وصلت الشرطة إلى حرم الجامعات الأمريكية بدءاً من نيويورك وصولاً إلى كاليفورنيا على مدار أسابيع، بناءً على طلب من مسؤولي الجامعات، وقمعت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين واعتقلت أكثر من 2100 شخص.

أولئك الذين اختاروا مساراً مختلفاً شهدوا توتراً أقل

وحضرت الشرطة بمعدات مكافحة الشغب، وقيدت الطلاب وأخرجتهم، وفي بعض الحالات البارزة، تصرفت بعنف.
بدأت حملة القمع العنيفة عندما استدعت رئيسة جامعة كولومبيا، نعمت شفيق، ضباط شرطة نيويورك إلى الحرم الجامعي في منتصف أبريل (نيسان) لوضع حد لاعتصامات الطلاب هناك، بعد يوم واحد من وعدها للكونغرس بأنها ستسحق الاحتجاجات غير المصرح بها وتؤدب الطلاب بسبب معاداة السامية.
من ناحية، أدى تدخل الشرطة إلى تفكيك المخيم مؤقتاً، ومن ناحية أخرى، شكّل هذا التدخل فشلاً استراتيجياً من جانب إدارة الجامعة. فإذا كانت الجامعة تحاول تجنب التعطيل، فقد انتهى الأمر بالدعوة إليه. 

ووصفت قناة "فوكس" الأمريكية القمع الذي تدخلت به الشرطة بأنه رد فعل مبالغ فيه على احتجاجات الطلاب.

لكن ذلك لم يحدث أيضاً من فراغ، ويندرج رد الشرطة بشكل مباشر ضمن نمط طويل من الكليات التي تقمع النشاط المؤيد للفلسطينيين والخطاب المناهض لإسرائيل، وهو نمط يعود تاريخه إلى عقود عديدة.
ففي الوقت الحالي، لا تطبق الجامعات قواعدها بشكل متساوٍ، حيث تحدد فقط بعض الأنشطة الطلابية باعتبارها خطاباً غير مقبول في الحرم الجامعي، وفي بعض الحالات، تقوم حتى بتغيير القواعد لاستهداف هذه الاحتجاجات على وجه التحديد، ويقال إن وزارة التعليم تجري الآن تحقيقاً مع جامعة كولومبيا بتهمة التمييز ضد الفلسطينيين.
وعلى عكس ما حدث في جامعة كولومبيا، تفاوض المسؤولون في جامعات براون ونورث ويسترن والعديد من الجامعات الأخرى مع الطلاب، وسمحوا لهم بمواصلة الاحتجاج، أو حتى توصلوا إلى صفقات لإنهاء المعسكرات، من خلال تلبية بعض مطالب المتظاهرين.

ونتيجة لذلك، تجنبوا ذلك النوع من الاضطراب والفوضى التي تتكشف في الجامعات والتي تستدعي الشرطة.
ووفق تقرير مراسل قناة "فوكس" عبدالله فياض، فإن هذه النتائج المتباينة بين الجامعات التي اعتمدت على الشرطة وتلك التي لم تعتمد ذلك، تقدم درساً مهماً حول كيفية إدارة الجامعات للنشاط داخل الحرم الجامعي، مع ضمان سلامة الطلاب وحماية حرية التعبير.

رد فعل فوضوي ومضلل على الاحتجاجات

كانت المظاهرة في كولومبيا بمثابة احتجاج طلابي عادي، وكان المتظاهرون يرفعون مستوى الوعي حول مشكلة ما ويطلبون من جامعتهم أن تفعل شيئاً حيالها.

واستُخدمت المعسكرات كتكتيك احتجاجي في الحرم الجامعي لعقود من الزمن، بما في ذلك في السنوات الأخيرة، مثلما حدث عندما قام الطلاب بحملات لسحب الاستثمارات ضد الوقود الأحفوري.
ولم يكن الاحتجاج في جامعة كولومبيا في حد ذاته مزعجاً بشكل خاص، حتى إن الشرطة قالت إن المتظاهرين كانوا سلميين. ولم يعيقوا الطلاب الآخرين عن أنشطتهم اليومية، بما في ذلك حضور الفصول الدراسية. 

وفي الثمانينيات، عندما احتج طلاب جامعة كولومبيا ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بنفس مطالب سحب الاستثمارات التي طالب بها المتظاهرون الحاليون، حاصروا مبنى الحرم الجامعي لمدة ثلاثة أسابيع. وتوصلت الجامعة وقتها إلى اتفاق مع الطلاب المتظاهرين بدلاً من اللجوء إلى الشرطة لتفريق المظاهرة.
وأشار التقرير إلى أنه لم يسبق أن اجتذب الحرم الجامعي مثل هذا الرد الضخم من الشرطة الوطنية بهذه السرعة.

وقال مراسل القناة الأمريكية إن ما يحدث الآن يبدو مشابهاً لكيفية استجابة الجامعات للاحتجاجات المناهضة للحرب في الستينيات والسبعينيات، عندما قامت الجامعات، بما في ذلك جامعة كولومبيا، بقمع الطلاب بعنف.

وفي عام 1970، أطلق الحرس الوطني النار على المتظاهرين في ولاية كينت بولاية أوهايو وقتل 4 أشخاص. ومع ذلك، يقول المراسل، كما كتبت زميلتي نيكول ناريا، كانت الاحتجاجات آنذاك أكثر عدوانية من المعسكرات في الجامعات اليوم.
وغالباً ما يكون الخط الفاصل بين الاحتجاج القانوني وغير القانوني واضحاً. يحق للطلاب الاحتجاج في بعض مناطق الحرم الجامعي، لكن احتلال المبنى يشكل تعدياً على ممتلكات الغير. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه القواعد نادراً ما يتم تطبيقها بالتساوي.
في كثير من الحالات، زعمت الجامعات أن الاحتجاجات كانت مدمرة، وأشارت إلى حقيقة أن بعض الطلاب اليهود شعروا أن المعسكرات خلقت بيئة غير آمنة لهم في الحرم الجامعي.
وفي حين أن المضايقات والترهيب يمكن أن تكون أسباباً للتدخل من أجل إنفاذ القانون، فإن الاتهامات الموجهة ضد هؤلاء المتظاهرين ركزت في الغالب على هتافاتهم وشعارات حملاتهم الانتخابية، وفي كثير من الحالات تخلط بشكل خاطئ بين الخطاب المناهض لإسرائيل ومعاداة السامية.

جدير بالذكر أن الطلاب المتظاهرين المعتقلين متهمون إلى حد كبير بالتعدي على ممتلكات الغير، وليس بالتحرش أو أعمال العنف.

وأدت مثل هذه المزاعم إلى تفاقم الاحتجاجات. كما أنها عرضت الطلاب وأعضاء هيئة التدريس للخطر، حيث قامت الشرطة باعتقالات عنيفة، وكان هناك تواجد غير  مبرر للقناصة على الأسطح في جامعة إنديانا. 

هل هناك استجابة أفضل؟

ولم يلجأ مسؤولو جميع الجامعات إلى الشرطة رداً على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، وأولئك الذين اختاروا مساراً مختلفاً فقد شهدوا توتراً أقل.
على سبيل المثال، وافقت كلية إيفرغرين ستيت على مطالب طلابها، ووعدت بسحب استثماراتها من الشركات التي تستفيد من انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووافق الطلاب على إنهاء معسكرهم رداً على ذلك.
وخلص التقرير إلى أن هناك طريقة بسيطة للتعامل مع هذه الاحتجاجات، ؛ وهي التعامل معها مثل الاحتجاجات الأخرى.