخي في دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بكل فصائله، لكل ذلك فإن دور مصر أكثر فاعلية للوصول إلى هذه التهدئة التي يترقبها الجميع".

نتانياهو واجتياح رفح

واختتم البرديسي حديثه، قائلاً: "كل المؤشرات والعسكريين يتوقعون اجتياح إسرائيل لرفح، لكن أنا كسياسي أتصور أنه لن يحدث اجتياح لرفح، نتانياهو يواجه تحديات كبيرة بخصوص اجتياح رفح فنرى التظاهرات الطلابية في أمريكا وأوروبا وفي إسرائيل، فكل هذه أوراق ضاغطة على نتانياهو، فسيكون من الحمق والغباء السياسي اجتياح رفح، كما أن ذلك سيغضب الدولة المصرية بالإضافة إلى غضب أمريكا وأوروبا والعالم كله، لكن هذه الهدنة المتوقعة ستصل به لمكاسب كثيرة، أما بخصوص تصريح نتانياهو أنه سيتم اجتياح رفح سواء تمت الهدنة أم لم تتم، أظن أنه تصريح يخاطب به الداخل الإسرائيلي خاصةً المتطرفين الذين يرغبون في استمرار الحرب وعدم توقفها".