أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أنه بعد مرور أكثر من 8 أشهر على هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، تحول الصراع مع تنظيم "حزب الله" اللبناني الذي كان يُنظر إليه في بداية الحرب على أنه "ثانوي" إلى "التهديد الرئيسي لإسرائيل"، مشيرة إلى أنه يحرق شمال البلاد بالصواريخ، وتسبب بتهجير عشرات الآلاف من الإسرائيليين.

وأضافت "يديعوت" في تقرير بعنوان "هكذا أصبح حزب الله التهديد الرئيسي والأكثر إلحاحاً لإسرائيل"، أنه بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، كانت هناك مخاوف لدى المؤسسة الأمنية من أن يكون تحرك حماس مُجرد مرحلة أولى في هجوم منسق بين الحركة  وحزب الله وإيران على إسرائيل، ولكن سرعان ما تبددت تلك المخاوف في غضون أيام قليلة.ووفقاً للصحيفة، اعتبرت إسرائيل آنذاك أن الحملة النارية التي أطلقها حزب الله في الشمال والحوثيون في الجنوب بمثابة أحداث ثانوية تهدف إلى مساعدة حماس في حربها وإجبار إسرائيل على تشتيت قوات الجيش الإسرائيلي على 3 ساحات بما فيها الضفة الغربية، موضحة أن النظرة الاستراتيجية في إسرائيل كانت أن حماس يجب أن تُهزم أولاً عسكرياً ومدنياً في غزة، وعندما يحدث ذلك، سيتم ردع حزب الله الذي سيوافق على قبول تسوية سياسية تُبعد كتائب الرضوان وصواريخها المضادة للدبابات عن المنطقة الحدودية.

 

 


حرب إقليمية

وتقول الصحيفة إنه خلال الأشهر الأخيرة، خصوصاً منذ الهجوم الإيراني على إسرائيل في أبريل (نيسان)، تحولت الحرب من حدث فلسطيني إسرائيلي عنيف للغاية، بل ومميت، إلى حرب إقليمية شاملة، ستكون لها نتائج وآثار أمنية استراتيجية، بل وحتى وجودية.


تحول حزب الله

وفي الأشهر الأخيرة، أصبح حزب الله، الذي يشكل رأس حربة نظام الوكيل الإيراني، التهديد الرئيسي الذي يجب على إسرائيل إزالته بشكل عاجل، ليس فقط لأن "حزب الله" أفرغ الجليل الشمالي من سكانه وزرع الدمار والحرائق في هذه المنطقة، بل لأنه يحتجز أيضاً نحو 50 ألف إسرائيلي كرهائن لا يستطيعون العودة إلى منازلهم إلا إذا سمح لهم نصر الله وخامنئي بذلك.
وتابعت الصحيفة: "بالوقت الذي يقترب فيه الجيش الإسرائيلي من التغلب على القوة العسكرية لحماس ويعمل على تآكل قدراته الحكومية المدنية بشكل كبير؛ وفي الضفة الغربية، ينجح في منع اندلاع الانتفاضة، إلا أنه في الساحة الشمالية، يكاد يكون الجيش الإسرائيلي غير قادر على تحقيق أي هدف استراتيجي مهم في هذه الأثناء، وبالتأكيد ليس هدفاً من شأنه أن يدفع حزب الله إلى المطالبة بوقف إطلاق النار"، وخلافاً لتوقعات الجيش الإسرائيلي، فإن مشهد الدمار والخراب في قطاع غزة لا يردع التنظيم اللبناني ورعاته الإيرانيين، والدليل على ذلك أنه رداً على كل ضربة موجعة من جانب إسرائيل يصعد الحزب ردوده النارية، وحتى أن حكام إيران الحذرين لم يخجلوا وشنوا هجوماً قوياً ومباشراً بالصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل، وهو الأمر الذي تجنبوه لأكثر من عشر سنوات خلال الحملة بين الحروب".

 

 


قرار واضح

ورأت يديعوت أنه إذا لم تنه إسرائيل الصراع في الشمال بقرار واضح يعيد الردع، ليس فقط تجاه حزب الله، بل أيضاً تجاه إيران، فقد تواجه إسرائيل في غضون سنوات ليست طويلة هجمات متكررة تهدف إلى إنهاك إسرائيل عسكرياً ومعنوياً، مشيرة إلى أن هذا الاتجاه سوف يتفاقم عندما تمتلك إيران قريباً سلاحاً نووياً أو القدرة على إنتاج مثل هذا السلاح في غضون أسابيع قليلة.
وتابعت الصحيفة: "خلاصة القول هي أنه على إسرائيل أن تغير أهداف الحرب، إن هزيمة حماس العسكرية وإطلاق سراح الرهائن لن يكونا كافيين بعد الآن، الشمال هو الشيء الرئيسي حالياً"، مضيفة أن الوضع الذي خلقه حزب الله خلال الأشهر الماضية في المنطقة الشمالية يتطلب أيضاً تغييراً جوهرياً في ترتيب الأولويات الأمنية وأهداف الحرب.

 

 


مسكنات

وأوضحت أن إبعاد التنظيم إلى مسافة 10 كيلومترات أو حتى أكثر قليلاً، لا يغير شيئاً على صعيد التهديد الاستراتيجي في جنوب لبنان، مشيرة إلى أن الحرب الحالية أدخلت إيران إلى المعادلة الشمالية، وبالتالي فإن أي ترتيب دبلوماسي سيكون بمثابة "باراسيتامول" لسرطان معمم ومزمن.
ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية "في الأشهر الأخيرة، اكتسب حزب الله وإيران الثقة بالنفس والدافع لمواصلة تقويض إسرائيل، وإذا كنا لا نستطيع بمساعدة الولايات المتحدة والعناصر المعتدلة في المنطقة، وقف إيران وحزب الله وشبكة وكلائهما، فسوف نشهد قريباً المزيد من الهجمات على غرار ما حدث في السابع من أكتوبر"، مشددة على أن النصر الاستراتيجي مطلوب في الحرب المتعددة المساحات التي تخوضها إسرائيل الآن.
وأضافت أنه لا يمكن لإسرائيل أن تحقق مثل هذا النصر بمفردها، ويجب مساعدتها وتنسيق تحركاتها لتحقيق هذه الغاية مع الولايات المتحدة والدول الموالية للغرب في المنطقة واستعادة جزء كبير من الشرعية التي فقدتها إسرائيل.