ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن المسؤولين المشاركين في محادثات وقف إطلاق النار في غزة يختلفون حول العديد من الأمور، ولكنهم بدأوا في إيجاد أرضية مشتركة على الأٌقل، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة، وهي لاعب رئيسي في المفاوضات، كانت تبالغ في الترويج لمدى قرب الأطراف المتحاربة من التوصل إلى اتفاق.

 ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مطلعين قولهم "إن هذه المبالغة كانت سواء لمنع هجوم إيراني على إسرائيل، أو للضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لإنهاء الحرب، أو للتفاخر بالتقدم الذي أحرز خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي، أصر المسؤولون الأمريكيون في الأسابيع الأخيرة على أن المفاوضات تحرز تقدماً، في حين تجاهلوا الخلافات الشديدة بين إسرائيل وحماس".

غياب الثقة

وقال شخص مطلع على الاجتماع الذي جرى بين رئيس وزراء إسرائيل بنامين نتانياهو ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في القدس، إن بلينكن خرج مقتنعاً بأن نتناياهو ملتزماً بالاقتراح.

وأضاف الشخص أنه كان من الواضح في الاجتماع أن رئيس الوزراء كان يشعر بضغوط لتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة، وكان قلقاً بشأن هجوم وشيك من إيران أو حزب الله إذا فشلت المحادثات. وقال لبلينكن إن أياً من هذه الأولويات لا يمكن معالجتها دون وقف إطلاق النار.

ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين والمصريين والقطريين إنهم لا يشاركون بلينكن ثقته في نتانياهو ويشتبهون في أن رئيس الوزراء عازم على مواصلة الحرب - وهو المنظور الذي يتقاسمه معه محللون بارزون.

وأَضاف المسؤولون: "لقد كان نتانياهو واضحاً تماماً منذ أشهر أنه ليس لديه مصلحة في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الكامل المكون من ثلاث مراحل والذي من شأنه أن ينهي الحرب بالفعل".

وبدأ الصراع في السابع من أكتوبر(تشرين الأول) عندما اقتحم مقاتلون تابعون لحركة حماس جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 250 آخرين كرهائن. وردت إسرائيل بقصف غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

ومنذ ذلك الحين، نزح ما يقرب من 2.1 مليون شخص في غزة، وحذرت وكالات الإغاثة من المجاعة، وانتشرت الأمراض المعدية، بما في ذلك شلل الأطفال، مما دفع الأمم المتحدة إلى الدعوة إلى وقف إطلاق النار العاجل حتى تتمكن عمليات التطعيم من البدء.

ومن المتوقع أن يجتمع كبار المفاوضين بالمحادثات في القاهرة في الأيام المقبلة لمحاولة سد الفجوة، حيث سيجمعون مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام جيه بيرنز؛ وديفيد برنيا، رئيس وكالة الاستخبارات الإسرائيلية، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

تقدم متواضع

فيما قال دبلوماسيان مطلعان على الأمر إن المحادثات في القاهرة أمس الجمعة شملت مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين ومصريين، لكن التقدم كان متواضعاً، واقترحت إسرائيل بناء ثمانية أبراج مراقبة على طول ممر فيلادلفيا، واقترحت الولايات المتحدة برجين، ورفضت مصر "تماماً" بناء أي منها.

وأضاف دبلوماسيون أن مصر من المرجح أن تتمسك بموقفها ضد الوجود الإسرائيلي غير المحدود على طول الحدود.

وقال مسؤول مصري سابق مطلع على المحادثات إن "مصر لن توافق أبداً" على أي وجود عسكري إسرائيلي على طول ممر فيلادلفيا.

بينما تواصل إدارة بايدن إظهار الثقة بشأن المحادثات، فإنها تعمل بجهد كبير خلف الكواليس لمحاولة دفع الصفقة إلى الأمام. وقال البيت الأبيض في بيان أمس الجمعة إن الرئيس جو بايدن تحدث مع زعماء مصر وقطر "لمناقشة الجهود الدبلوماسية لإتمام وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن".

فيما قال أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي بشكل خاص إن رئيس الوزراء عرقل قدرتهم على تقديم عروض ذات مغزى خلال الجولات العديدة الأخيرة من المحادثات، وفقًا لتقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية. ويشكو نتانياهو من أن المفاوضين، بما في ذلك رئيس جهاز المخابرات الخاص به، على استعداد كبير لتقديم التنازلات، حيث أخبر الحلفاء السياسيين مؤخراً أنهم "يظهرون الضعف"، وفقاً للقناة 12 الإسرائيلية.

لكن نتانياهو يتعرض أيضاً لضغوط من حلفائه اليمينيين الرئيسيين، الذين هدد بعضهم بإسقاط حكومته إذا علق حرب غزة في وقت مبكر جداً

وقال آرون ديفيد ميلر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط الذي قدم المشورة للإدارات الجمهورية والديمقراطية: "نتانياهو يلعب من أجل الوقت - ويلعب بالولايات المتحدة".

وأضاف ميلر: "إن إدارة بايدن عالقة في طريق مسدود للمفاوضات يبدو أنه لا يوجد مخرج منه".

يذكر أن حرب إسرائيل وحماس في غزة مستمرة منذ شهور طويلة، وامتدت التوترات إلى منطقة الشرق الأوسط المحيطة، حيث نشب صراعاً بين إسرائيل وحزب الله خلال الشهور الماضية.