تحت أشعة الشمس الساطعة، وصلت الشعلة الأولمبية اليوم الأربعاء على متن السفينة بيليم ذات الصواري الثلاثة، قبالة سواحل مارسيليا، حيث سترسو مساءً وبانتظارها 150 ألف متفرج، وذلك بعد مرور مائة عام على دورة الألعاب الأولمبية الصيفية الأخيرة في فرنسا.

على بعد 79 يوماً من حفل افتتاح ألعاب باريس المقرّرة بين 26 يوليو (تموز) و11 أغسطس (آب)، وصلت السفينة "بيليم" قبالة سواحل ثاني أكبر مدينة في فرنسا، مبحرة وسط أمواج البحر الأبيض المتوسط الهادئة تحت سماء زرقاء، على متن سفينة جمركية. وبدأ العرض البحري الكبير الذي يرافقه ألف قارب.
وفي الميناء القديم، حيث سيتم إيقاد المرجل الأولمبي للمرّة الأولى، انشغل الفنيون صباح الأربعاء في الاستعدادات النهائية للاحتفال، قبل وصول الجماهير وتحت مراقبة ترسانة أمنية مهمة.


سيكون فلوران مانودو، البطل الأولمبي في منافسات السباحة عام 2012، هو أول حامل للشعلة التي ستصل الى مضمار ألعاب قوى عائم تم إنشاؤه لهذه المناسبة.
"وأخيراً سننطلق! إنها البداية"، هكذا لخّص مساء الثلاثاء توني إستانغيه، رئيس اللجنة المنظّمة لأولمبياد باريس، مدينة مرسيليا التي أصبحت "مركز العالم" كما عبّر بكل فخر عمدة المدينة بونوا بايان.
ومن المتوقع أن يتابع مليار مشاهد و150 ألف شخص في الموقع، بالإضافة إلى حوالي 1500 صحافي معتمد من جميع أنحاء العالم، وصول الشعلة.
"قبل فرنسا، مرسيليا تشتعل"، هذا ما كتبته صحيفة لو باريزيان، الصحيفة اليومية الوطنية الوحيدة التي خصّصت صفحتها الأولى لـ"الحمى الأولمبية".


- قصاصات ورق قابلة للتحلل ولافتات -
منذ أيام عدة، وللتحضير لهذا الحدث البارز الأول قبل دورة الألعاب الأولمبية، كان العمل مكثفًا في ميناء مرسيليا القديم، في خليج لاسيدون نفسه حيث أسّس فيه البحارة اليونانيون الذين وصلوا قبل 2600 عام المستعمرة ماساليا التي تعرف اليوم باسم مدينة مرسيليا.
تمت زيارة جميع البواخر الراسية البالغ عددها 3400 بواسطة فرق إزالة الألغام وكلابها الـ80. وأضاءت الحروف البارزة لاسم مدينة مرسيليا والتي تم تركيبها عند المدخل الشمالي للمدينة بألوان الحلقات الأولمبية، مثل الأوبرا أو قصر الفارو.
وستدخل السفينة إلى الميناء القديم. وبحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سيتم استقبالها بعرض للألعاب النارية من "قصاصات الورق المعاد تدويرها القابلة للتحلّل"، وموسيقى أوركسترا مرسيليا الفيلهارمونية ولافتات لمشجعي نادي أولمبيك مرسيليا فريق كرة القدم الرمزي للمدينة.
بعد ذلك سيتم إشعال المرجل الأولمبي، على رصيف الأخوة (كي دو لا فراتيرنيتيه)، عند مصب نهر كانيبيير الشهير. لكن التشويق لا يزال قائماً حول هوية الشخص الذي سيكون مسؤولا عن هذه المهمة، والذي ربما لن يكون فلوران مانودو.
أخيرًا، سيختتم هذا اليوم بحفل موسيقي كبير لمغني الراب المولودين في مرسيليا، سوبرانو وألونزو والذي سيشكل أيضًا تحديًا أمنيًا، مع تعبئة أكثر من 6 آلاف من أفراد الشرطة، بما في ذلك ضباط شرطة من وحدات النخبة المتخصصة في الغارات أوّ أعضاء الألوية البحرية.
وسيصل عدد القوى الأمنية بما فيها الوكلاء المستقلون للبحرية (رجال الإطفاء البحارة، وضباط الشرطة التابعون للبلدية، وغيرهم)، إلى 8500 شخص، أي أكثر من أولئك الذين تم نشرهم في سبتمبر (أيلول) 2023 خلال زيارة البابا فرنسيس.
كما ستكون مدينة مرسيليا التي سيتم مراقبتها براً وبحراً، تحت "فقاعة أمنية" جوية، مع طائرة مراقبة من طراز "أواكس"، وثلاث طائرات رافال، ومروحيات، وجهاز مضاد للطائرات بدون طيار.
 ليس فقط الأشخاص السعداء 
لكن وصول الشعلة إلى مارسيليا لا يجعل الناس سعداء فحسب. وحتى الثلاثاء، أدان خمسة من دعاة حماية البيئة المنتخبين من مارسيليا "انحراف المثل الأولمبية"، في عمود نشر على موقع ليبراسيون الإلكتروني.
ودعت تجمعات عدة إلى تنظيم مظاهرة احتفالية في وسط المدينة، الأربعاء، في وقت مبكر من بعد الظهر، "لإظهار أنه يمكننا تنظيم احتفال شعبي باسم الرياضة، دون استغلال أو قمع أو تدمير".
وستبقى الشعلة في مارسيليا الخميس، حيث ستبدأ رحلة مدتها 69 يومًا عبر فرنسا، بما في ذلك البرّ الرئيسي لفرنسا وخارجها. ومن المقرّر الوصول إلى باريس في 26 يوليو (تموز)، يوم حفل الافتتاح، لإضاءة المرجل الأولمبي.