لفت كارل إندرفورث، الموظف السابق في مجلس الأمن القومي ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن تقترب سريعاً من الموعد النهائي، الذي جاء في مذكرة الأمن القومي التي أصدرتها في فبراير (شباط) لإبلاغ الكونغرس إذا كانت الدول التي تحصل على أسلحة وذخائر أمريكية تستخدمها بما يتوافق مع القوانين الإنسانية الدولية وقوانين حقوق الإنسان، في 8 مايو (أيار) الجاري.

وقال في مقال بموقع "ذا هيل" إن المذكرة تنطبق على جميع البلدان التي تحصل على المواد الدفاعية الأمريكية، لكن للموعد النهائي هذا الأسبوع أهمية خاصة لأنه سينطبق على إسرائيل، ويتطلب تقييماً أمريكياً رسمياً لكيفية إدارة حربها المستمرة في غزة.

سمحت إدارة بايدن ببيع أكثر من 100 سلاح لإسرائيل خلال هذه الفترة، بينها ذخائر دبابات ومدفعية وقنابل ثقيلة، وصواريخ وأسلحة صغيرة.
ومع اقتراب الموعد النهائي والعواقب العسكرية والإنسانية المحتملة التي ستترتب عليه، من المهم حسب الكاتب فهم ما تتضمنه وما لا تتضمنه المذكرة، وما الذي سيقرره وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، وفي النهاية الرئيس بايدن.

إن المذكرة المؤلفة من أربع صفحات التي وقعها بايدن تجعل بلينكن "مسؤول العمل" الرئيسي للإشراف على أحكامها. ا

4 وظائف أساسية

أولاً، تطلب المذكرة من وزير الخارجية الحصول على "ضمانات مكتوبة ذات مصداقية وموثوقة" بأن تستخدم إسرائيل أي أسلحة من الولايات المتحدة بموجب القوانين الإنسانية الدولية وقوانين حقوق الإنسان. إلى جانب حماية المدنيين، تفرض هذه القوانين قيوداً محددة على الاستهداف من ضمنها منع القتل العشوائي، وحظر استخدام الأسلحة التي لا تميز بين المقاتلين والمدنيين.

علاوة على ذلك، على إسرائيل تقديم "ضمانات مكتوبة ذات مصداقية وموثوقة" بأنها "ستسهل ولن ترفض أو تقيد أو تعرقل بشكل تعسفي" نقل وتسليم المساعدات الإنسانية الأمريكية والجهود العالمية التي تدعمها الولايات المتحدة، لتقديم تلك المساعدة.
ثانياً، إذا اعتبر بلينكن أن الضمانات الإسرائيلية بلا مصداقية وغير موثوقة  عليه أن يقدم تقريراً إلى الرئيس ويشير إلى الخطوات  اللازمة "لتصحيح الوضع". وقد تشمل هذه المعالجة العودة إلى إسرائيل و"تحديث الضمانات" أو "تعليق أي نقل إضافي لمواد الدفاع".

ومن شأن القرار الأول منح إسرائيل المزيد من الوقت للرد؛ ويمكن فرض الثاني على الفور.
ثالثاً، تحدد المذكرة أيضاً المواد الدفاعية  التي لا تنطبق عليها، والتي تشمل أنظمة الدفاع الجوي، مثل نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي الإسرائيلي،  وغيرها المستخدمة لأغراض دفاعية بحتة أو  "غير الفتاكة بطبيعتها".
ورغم هذه الأحكام، توفر المذكرة لوزير الخارجية بند هروب، وهو سلطة التنازل عن رفض الامتثال لمتطلباتها. يمكن استخدام التنازل "في ظروف نادرة وغير عادية يبررها الأمن القومي للولايات المتحدة، ومع إخطار متزامن للرئيس".
أخيراً، ما لا يستطيع وزير الخارجية فعله هو التنازل عن متطلبات تقديم التقارير إلى الكونغرس وأولها التقرير النتظر في 8 مايو (أيار) الجاري.


تناقضات بايدن

وأضاف إندرفورث أنه منذ صدور مذكرة الأمن القومي، أدان بايدن والمسؤولون في إدارته علناً الطريقة التي أدارت بها إسرائيل حملتها العسكرية في غزة، وقالوا إن "قصفها العشوائي" يفقدها الدعم الدولي وأن هجومها قد يخرج عن نطاق السيطرة".
وعرض بايدن أقوى تقييم تأثير الحرب على الفلسطينيين الذين يعيشون هناك في خطاب حالة الاتحاد  في 7 مارس (آذار) الماضي، مشيراً إلى أن "أكثر من 30 ألف فلسطيني قتلوا. معظمهم ليسوا من حماس". وتابع "الآلاف والآلاف هم من النساء والأطفال الأبرياء. الفتيات والفتيان يتامى. ما يقرب من 2 مليون فلسطيني آخرين تحت القصف أو نازحون. بيوت مدمرة، وأحياء مدمرة، ومدن مدمرة. عائلات بلا طعام وماء ودواء. إنه أمر مفجع".

وفي الوقت نفسه، ظل بايدن ثابتاً في التعبير عن دعمه "الصارم" لإسرائيل في حربها ضد حماس. فهو لم يتخذ أي خطوات ملموسة لاستخدام نفوذ المساعدات العسكرية الأمريكية للتأثير على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، رغم استمرار الأخير في وضع خطط لغزو مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليون فلسطيني نازح بلا مأوى في ظروف صعبة وفي مواجهة المجاعة.

وقال الرئيس إنه يعارض مثل هذا الهجوم دون خطة لحماية المدنيين. ويقول نتانياهو إنه حدد موعد الهجوم وأنه يعتزم المضي قدماً فيه.


مسؤولية أمريكية 

في أواخر مارس (آذار) الماضي، أعطت إسرائيل وزارة الخارجية الضمانات المكتوبة التي تتطلبها المذكرة، وقعها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، ونصت على أن استخدامها للأسلحة التي زودتها بها الولايات المتحدة لن يكون لانتهاك القوانين الإنسانية في غزة.
وفي 25 مارس (آذار) الماضي، لم يقدم المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر أي إشارة إلى أن إدارة بايدن ترفض هذه المقترحات "لم نجد أنها تنتهك القانون الإنساني الدولي، عند إدارة الحرب أو عند تقديم المساعدة الإنسانية". ومضى يقول إن عمليات الإدارة لتقييم امتثال إسرائيل "لا تزال مستمرة، ولم تنتهِ عند هذه المرحلة"، وأن التقرير المطلوب بموجب المذكرة المقدمة إلى الكونغرس، سيقدم بحلول 8 مايو (أيار).
وأضاف الكاتب أن هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) لم يعفِ إسرائيل من مسؤوليتها عند تنفيذ عملياتها العسكرية بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. ولا يجب إعفاء الولايات المتحدة من مسؤوليتها في محاسبة الحاصلين على القنابل والصواريخ والذخائر الأمريكية الأخرى المنقولة على كيفية استخدامها.
سيكشف تقرير هذا الأسبوع إلى الكونغرس إذا كانت إدارة بايدن ستنهض لأداء واجباتها. وختم الكاتب بتأكيد ضرورة وضع لإدارة قيوداً على نقل المزيد من المساعدات العسكرية الهجومية الأمريكية، إلى إسرائيل.