تبنت أوكرانيا واحداً من أكثر التكتيكات الروسية تشاؤماً والذي ينص على إطلاق سراح المجرمين المدانين الذين يوافقون على القتال في ألوية هجومية شديدة الخطورة أمام الجيش الروسي، لسد النقص الحاد في عدد المشاة على خط المواجهة.

الأمر متروك للقوات الأوكرانية للتعامل مع القوات الجديدة على قدم المساواة

وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" أنه تم إطلاق سراح أكثر من 2750 رجلاً من السجون الأوكرانية منذ أن اعتمد البرلمان قانوناً منتصف الشهر الماضي قانوناً يسمح لبعض المدانين بالتجنيد، بما في ذلك السجناء بتهم الاتجار بالمخدرات وسرقة الهواتف وارتكاب الاعتداءات المسلحة والقتل، وبعض الجرائم الخطيرة الأخرى.

الحرية مقابل القتال!

وبحسب مذكرة سرية للبرلمان الأوكراني ورد فيها أنه "سعياً للانتقام من روسيا، أو سعياً وراء الخلاص الشخصي والحرية، لنترك السجناء يستبدلون بدلات السجن الزرقاء والبنية وحتى الحمراء (في إشارة للمدانين بالإعدام)، بزي الجيش الأوكراني في الخطوط الأمامية من الجبهة".

وذكرت الصحيفة، إن تجنيد المجرمين وهو ممارسة شائعة في روسيا، حيث تم إطلاق سراح عشرات الآلاف للقتال في أوكرانيا ، هو أحدث علامة على كفاح كييف من أجل تجديد قواتها، التي استنفدت بعد أكثر من عامين من القتال المتواصل تقريباً أغلب خياراتها.

وبينت الصحيفة، أنه على الرغم من أن البرلمان الأوكراني وافق على "قانون التعبئة الجديد" الذي يهدف إلى توسيع قاعدة التجنيد، إلا أن التشريع لم يسفر بعد عن عدد كاف من القوات الجديدة. 

وفي هذه الأثناء، تحاول هيئة الأركان العامة الأوكرانية العثور على مقاتلين أصحاء حيثما استطاعت، وإعادة تعيين بعض الجنود من المواقع الخلفية لأدوار قتالية وتجنيد السجناء.

وبموجب قوانين التعبئة الحالية في أوكرانيا، يمكن للرجال والنساء التسجيل للقتال من تلقاء أنفسهم في سن 18 عاماً، ولكن لا يجوز تجنيد سوى الرجال الذين تبلغ أعمارهم 25 عاماً فما فوق. 

وقاوم الرئيس فولوديمير زيلينسكي خفض سن التجنيد أكثر، فقد تم تخفيضه من 27، ويرجع ذلك جزئياً إلى الضغوط الاجتماعية لحماية أصغر الرجال في أوكرانيا من الحرب.

امتيازات

وبدلاً من ذلك، ولملء الرتب، يقوم ضباط التجنيد بإيقاف الرجال في سن القتال في الشوارع لطلب أوراق التسجيل العسكرية الخاصة بهم، كما يقدم القائمون على التوظيف امتيازات مالية لأولئك الذين يتطوعون قبل استدعائهم، والآن يقوم الجيش بزيارة السجون للبحث عن متطوعين بين السجناء مقابل الحرية.

وذكر تقرير الصحيفة، أنه ليس كل المجرمين مؤهلين، وأشار إلى أن أولئك الذين قتلوا أكثر من شخص أو ارتكبوا أعمال عنف جنسي أو انتهكوا قوانين الأمن القومي غير مؤهلين، على أن يكون أي سجين ينضم للقتال لائقاً بدنياً، وأن يجتاز اختباراً نفسياً، وألا يتجاوز عمره 57 عاماً، مما يسمح له بالخدمة لمدة 3 سنوات على الأقل قبل بلوغ سن الإعفاء وهو 60 عاماً.

ويصر المسؤولون الأوكرانيون على أن برنامج إطلاق سراح السجناء هو برنامج دستوري وأخلاقي وعملي خلال زمن الحرب، بالنظر إلى أن الآلاف من الرجال في سن القتال يجلسون خلف القضبان بدلاً من شغل أدوار حاسمة على الجبهة.

وأضاف تقرير الصحيفة، أنه وخلافاً لما حدث في روسيا، حيث كانت مجموعة فاغنر من المرتزقة هي الرائدة في تجنيد المجرمين، فلن يتم تجنيد المدانين في أوكرانيا إلا في الجيش الرسمي وسيحصلون على نفس المزايا التي يحصل عليها الجنود النظامين.

الحاجة تغلب الثقة

وقال أحد المسؤولين العسكريين المشاركين في العملية، والذي تحدث للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة الخطة بصراحة: "لا أحد يثق في هذا، لكننا بحاجة إليه". 

وقال هذا المسؤول إنه يخشى أن يتسبب السجناء في حدوث اضطرابات على الخطوط الأمامية أو هجر مواقعهم. 

وقال إنه يفضل أن تخفض أوكرانيا سن التجنيد إلى 18 عاماً وتسمح للكتائب بتجنيد رجال أصغر سناً وأكثر لياقة بدلاً من المدانين. لكنه قال إنه لا يتوقع أن يغير زيلينسكي مسودة القواعد مرة أخرى في أي وقت قريب، خوفاً من أنه سيفقد الدعم إذا أجبر الشباب على حمل السلاح.

وقال أوليه بيترينكو، الذي يقوم بالتجنيد من السجون لصالح لواء الهجوم المنفصل الثالث في أوكرانيا، إنه سيستخدم "نفس الأيديولوجية بالضبط" عند اختيار المتقدمين من السجن كما يفعل عند غربلة المدنيين العاديين.

وقال إن الأمر متروك للقوات الأوكرانية للتعامل مع القوات الجديدة على قدم المساواة، وإلا فإن الكلمة ستعود إلى السجون وسيتم تحفيز عدد أقل من الرجال للانضمام للجنود على خطوط الجبهة.