يبدو أن التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بشأن ارتكابه جرائم حرب محتملة في الحرب المستمرة داخل قطاع غزة، قد يضع الرئيس الأمريكي جو بايدن في موقف صعب، حيث يسعى البيت الأبيض إلى حماية نتانياهو من الملاحقة القضائية.

وذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا طرفين في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أن المخاوف تتزايد في كلا البلدين بشأن الحكم المحتمل للتحقيق الجاري من قبل المحكمة الدولية في الانتهاكات المشتبه بها التي تم ارتكابها داخل الأراضي الفلسطينية، ومن المحتمل أن تمثل هذه القضية مشكلة بالنسبة لإدارة بايدن، التي أيدت قرار المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا على الرغم من عدم انضمام واشنطن أو موسكو رسمياً لها.

محاكمة الأصدقاء

وقال المدعي العام الأول للمحكمة الجنائية لمجلة "نيوزويك" إنه فيما يتعلق بروسيا، كان هناك إجماع كامل ضد العدوان الروسي، وعندما قرأت خطاب الأمريكيين في مجلس الأمن، كانوا غاضبين من قيام روسيا بعرقلة الإجماع لحماية القانون".

وأضاف "الآن الولايات المتحدة هي التي تعرقل الإجماع على تطبيق القانون، وهذه مشكلة".

وقال مورينو أوكامبو، الذي نجح في محاكمة 3 رؤساء دول خلال فترة ولايته التي استمرت 9  سنوات، إنه قام بتقييم القضايا المفتوحة المتعلقة بإسرائيل، لكن المسؤولين الأمريكيين طلبوا منه مرتين وقف هذه الجهود.

وبينما أشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تمضي قدماً في التحقيقات في التقارير التي تفيد بارتكاب حماس فظائع خلال هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الذي أشعل الصراع، أضاف أن أي جهود للضغط على المحاكم الدولية كانت بمثابة عائق أمام العدالة العالمية.

وقال مورينو أوكامبو: "يجب ألا نقبل أن تقول الحكومة إنه لا يمكنك محاكمة هذا الشخص لأنه صديقي، هذا ليس ما يحتاجه العالم، أعتقد أنها مشكلة".

وتابع "أعتقد أنها مشكلة خطيرة لأن سياسة الولايات المتحدة تهدف إلى حماية أصدقائها".

وكانت الولايات المتحدة واحدة من 7 دول فقط، التي صوتت ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنشاء محكمة جنائية دولية في عام 1998.

ووقع الرئيس بيل كلينتون آنذاك على القرار، وأبلغ خليفته، الرئيس السابق جورج دبليو بوش، الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة ليس لديها أي نية للانضمام إلى المحكمة.

سياسة واشنطن تجاه المحكمة الدولية

وأضاف أن "الكونغرس الأمريكي أشاد عندما أحال مجلس الأمن قضية ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية أو في دارفور في أوغندا، لذا فإن الأمر يعتمد على القضية".

وتابع "بالطبع، عندما ترفع قضايا ضد الأعداء، ستكون الولايات المتحدة سعيدة، ولكن هذا هو السبب في أن المدعي العام مستقل".

على الرغم من أن إدارة بايدن ظلت معارضة علانية لأي جهود لمحاكمة إسرائيل، إلا أن الزعيم الأمريكي الحالي دعم في نهاية المطاف تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في بوتين، بعد محاولته إنشاء محكمة محلية منفصلة للإشراف على الإجراءات في أوكرانيا.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه المحكمة الجنائية الدولية، التي تضم حالياً 124 طرفاً في نظام روما الأساسي، قد تم وضعها مرة أخرى على المحك، حيث يواجه نتانياهو محاكمة محتملة بشأن الحرب في غزة.

وظهرت خلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب دعوات البيت الأبيض المتكررة لنتانياهو لبذل المزيد من الجهد لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين وتوسيع المساعدات الإنسانية، لكن المسؤولين الأمريكيين أكدوا أنهم ضد إحالة إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل للصحافيين الأسبوع الماضي: "إن جوهر هذا الأمر بالنسبة للولايات المتحدة هو أننا لا نعتقد أن المحكمة الجنائية الدولية لها ولاية قضائية على هذا الأمر، ومع ذلك، فإننا نعمل بشكل وثيق مع المحكمة الجنائية الدولية في عدد من المجالات الرئيسية. ونعتقد أنهم يقومون بعمل مهم - عمل مهم فيما يتعلق بأوكرانيا ودارفور والسودان. ولكن مرة أخرى، في هذه الحالة بالذات، أنا آسف، ليس لديهم سلطة قضائية".

من جانبه، قال أحد كبار المسؤولين في إدارة بايدن لمجلة نيوزويك إن البيت الأبيض لم يخطط لاستهداف مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية بنفس الطريقة التي اتبعتها إدارة ترامب.

وبعد التواصل معه للتعليق على تحقيق المحكمة الجنائية الدولية والإجراءات الأمريكية المحتملة لعرقلته، قال متحدث باسم مكتب نتانياهو لمجلة نيوزويك: "نتوقع اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة المطبقة على القانون لمنع هذا العبث".

وقال متحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية لمجلة نيوزويك إن "مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لديه تحقيق حالي ومستمر فيما يتعلق بالوضع في دولة فلسطين".