قدمت منظمتان رئيسيتان للرعاية الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية نصائح متناقضة حول استخدام أدوية إنقاص الوزن لدى المراهقين المصابين بالسمنة، ما يؤكد ضآلة المعروف علمياً عن تأثيرات هذه الأدوية.

ووفق تقرير حديث لـ "نيو ساينتست"، أدت زيادة عدد أدوية التنحيف في السوق إلى تعزيز الارتباك حول العمر المناسب للأطباء لاقتراح البدء في استخدامها، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال.

والآن، فإن النصائح المتضاربة التي قدمتها منظمتان رئيسيتان للرعاية الصحية في الولايات المتحدة تزيد من تعقيد الأمور.

في العام الماضي، فاجأت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال الناس عندما أوصت باستخدام أدوية إنقاص الوزن للأطفال في سن 12 عاماً في محاولة لمعالجة معدلات السمنة المرتفعة في مرحلة الطفولة.

وتشمل هذه الأدوية سيماغلوتيد، الذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج السمنة لدى المراهقين، ويُباع تحت الاسم التجاري "ويغوفي" أو "أوزيمبيك".

كما وافقت السلطات الصحية في عدة مناطق من العالم على هذه الأدوية للمراهقين.

رأي معارض

لكن المبادئ التوجيهية التي نشرتها مؤخراً فرقة عمل الخدمات الوقائية الأمريكية (USPSTF)، وهي لجنة استشارية تتألف من خبراء صحيين مستقلين، تتناقض مع هذا الاقتراح، حيث وجدت أنه لا يوجد دليل كاف لتقديم توصية بشأن أدوية إنقاص الوزن للمراهقين.

إن تحديد متى، أو ما إذا كان من الآمن والفعال استخدام هذه الأدوية عند الأطفال، أمر بالغ الأهمية.

لقد تضاعف انتشار السمنة لدى الأطفال على مستوى العالم 4 مرات منذ عام 1990، ما يعرض عدداً متزايداً من الأطفال لخطر متزايد للإصابة بحالات مرتبطة بالسمنة مثل أمراض القلب والسكري من النوع 2 وأمراض الكبد.

واستندت الموافقة على هذه الأدوية للمراهقين إلى تجربة سريرية أجريت من عام 2019 إلى عام 2022 على أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاماً يعانون من السمنة، ووجدت النتائج أن السيماغلوتيد يقلل من الوزن بنحو 16% في المتوسط.

وتقول سارة بارلو من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: "بمجرد أن أصدرت إدارة الغذاء والدواء هذه الموافقات - وقد جاء العديد منها بينما كنا نعمل على عملية كتابة المبادئ التوجيهية - لم نتردد حقًا في تضمين [أدوية إنقاص الوزن] كجزء من المبادئ التوجيهية".

وتوصي هي وزملاؤها في الأكاديمية بتقديم أدوية التنحيف للأطفال المصابين بالسمنة بدءًا من سن 12 عاماً، جنباً إلى جنب مع التدخلات السلوكية التي تركز على التغذية وممارسة الرياضة.

وتقول بارلو: "نحن نتبع حقاً نهجاً شاملاً للطفل، وهذا يعني فهماً حقيقياً لجميع الطرق التي يمكننا من خلالها مساعدة الأسر. وكجزء من مجموعة الأدوات، هناك وقت ومكان لأدوية السمنة".

عدم كفاية الأدلة

ومع ذلك، توصلت فرقة العمل للخدمات الوقائية الأمريكية إلى استنتاج مختلف. فقد وجدت أدلة غير كافية لتقديم توصية بشأن أدوية إنقاص الوزن لدى المراهقين، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتأثيرات طويلة المدى.

فقد قامت 8 تجارب فقط بإجمالي أقل من 1500 طفل بتقييم هذه الأدوية، وكان لكل دواء تجربة واحدة فقط استمرت لمدة عام على الأقل.

"المراهقون ليسوا مجرد بالغين صغار"، يقول توماس روبنسون من جامعة ستانفورد، "إنهم ينمون ويتطورون. ما هي التأثيرات على الدماغ النامي؟ على نمو العظام وقوتها؟ هناك الكثير من الأسئلة المفتوحة".

ولأنه يجب استخدام أدوية إنقاص الوزن هذه إلى أجل غير مسمى، أو هناك خطر استعادة الوزن المفقود، لذا فإن الدراسات طويلة الأمد هي المفتاح، كما تقول واندا نيكلسون من فريق العمل للخدمات الوقائية الأمريكية.

لكن حتى في غياب هذه البيانات، تعتقد بارلو أنه من المناسب علاج الأطفال بأدوية إنقاص الوزن نظراً للآثار الضارة للسمنة.

وتشير بارلو إلى مثال، وجد تحليل أجري عام 2019 لأكثر من 1.5 مليون مراهق أن الأطفال المصابين بالسمنة كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري بنسبة 1.4 مرة، وأكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 4.4 مرة، وأكثر عرضة للإصابة بأمراض الكبد بنسبة 26.1 مرة من أولئك الذين يتمتعون بوزن صحي.

ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت أدوية إنقاص الوزن تخفض هذه المخاطر بشكل ملموس.

لقد وجدت فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية أن دواء واحد فقط، وهو عقار كسيميا، قد خفض ضغط الدم لدى الأطفال، وكان عقار سيماغلوتيد هو الوحيد الذي أدى إلى تحسنات طفيفة في نوعية الحياة، مثل الراحة الجسدية.

وفي ظل غياب أدلة طويلة الأمد تعتمد على دراسات تمتد لسنوات يعلق روبنسون: "أعتقد أن عدم وجود أدلة لا يعني أن الأدلة ضده".